38serv

+ -

بعد معركة إعلامية قوية قادها النزهاء والمحترفون المدافعون عن مصلحة الكرة الجزائرية، ضد سلوكيات وقرارات حادت عن القانون والتسيير الرشيد للفاف، على الأقل منذ سنة 2017، جاءت، أخيرا، تلك الإرادة السياسية الحقيقية والفعلية المنتظرة من السلطة، المغيبة في "العهد السابق"، لتقطع الشك باليقين.

بيان وكيل الجمهورية الموجه للرأي العام يلخص في سطور سنوات من عناء من وصفتهم الفاف في عهد خير الدين زطشي بالعصابة وهم يدقون ناقوس الخطر حول حملة استنزاف أموال الإتحادية الممنهجة، كون البيان أكد بصفة رسمية وجود متهمين وقضايا فساد على مستوى الإتحادية الجزائرية لكرة القدم منذ 2017 إلى حين الفترة التي سبقت تولي وليد صادي رئاسة الفاف ووجدها قاب قوسين أو أدنى من الانهيار.

إرادة السلطة في العهد الجديد في إرفاق الفعل بالقول يبعث أملا جميلا في تطهير المنظومة الكروية من المفسدين، بل هو يمنح شحنة قوية للكلمة الحرة ولأصحابها في السير بأكثر عزيمة على نفس النهج، بعدما كان من هم اليوم ضمن قائمة المتهمين، أخيرا، يمنون النفس في قتل تلك العزيمة فيهم، من خلال بيانات مضللة تضرب مصداقية قلة قليلة من المهنيين في الإعلام، ومتابعات قضائية كان الهدف منها تخويف المنتقدين والضغط عليهم.

 وحين نقف عند قائمة المتهمين الطويلة وعدد التهم المنسوبة إليهم ونقارن ذلك بالفترة الزمنية المقدرة بنحو ست سنوات فقط ونسلط الضوء على قيمة الإرث الذي حصل عليه هؤلاء من سابقهم محمد روراوة، سنصاب حتما بجنون على ما وصلت إليه "الإتحادية العالمية" من درجة هوان غير مسبوقة، فحجم الكارثة التي رصدتها التحقيقات لا يمكن أن يتسبب فيها حتى أشرس أعداء الكرة الجزائرية.

ولأن إرادة تطهير المنظومة الكروية من الفساد أضحت حقيقية في العهد الجديد، فقد هز ذلك كيان من كان يعتقد خطأ بأن هامش المناورة "حي لم يمت"، بل وخفتت مع تلك الضربة القاصمة للسلطة في إنهاء عهد فساد الكرة وتطهير محيطها من المفسدين "نعيق" المضللين من المنتفعين والمطبلين للعهد البائس الذي جعل الجزائر كرويا تجد نفسها على طرفي نقيض من حيث السمعة والمكانة والتأثير في الهيئات القارية والدولية.

يجب الاعتراف بأن السلطة التي رافقت الكرة الجزائرية بالأموال والمنشآت لدعمها وتطويرها، وجدت نفسها مضطرة للتدخل، بعد كل ذلك، لإنقاذ المنظومة من عقاب الفيفا بسبب تبديد المال العام وعدم احترام قوانين الهيئات مع سبق الإصرار والترصد، بما يجعل من ديون اللاعبين التي قاربت قيمة 500 مليار سنتيم بمثابة قطرة أفاضت قسرا كأس فضائح عابرة للقارات.

من العيب اليوم الوصول إلى حالة الهوان في التسيير لمنظومة كروية حظيت بدعم ومرافقة السلطة نادرا ما نجدها في بلدان أخرى، ومن العيب أيضا أن تجد داخل هذه المنظومة من تنتابه تلك الحالة المرضية لاستنزافها ومحاربة من يدافع عنها والإصرار على تضليل الرأي فيها، ولأن الفساد عند "عصابة الكرة" الحقيقيين، لم يعد عيبا، وقتل في طريقه الملغم معاني الضمير، فقد جاء عامل الوقت ليخرج "نتانة التسيير" إلى العلن، ويحكم بين المهنيين والمفسدين ويحيل الملف على القضاء ويجعل منه قضية رأي عام، حتى انطبق على هؤلاء المثل القائل "يداك أوكتا وفوك نفخ".