هل تلجأ الجزائر إلى الهيئات الأممية لصد تدفق المخدرات؟

38serv

+ -

 لوّح وزير العدل، عبد الرشيد طبي، بـ "اللجوء إلى الهيئات الأممية والمنظمات الدولية، لإخطارها بالليونة التي تُبديها بعض الأطراف في تنقل أفراد العصابات الخطيرة"، في اشارة الى كميات القنب الهندي والمؤثرات العقلية التي تتدفق على البلاد، من دون أن يحدد ويفصل في آليات وتوقيت الخطوة المحتملة، التي تبدو انتقال لمرحلة جديدة في التعامل مع هذه السموم التي يتغير تصنيفها نحو مزيد من التساهل في عدة تنظيمات وتشريعات بعض الدول وعلى رأسها المغرب.

ويرى الوزير طبي، في تحليله للظاهرة خلال ملتقى خاص، أمس، بنادي الجيش ببني مسوس في العاصمة، أن المخدرات والمهلوسات تتدفق بكثافة توحي بوجود "عمل ممنهج يهدف إلى الإضرار بالصحة الجسدية والنفسية للقوى الحية لهذه الأمة وهم الشباب". ملمحا بأن ثمة نشاطا منظما في هذا الخصوص تقوم بهم جهات وأطراف لم يذكرها ولم يحدد طبيعتها.

وفي سياق المتلقى المتزامن مع اليوم الدولي لمكافحة اساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها، استعمل الوزير مفهوم "القنب الهندي عالي المفعول"، وهو مفهوم لم يرد في تصنيفات التشريعات الوطنية الحالية بدقة، غير أنه ينسجم مع أحاديث ومعلومات متداولة في الأشهر الأخيرة، تفيد بوجود مسعى لتكثيف المادة الفعالة المخدرة في القنب الهندي "التيترا هيدرو كانابينول" والمعروفة اختصارا بـ "تي. آش. سي"، من أجل الرفع في درجة الإدمان.

ولقد صادقت الجزائر على عدة اتفاقيات دولية تتعلق بالمخدرات، وفق الوزارة، في مقدمتها الاتفاقية الوحيدة المتعلقة بالمخدرات لسنة 1961، والاتفاقية الدولية للمؤثرات العقلية لسنة 1971، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية لسنة 1988، واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنيّة لسنة 2000 التي احتفلنا بمرور الذكرى (20) لدخولها حيز التنفيذ في 29 سبتمبر 2023 بمدينة باليرمو الإيطالية.

وتنطلق الجزائر في تعاطيها مع المخدرات من قناعة أنه "لا يمكن مجابهة هذه الآفة إلا بمجهود دولي مشترك ومتكامل بالنظر لأبعادها الدولية، لاسيما مع تطور الوسائل الحديثة وما صاحبها من تغير متسارع في شبكات المعلومات ووسائل الاتصال التي أدّت إلى رفع قدرات عصابات تهريب المخدرات والاتجار بها".

وأكدت استبيانات وزارة العدل وجود روابط بين تجارة المخدرات والأشكال الأخرى للجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، ومن بينها جرائم الإرهاب والمتاجرة بالأسلحة والاتجار بالبشر وغيرها، ما "رسخ اليقين لدى الدول بضرورة التعاون بين مختلف الدول والمنظمات والأجهزة الدولية"، يفيد الوزير.

ومن أجل تجسيد هذه المقاربة تضمن تعديل 2023 أحكاما جديدة تتعلق بالمساعدة والتعاون القضائيين الدوليين، من خلال النص على "التسليم المراقب الذي يمكن من خلاله للجهة القضائية المختصة أن ترخّص تحت رقابتها بحركة المخدرات أو المؤثرات العقلية للخروج أو المرور أو الوصول إلى الإقليم الجزائري بغرض الكشف عن الجرائم".

وعلاوة على المقاربة ذات البعد الدولي، عززت الدولة تدابير الوقاية من المخدرات والمؤثرات العقلية، واستحدثت "استراتيجية وطنية للوقاية من المخدرات"، ويقوم هذا التصور على تغيير تعاطي الجهات الأمنية والقضائية مع المدمنين، من خلال الانتقال من الردع والعقاب الى الوقاية والعلاج من خلال استحداث مراكز خاصة لإزالة السموم، غير أن هذه المراكز الخاصة لا تزال غير معروفة لدى ضحايا هذه الظاهرة وأوليائهم.