مخاوف من استفحال العنصرية في فرنسا

+ -

 

يثير سيناريو الفوز المحتمل لأقصى اليمين بالانتخابات التشريعية في فرنسا مخاوف شديدة لأبناء الجالية المغاربية، خصوصا الجزائرية التي لطالما كانت هدفا لحملات أنصار هذا التيار في المحطات الانتخابية.

وخلال نقاش نظمته جمعية "ارانبجر" النسوية من مزدوجي الجنسيات في إحدى الضواحي الباريسية، عشية الانتخابات، جرى تسليط الضوء على معاناة هؤلاء النسوة والخوف من كارثة وصول اليمين المتطرف إلى السلطة على أبناء الجالية ومزدوجي الجنسية من ذوي الأصول المغاربية.

ورصدت صحيفة "ميديا بارت" في مقال لها أجواء الخوف التي تسكن نفوس الحاضرين وقالت إنه حين تبادلت مع الحضور السؤال إن كانوا بخير أجاب الكثير منهم بـ"ليس كثيرا" أو حتى "لا على الإطلاق"، لأن الحاضرين ومنهم صحفيون وفنانون من مزدوجي الجنسية، أبناء وأحفاد المهاجرين، يعرفون أنه قبل اتخاذ التجمع الوطني اسما له كان تم بناء الجبهة الوطنية على كراهية الشعب الجزائري والحنين إلى زمن الاستعمار، والهاجس الرئيسي لهؤلاء، وهم فئة كبيرة ممن حظيت بفرصة للتعلم والحصول على وظائف بعكس قطاع من أبناء الضواحي، هو تجسيد أقصى اليمين لما يشبه نظاما للفصل العنصري ومن ذلك حرمان مزدوجي الجنسية من الوظائف السامية تحت مسمى الأفضلية الوطنية، ما من شأنه إحداث جو يشعر فيه العنصريون الأكثر عنفا بأنهم مخولون بشكل أكبر بالتصرف بحرية.

وتحدثت طالبة من أصل جزائري عن معاناة أنباء الضواحي قائلة: "يأتي رجال الشرطة بالفعل للاعتداء علينا بانتظام في أحيائنا، والآن سيكون الأمر أسوأ"، مضيفة "في كل عام، لدينا حالة وفاة في أحيائنا، ولكن إذا وصل حزب الجبهة الوطنية إلى السلطة، فسوف يتعين علينا أيضا أن نقلق أيضا بشأن الفاشيين الذين سيشعرون وكأنهم نمت لهم أجنحة". وحذرت المتدخلة من الاستسلام للقدر والقبول بالأمر الواقع الجديد واستشهدت بتجربة والدها الذي عانى بشكل دائم من العنصرية التي يعتبرها أمرا راسخا في المجتمع الفرنسي.

وخلال الندوة ذاتها، تحدثت الصحفية دنيا إسماعيل، الناشطة في الجمعية، عن أن وصول حزب الجبهة الوطنية إلى السلطة سوف يجلب البؤس للجميع. والأسوأ، حسبها، سيكون للجزائريين الذين سيكونون أول من يصطدم بالوضع الجديد، لأن هذا الحزب اليميني المتطرف له ماض مع الجزائر الفرنسية".

وتنقل "ميديا بارت" عن لويزا يوسفي، الصحفية والمناضلة من أجل قضايا التحرر ومؤلفة كتاب عن جرائم الاستعمار، أنه في "الرواية الوطنية الفرنسية العظيمة، كان تحرير الجزائر بمثابة صدمة.. فقدان الجزائر هزيمة كبيرة للإمبراطورية الفرنسية إذ لا يزال لدى الجبهة الوطنية حلم الانتقام من الجزائر". ومعلوم أن التجمع الوطني هو وريث الجبهة الوطنية المقربة من أوساط الأقدام السوداء والمنظمة السرية في الانتخابات التشريعية. وتضم القوائم مقربين من هؤلاء وتحوز مونيك بيكر، المتنافسة على المقعد المخصص للدائرة الثانية في منطقة البيرنيه- اتلانتيك على الحدود الجنوبية الغربية لفرنسا، على فرصة لدخول البرلمان الفرنسي، إذ حققت المرشحة التي عرف عنها تمجيد ماضي منظمة الجيش السري الدموية نسبة 31 بالمائة من الأصوات، متقدمة عن مرشح الأغلبية الرئاسية الحائز على 29 بالمائة من الأصوات.

وعلى المستوى الثنائي سيكون الوضع أكثر تعقيدا وتشنجا في المستقبل على ضوء التقارير بإمكانية تكليف إريك سيوتي، رئيس الجمهوريين المتحالف مع التجمع، بمنصب وزير الداخلية في الحكومة المقبلة، وتيري مارياني المقترح لمنصب وزير الخارجية في حكومة جودران بارديلا في حال تعزيز تقدم أقصى اليمين خلال الدور الثاني في الانتخابات.

للعلم، قاد سيوتي وهو ابن مهاجر إيطالي مثل بارديلا حملة استهداف اتفاقية الهجرة على مستوى الجمعية الوطنية الفرنسية، فيما تولى مساعده المسار على مستوى مجلس الشيوخ، بينما يملك تيري مارياني، وهو الآخر من أصول إيطالية، تاريخا أسود تجاه الجزائر، سواء على مستوى الحكومة الفرنسية أو من منبر البرلمان الأوروبي على مستوى وسائل الإعلام، حيث شارك في أو قاد عدة مبادرات وحملات تستهدف الجزائر .