كنيسة السيدة الإفريقية تعود الى مقتل رهبان تيبحرين

+ -

حولت جمعية أساقفة الكاثوليك بالجزائر حادثة مقتل سبعة رهبان في تيبحرين بالمدية، إلى عمل مسرحي محترف، يروي جوانب من هذه الوقائع، التي أسالت الكثير من الحبر في الصحافة الوطنية والأجنبية، وأثارت الكثير من الجدل والتوترات بين الجزائر وباريس.

احتضنت كاتدرائية السيدة الافريقية المنتصبة على علو شاهق مقابل البحر بحي زغارة بالعاصمة، العمل الفني وسط "إنزال" دبلوماسي لافت وتحت تغطية أمنية مشددة.

اجتمع العشرات من الرعايا الأجانب والجزائريين، في بهو الكنيسة في انتظار متابعة أول عمل مسرحي يتناول قصة مقتل سبعة رهبان فرنسيين سنة 1996، بطريقة لا تزال لغاية الآن محل افتراضات وتحقيقات، بينما أكدت السلطات، حينها، بأن رجال الدين السبع ضحايا للجماعات الارهابية المسلحة، التي بدورها أعلنت مسؤوليتها في استهداف هؤلاء الأجانب.

وفي ديكور مسرحي يعكس بساطة نمط عيش هؤلاء الرهبان واحتكاكهم المباشر مع القرويين وحتى مع العناصر الارهابية، جسد اثنا عشرة ممثل بإشراف المخرج عزالدين العرفاوي، قصة هؤلاء الرهبان في وقت كانت الجزائر تعيش أزمة أمنية غير مسبوقة، راح ضحيتها وفق تقديرات رسمية 200 ألف ضحية.       

وظهر في المسرحية التي عنونت بـ "صديق اللحظة الأخيرة" أن الرهبان رفضوا مغادرة مكان إقامتهم بشدة، رغم نصائح والي المدية، آنذاك، بالعودة الى فرنسا او تحويل مقر إقامتهم الى وسط المدينة، لتفادي الخطر القائم في محيط الكنيسة الواقعة وسط الغابة وأيضا احتمالات استهدافهم من قبل الجماعات المسلحة المتوغلة في المنطقة او السقوط ضحايا عمليات التمشيط التي ينفذها الجيش الوطني.

كما بدا في العرض الذي لم يوجه دعوة للصحافة، أن الجماعات الارهابية كانوا يقتحمون الدير ويتواصلون بشكل مباشر مع الرهبان، ويطلبون منهم الصعود الى الجبال لمعالجة جرحاهم الذين أصيبوا خلال المواجهات مع عناصر الجيش الوطني.

غير أن رجال الدين رفضوا ذلك الطلب بـ "شكل حازم"، بحجة "التزاماتهم اليومية" و"احتياجات القرويين"، غير ممانعين من فعل ذلك في حالة أوتي بهؤلاء المصابين الى الدير لمعالجتهم "في إطار إنساني بحت".

ولم تتطرق المسرحية إلى الجوانب الجدلية والسياسية في الحادثة، التي لا تزال محل تبادل قضائي وسياسي بين باريس والجزائر، لتحديد المسؤوليات في مقتل الرهبان، وآخرها مطالبة أهالي رهبان تيبحرين، قاضي التحقيق بمحكمة باريس، سنة 2019، استدعاء أطراف جزائرية لسماعهم في قضية مقتلهم.

واكتفى العرض بتجسيد الجوانب الاجتماعية والانسانية القائمة مع أهالي المنطقة والمتمثلة في علاقات متينة نُسجت بينهم على مدار سنوات وتتخللها خدمات طبية وعلاجية ومبادلات غذائية وثقافية بعيدة على المجال الديني.

وتفاعل الحضور الذي كان مزيجا بين رعايا أجانب وجزائريين، مع الحدث بشكل حماسي ومكثف، ووقفوا مصفقين على الفريق الفني الذي جسد القصة وأهوالها.

وفي ليلة السادس والعشرين من مارس، وفق ما تم تداوله في تلك الفترة، اقتحمت الجماعات الإرهابية الدير، واختطفت سبعة رهبان من أصل تسعة، لتنطلق مفاوضات ماراطونية مع السلطة لإطلاق سراحهم، لكن الأمر انتهى ببيان أصدرته الجماعة المسلحة في 21 ماي من السنة نفسها، تُعلن فيه تصفيتها لجميع المختطفين، ليُعثر بعد أيام على رؤوس الرهبان مفصولين عن أجسادهم، التي لم تظهر إلى اليوم.