"صعود اليمين المتطرف في فرنسا فرصة لتوحيد صفوف الجالية"

+ -

يرى رئيس الجمعية التضامنية للجالية بالمهجر، يوسف بوعبون، أن الانتخابات التشريعية الفرنسية ونجاح اليمين المتطرف الذي يخفي عداوة للجالية الجزائرية فرصة لا تعوّض لتوحيد الصفوف. ويتحدث بوعبون بلغة المتتبع لقضايا وشؤون ومشاكل الجالية الجزائرية بفرنسا واهتماماتها ومشاكلها وإسهاماتها، وبالضبط في مرسيليا، يقول إن رئيس الجمهورية يضع الجالية ضمن صدارة اهتماماته، بدليل القرارات التي اتخذها وعاشها أبناء الجالية على عدة مستويات، داعيا في هذا الحوار إلى "إعادة النظر في تمثيل أبناء الجالية في المجلس الشعبي الوطني وفي مجلس الأمة أيضا".

وأشاد بوعبون بقوة الدبلوماسية الجزائرية في عهد الرئيس تبون، حيث أصبحت الجزائر رقما مهما في كل معادلات السياسات الخارجية لكبريات دول العالم. رئيس الجمعية يقدم أيضا بعض الاقتراحات تجعل من أفراد الجالية عنصرا فعالا في المساهمة في تنمية الوطن في جميع المجالات، وهو مسعى السلطات العليا في البلاد، كشف عنه رئيس الجمهورية في عدة مناسبات.

 

هناك مساع حثيثة واهتمام خاص من الدولة الجزائرية بمكونات جاليتنا بالخارج وبات أمرا محتوما الآن إشراكها في التجديد الوطني، في رأيكم ما هي الآليات العملية لتجسيد هذا التوجه؟

 رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أعطى اهتماما كبيرا للجالية من الناحية القانونية والاجتماعية والاقتصادية، وكان يعلم أن هذه الجالية قوة اقتصادية وعلمية غُيّبت وهُمشت وأُبعدت من الساحة الوطنية في السياسات السابقة. كان يعتبرها الجميع مجرد رقم.

الجالية لم تتردد ولم تتأخر عن واجبها الوطني ودعمها له، خاصة إبان جائحة كورونا، وأدهشت العالم بالهبات التضامنية، وكانت أيضا السبّاقة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، في الوقت الذي كان الجميع يشكك في نجاحها وإخراج الجزائر من نفق المرحلة الانتقالية التي كان البعض يراهن عليها.

تصريحات الرئيس كانت موجهة بصدق حول الجالية لإقحامها كرقم في معادلة البناء، وهو على دراية بقدراتها كبنك وخزان للمعلومات والمال، وعلى الجالية أن تنتظم في إطار قانوني لتصبح فعلا "لوبي" وجبهة خارجية قوية تدافع عن حقوقها وتدافع عن الوطن الجزائر.

الانتخابات التشريعية الفرنسية ونجاح اليمين المتطرف الذي يخفي عداوة للجالية الجزائرية فرصة لا تعوّض لتوحيد الصفوف في جبهة قد تكون البنية التحتية لمشروع شامل وجامع لكل الجزائريين في الخارج.

 

الأكيد أن هناك عوائق وعراقيل ومشاكل تعاني منها جاليتنا في الخارج، في فرنسا على وجه الخصوص، بالنظر إلى معطيات تاريخية وأيضا كثافة عدد أفراد الجالية بهذا البلد. كيف تتصورون تجسيد مساعي الاستفادة من مهارات وخبرات أبناء الجالية وتسهيل إدماجها في ديناميكيات التنمية الوطنية وتحديد العوائق التي تحول دون ذلك، مع اقتراح حلول لرفعها؟

نحن نثمن خطوات الرئيس وننتظر منه الكثير في الأشهر القادمة، وعليه يجب فتح مشروع الجالية ودراسة كل النقائص القانونية والدستورية. فعلا هناك مشاكل يجب رفعها عبر قنوات الإعلام لتصل إلى الرئيس والحكومة. الجميع يعلم أن هناك مرسوما لإنشاء المجلس الأعلى للجالية، والجميع ينتظر تفعيل هذا المجلس ليصبح أداة تواصل بين أعضاء الجالية والوطن ومرافقة الحكومة بعدة اقتراحات ترجع بالفائدة على الوطن وعلى الجالية..

عدد نواب الجالية بالبرلمان 8 يمثلون ما يقارب 8 ملايين من المغتربين، هذا العدد مخالف للقانون المعمول به في الداخل ويجب التفكير في رفع عدد المقاعد إلى 20 نائبا تسمح بتكوين كتلة برلمانية، كما نطلب من الرئيس عبد المجيد تبون منح 4 مقاعد في مجلس الأمة في إطار الثلث الرئاسي. علاوة على ذلك، يجب الإسراع في فتح فروع لبنوك جزائرية ومراكز ثقافية في المدن الكبرى الفرنسية وفرع للهلال الأحمر الجزائري وللكشافة الإسلامية لتعزيز الهوية الوطنية ودعم تعليم اللغة العربية والأمازيغية وإنشاء قناة خاصة بالجالية. كما هناك مشكلة الطلاق الإداري بالتراضي عند الموثق، وهو مشكل يجب على وزارة العدل الاهتمام بآلاف الملفات العالقة به إلى يومنا هذا.. كلها اقتراحات تطالب بها الجالية وتعتبرها تقصيرا في حقها، تعيد الثقة بين أفراد الجالية والوطن وبها سوف نقفز قفزة كبيرة في تشييد جسر العودة إلى البناء الحقيقي للجزائر الجديدة، تتساوى فيها الحقوق بين الجزائريين في الداخل والخارج.

 

لسنا هنا لنقارن أنفسنا مع جاليات دول أخرى، لكن الحقيقة هي أن هناك جاليات عربية انتظمت في شبكات ومنتديات وجمعيات وفيدراليات، تعمل على نقل وضبط مشاكل وانشغالات الجالية من جهة، ومن جهة أخرى ترقية نقل المعارف والمهارات إلى أراض وطنها. ما محل جاليتنا من هذا الطريق؟

الجالية الجزائرية أكثر عددا لكنها للأسف أكثر تشتتا وتعتبر من أكبر الجاليات بفرنسا وأقدمها.. الصراعات الداخلية والتخوين ما بينها تركنا في المؤخرة.. الجميع يريد التمركز والتصدر على حساب الآخرين، الشيء الذي تركنا نعيش منعزلين عن استحقاقات الجاليات الأخرى التي استطاعت في وقت قياسي أن تنظم صفوفها في لوبي اقتصادي ثقافي يحسب لها ألف حساب..

الدبلوماسية الجزائرية تغيرت منذ وصول الرئيس تبون إلى الحكم، حيث نشهد انتعاشا وتقاربا بين ممثلينا الدبلوماسيين والمواطن، خاصة إذا تحدثنا عن مرسيليا، فالقنصل الجديد عماد سلاطنية فعلا مثال حي لهذه الجدية في المعاملة والرؤية المستقبلية لإحياء الذهنيات، فقد أصبحت القنصلية مكانا جامعا لكل الكفاءات والنشاطات الجمعوية ومرافقة كل الفعاليات الإيجابية التي تخدم مصلحة الوطن والجالية. لقاء رئيس الجمهورية مؤخرا بعمدة مدينة مرسيليا رسالة قوية للدولة الفرنسية والجالية، هذا التقارب خلّف تجاوبا كبيرا لدى أفراد الجالية وممثلي الجمعيات.

 

مواقف الدولة الجزائرية المشرّفة بشأن بعض القضايا الدولية العادلة أزعجت بعض الدول الغربية، ومثال ذلك موقف الجزائر الذي اتخذته مع إسبانيا. وإذا كان أبناء جاليتنا توجسوا حينها من قرارات الدولة الجزائرية بشأن علاقاتنا الدبلوماسية مع هذا البلد، إلا أن الحق ظهر في الأخير.. ألا ترون أنه يجب عليكم كجمعية تهتم بالجالية أن تبثوا باستمرار رسائل طمأنة لأبنائنا في الخارج بأن لا خوف عليهم؟

مواقف الدولة الجزائرية وخاصة في ما يخص القضية الفلسطينية والحرب على غزة وقضية الصحراء الغربية كلها مواقف نحسد عليها في الخارج. سياسة الرئيس عبد المجيد تبون أرجعت للدولة الجزائرية هيبتها ومكانتها في نصرة القضايا العادلة. هذه المواقف يثمنها أبناء الجالية بفرنسا بالخرجات اليومية لمناصرة القضية الفلسطينية، في الوقت الذي نشهد انسحاب كل الجاليات العربية الأخرى.

بكل فخر واعتزاز يتابع الجزائري بالمهجر هذه المحطات والمواقف التاريخية ولاسيما القرارات التي اتخذت بمجلس الأمم المتحدة باسم الدبلوماسية الجزائرية، التي بصمت تاريخ القضية الفلسطينية. الجزائر الجديدة اليوم أصبحت الند بالند لكل من ظن أن جزائر الأمس هي جزائر اليوم. كل القرارات التي تم اتخاذها قرارات سيادية، خاصة مع إسبانيا والكثير من دول الجوار. أصبحت الجزائر بهذه المواقف يحسب لها ألف حساب.

 

أقر رئيس الجمهورية العديد من الامتيازات واتخذ العديد من القرارات لفائدة أفراد الجالية بالخارج. كيف استقبل هؤلاء تلك القرارات؟

استحسنت الجالية كل القرارات التي تم اتخاذها من طرف رئيس الجمهورية لحلها وهي عديدة نذكر منها:

- تكفل الدولة بنقل الجثامين وهو مشكل عانت منه الجالية لسنين، كما يكلف الخزينة العمومية ملايين الدولارات، لهذا نقترح دعم هذه الخطوة بالصندوق التضامني للجالية لدعم هذا الاستحقاق والمحافظة عليه.

- إقحام ممثلي الجالية في المجلس الأعلى للشباب والمرصد الوطني للمجتمع المدني والجمعيات، لكن نطلب الشفافية في اختيار الأعضاء، الشيء الذي يعطى ديناميكية وشرعية لهذه المجالس للعمل بكل راحة.

- إلغاء المادة 63 في التعديل الدستورى الجديد 2020، هذه المادة التي فرّقت بين الجزائريين في الداخل والخارج وحرمتهم من المساواة في الحقوق.

نعلم جيدا أن هناك نقائص، كمشكل النقل وغلاء الأسعار لدخول الوطن، خاصة للعائلات المعوزة، وشح التذاكر في موسم الصيف، كلها نقائص اهتم بها الرئيس عبد المجيد تبون شخصيا وأعطى توصيات من أجل إعادة تسعيرة التذاكر وأمر بالتخفيضات في سعر التذاكر لتصل إلى 50% في الأعياد والموسم الصيفي، كما أقحم أبناء الجالية مجانا في المخيمات الصيفية.. كلها خطوات لم نشهدها سابقا ودلالات على أن الجزائري الخارج جزء لا يتجزأ من هذا الوطن.

 

تستعد الجزائر لموعد سياسي كبير، يتمثل في الانتخابات الرئاسية يوم 7 سبتمبر المقبل. فما هو منتظر منكم للانخراط في هذا الاستحقاق السياسي الهام؟

كنا من الأوائل في الواجهة في انتخابات 2019، كان الأمر صعبا وواجهنا تهديدات وقذفا جراء اختيارنا الجزائر الجديدة، وعملنا جاهدين لإنجاح العرس الانتخابي وفاز مرشحنا بالأغلبية في جنوب فرنسا، وسوف نواصل العمل بنفس العزيمة من أجل تحسيس الجميع بمسؤولية القدوم إلى صناديق الاقتراع والانتخاب بقوة على الرئيس عبد المجيد تبون إذا أعلن ترشحه لتكملة تحقيق آمال وانشغالات الجالية. نسبة المشاركة يوم 7 سبتمبر سوف تكون أكبر بكثير من الانتخابات الماضية، ونتمنى أن نرافق البرنامج بهذه الاقتراحات التي تصب في فائدة الدولة.