38serv

+ -

وجدت الأحزاب التي توّحدت انتخابيا ونجحت في صد مد اليمين المتطرف في فرنسا، صعوبة كبيرة في نقل تحالفها إلى الواقع وإلى الجمعية الوطنية من أجل تجسيد تعهداتها، بسبب التباين الكبير في إيديولوجياتها وبرامجها.

هذا الوضع جعل التوصيف القائل "التحالف غير الموجود" الذي عنونت به صحيفة "لوفيغارو" اليمينية صفحتها الأولى، اليوم، ينطبق عليه تماما، بالنظر إلى العجز الفادح في إيجاد توافق.

وفي قراءة له للمشهد السياسي الجديد واحتمالات مآلاته، يرى الاستاذ بالجامعة الفرنسية بمارسيليا، عبد القادر حدوش، أن فرنسا تتجه إلى "حكومة لا تحكم وإنما  تعمل على التسيير وتصريف الأعمال لا غير"، في ضوء نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة.

وذكر المتحدث في حديث الى "الخبر" أن التشريعيات "لم تفرز لا أغلبية مطلقة ولا أغلبية نسبية"، حيث تحصل اليمين المتطرف على 143 مقعدا والجبهة الشعبية على 182 و حزب "معا" المحسوب على إيمانويل ماكرون ورئيس حكومته على 165 مقعدا و"الجمهوريون" على 66 مقعدا، بالتالي، يقول الجامعي فإن الرئيس الفرنسي "المرفوض من قبل شرائح واسعة"، مضطر للتعامل مع الواقع الذي يتصدره لأول مرة ثلاثة أقطاب، خلافا للديمقراطيات الغربية التي يتأرجح فيها الفوز والحكم بين قطبين .. المحافظون والليبراليون أو الديمقراطيون والجمهوريون، أو اليسار واليمين أو الوسط واليسار، يضيف المتحدث.

فالمشهد في نظر الجامعي وهو نائب عن الجالية الجزائرية سابقا، معقد جدا، كون "الجبهة الشعبية الجديدة الفائزة تضم أحزاب غير متجانسة إيديولوجيا وبرامجيا ووجدت صعوبة في التوافق لتشكيل أغلبية والاستقرار على رئيس حكومة".

ويتوقع المتحدث أنه مهما كانت التوافقات، فإن الوضع الحالي سيفرز "حكومة لا تحكم بقدر ما تعمل على تسيير وتصريف الأعمال إلى غاية انتخابات 2027"، وعليه، وفقه، فإن التيار المحسوب على ماكرون والجبهة الشعبية "مجبرين على التوافق على بعض النقاط الأساسية التي تشغل الرأي العام، خاصة أن ثمة التزامات عديدة مع الناخبين خلال الحملة الانتخابية".

وينطلق المتحدث في تشخيصه، من أن الانتخابات لم تُجر على أساس برامج انتخابية ولصالح مشاريع سياسية ومجتمعية، بقدر ما جرت بمنطق الاستفتاء مع او ضد التجمع الوطني وحلفاءه ولإحداث ولفرض خط أحمر من أجل الجمهورية، وصد الانحرافات المحتملة لليمين المتطرف.

ولا يمكن تشكيل توافق برلماني في تحليل حدوش، من دون أدنى حد من "التنازلات الضرورية" بين الأحزاب الفائزة، في الملفات المختلف حولها، كالتقاعد والهجرة والمجازر في غزة والحرب بين روسيا وأوكرانيا وغيرها.

ولا يمكن للرئيس ماكرون حل هذه العقدة عبر حل الجمعية الوطنية مجددا، لأن الدستور لا يسمح قبل عام ولا عبر إجراء انتخابات رئاسية مبكرة.