عندما حسم الرجال قرار رفع السلاح في يوم واحد

+ -

قبل خمسة أشهر فقط عن اندلاع الثورة التحريرية المضفرة كان الاجتماع التاريخي المبارك لمجموعة الـ22 التاريخية، هؤلاء القادة العظماء أواهم المناضل الياس دريش بتاريخ 23 جوان 1954 ببيته العائلي بحي "صالومبي" بأعالي العاصمة، في ذلك اليوم المفصلي والحاسم في تاريخ الثورة المجيدة، لأنه التاريخ الذي حدد فيه موعد اندلاع الثورة التحريرية والنهوض ضد السيطرة الفرنسية والتحرر من القيود الاستعمارية.

يعتبر هذا الاجتماع من أهم المحطات التاريخية في تاريخ الجزائر المعاصر بصفة خاصة وتاريخ الجزائر العام بصفة عامة، كما يعد منعطفا حاسما في التسريع بقرار تفجير ثورة أول نوفمبر 1954. ورغم ظروف المناضلين الصعبة ووضعهم المعقد جراء الاستعمار والأزمات التي حلت بمسار الحركة الوطنية الجزائرية، فإن هؤلاء الزعماء كان لهم الإرادة والشجاعة النفسية والتدبير العقلي لأخذ زمام المبادرة ومحاولة البحث عن حل للأزمة التي استجدت بين المصاليين والمركزيين، وذلك بإجراء عدة اتصالات للم الشمل، فتقرر جمع عدد من المناضلين الثوريين الذين اتخذوا قرارات جدية صائبة حسموا من خلالها مصير النضال في يوم واحد، مشعلين بذلك قبسا لإنارة الطريق الذي كان مظلما، ليعلنوا بذلك عن ميلاد أعظم ثورة شعبية، انطلقت شرارتها في أول نوفمبر 1954. الاجتماع تم في منزل إلياس دريش بحي المدنية، ضم كلا من محمد بوضياف، ديدوش مراد، مصطفى بن بولعيد، محمد العربي بن مهيدي، رابح بيطاط، زيغود يوسف عبد الله بن طوبال، عبد الحفيظ بوصوف، سويداني بوجمعة، بن عبد المالك رمضان، باجي مختار، عمار بن عودة، حباشي عبد السلام، عبد القادر لعمودي، بلحاج بوشعيب، عثمان بلوزداد، بوعلي السعيد، بوعجاج الزوبير، مرزوقي محمد، ملاح سليمان، مشاطي محمد، إلياس دريش. وكان رئيس الاجتماع الشهيد مصطفى بن بولعيد، حيث قدم بو ضياف تفسيره لفشل جهود اللجنة الثورية للوحدة والعمل، مؤكدا أنه لم يعد هناك خيار إلا العمل المسلح.

وقد خرج اجتماع الـ22 التاريخي بعدة قرارات أهمها: الحياد وعدم الدخول في الصراع بين "المصاليِين والمركزيين" والعمل على توحيد جناحي الحزب، تدعيم موقف اللجنة الثورية للوحدة والعمل على أهدافها الثلاثة "الثورة، الوحدة والعمل"، تفجير الثورة في تاريخ تحدده لجنة مصغرة. كما تناقش الحاضرون في مجموعة الـ22 التاريخية الإمكانات البشرية والمادية والعسكرية. وعيّن بوضياف لجنة متكونة من مصطفى بولعيد ومحمد العربي بن مهيدي ووديودش مراد ورابح بيطاط، الذين قرروا تعيين منسق للثورة تحت قيادة جماعية ودون زعامة فردية وتحديد ساعة الصفر لاندلاع الثورة.