رغم الحصار الذي تفرضه الأجهزة الأمنية على تجار"الحشيش" وشبكات المتاجرة بالهيروين والكوكايين والأقراص المهلوسة، إلا أن محاولات إدخال كميات كبيرة من المخدرات خاصة "الباهظة الثمن" منها عبر الحدود عن طريق التهريب لم تتوقف، آخرها حجز ما يقارب الـ 60 كيلوغراما من مخدر الكوكايين في ولاية البليدة.
وحسب تصريحات للمديرة الفرعية للإعلام الآلي والاتصال بالمديرية الجهوية للجمارك، أنيسة تدلاوي، في ندوة صحفية، فإن العملية نفذتها الفرق الجمركية العملياتية عبر إقليم اختصاص المديرية الجهوية للجمارك بالبليدة، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، وإثر نشاط ميداني مشترك مع أفراد الجيش الوطني الشعبي، وأسفرت عن توقيف ثلاثة أشخاص وحجز سيارة رباعية الدفع ودراجة نارية.
ووفق ما تشير إليه بيانات رسمية تنشرها مصالح الأمن بمختلف أسلاكها، أن كميات المحجوزات من مختلف أصناف المخدرات قنب هندي أو مهلوسات وكوكايين تعد بالقناطير.
إلى هنا تكشف حصيلة المديرية العامة للأمن الوطني عن ضبط 169 كلغ كوكايين وأكثر من 7 ملايين "قرص مهلوس" خلال 4 أشهر للسنة الجارية.
من جهتها، حجزت قيادة الدرك الوطني 13.29 كلغ من المخدرات الصلبة أغلبها من الكوكايين، مع تفكيك 106 شبكة تهريب اتجار بالمخدرات والمهلوسات، وتوقيف أكثر 14458 شخصا خلال الأشهر التسعة الأولى لعام 2023.
وبلغت أرقام المحجوزات التي اطلعت عليها "الخبر"، 19.618 طن من الكيف المعالج، و30208 قرص من الحبوب المهلوسة، حيث حصدت البريغابالين حصة الأسد بـ 6.120.705 كبسولة، و223.731 قرص اكستازي.
ويعود ارتفاع محجوزات الجزائر من الكوكايين خلال السنوات الأخيرة، حسب المصالح الأمنية إلى تشبع أسواق أمريكا الشمالية بما يعرف بـ "التسونامي الأبيض"، ما دفع بشبكات المخدرات الصلبة إلى البحث عن أسواق أخرى لترويج سمومهم وهي دول أوروبا، التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبر مناطق غرب إفريقيا ودول الساحل ومن ثم شمال إفريقيا.
بينما يتم استهلاك مخدر الكوكايين في الجزائر عن طريق مزج النوع النقي منه بمواد أخرى على غرار "البراسيتامول"، حيث يمكن استخراج من 1 كلغ كوكايين نقي مابين 10 و15 كلغ من الكوكايين الجاهز للاستهلاك، يتم تسويقها للمدمنين بمبالغ خيالية للغرام الواحد.
قضايا بالجملة
ولعل من أبرز القضايا التي عالجتها الأجهزة الأمنية، إحباط المصلحة المركزية لمكافحة الاتجار غير المشروع للمخدرات، التابعة للمديرية العامة للأمن الوطني، في جويلية2023 واحدة من أكبر عمليات تهريب المخدرات الصلبة في تاريخ الجزائر.
واستنادا لبيان للمديرية العامة الأمن الوطني، وضعت المصلحة المذكورة اليد على 79 كلغ و400 غ من مادة الكوكايين، مع توقيف 16 شخصا مشتبها فيه، ينحدرون من الجزائر العاصمة والبليدة، وذلك بعد عمل استعلاماتي عالي المستوى دام لأكثر من ثلاثة أشهر.
وقالت ذات المصالح، أن التحقيقات المعمقة، التي باشرتها ذات المصلحة، تحت إشراف النيابة القضائية المختصة، أفضت إلى كشف خيوط تنظيم إجرامي خطير عابر للحدود، يقوده واحد من أكبر بارونات الاتجار بالمخدرات والمؤثرات العقلية، المدعو "ش. شعيب" المكنى الحاج زقابوج الهارب بفرنسا، والذي خطط لتحويل هذه الكمية المعتبرة من مادة الكوكايين من تمنراست نحو الجزائر العاصمة.
وأضاف المصدر نفسه أن مواصلة للتحريات، تم تحديد هوية عناصر هذه الشبكة الإجرامية الخطيرة، بداية بالعنصر الذي اختير لنقل هذه الشحنة، البالغ من العمر 60 سنة، وهي فئة عمرية يستغلها المكنى زقابوج كحيلة في مخططاته الإجرامية للتمويه وإبعاد الشبهة.
هذا السائق الستيني كان تحت المراقبة 24/24 سا، من طرف ذات المصلحة، ليتم توقيفه يوم 23 جويلية 2023، بمدينة بريان بغرداية، على متن مركبة رباعية الدفع، وبعد التفتيش الدقيق عثر بداخلها على 65 صفيحة من مادة الكوكايين، بوزن إجمالي يقدر بـ 73 كلغ و720 غ، تم إخفاؤها بإحكام على مستوى مخبأ سري، استحدث بالصندوق الخلفي للمركبة.
استمرارا للتحقيق وتكثيفا للأبحاث التقنية المتخصصة، تمكن محققو الأمن الوطني من الوصول إلى بقية أفراد الشبكة الإجرامية الخطيرة الواحد تلو الآخر في الفترة مابين 24 و29 جويلية 2023، وعددهم 15 شخص، تتمثل مهمتهم أساسا في توزيع وترويج هذه السموم.
كما أسفرت عمليات تفتيش منازل المشتبه فيهم، عن ضبط كمية أخرى من مادة الكوكايين يقدر وزنها 05 كلغ و680غ، ومبلغ مالي قدر02 مليار و176 مليون سنتيم، ببلدية بوروبة في الحراش بالجزائر العاصمة، وفي قضية آخرها مشابهة، عثرت الشرطة على كمية من الكوكايين مخبأة بإحكام داخل إحدى غرف باخرة تجارية بميناء الجزائر في جوان 2023.
ووفقا لبيان لخلية الاتصال والعلاقات العامة بأمن ولاية العاصمة، القضية التي نفذتها مقاطعة الشرطة القضائية الأولى بأمن ولاية الجزائر، بالتنسيق مع مصلحة شرطة الحدود البحرية وحراس السواحل بشبكة تهريب المخدرات الصلبة، بدأت أطوارها عند نزول شخص من باخرة تجارية في ميناء الجزائر، وبمجرد رؤيته للشرطي المكلف بمراقبة محيط الباخرة ارتبك وقام بإلقاء سترة كان يحملها بيده محاولا الفرار، ليتم توقيفه من قبل عناصر فرقة الشرطة القضائية لشرطة الحدود.
وأفضى تفتيش السترة إلى العثور على كيس ملفوف يحتوي على مادة بيضاء اللون، بعد معاينة أولية من قبل فرقة الشرطة العلمية تبين أنها مخدرات صلبة من نوع "كوكايين"، القضية لم تنته عند هذا الحد، حيث أنه بناء على إخطار النيابة المختصة إقليميا من قبل الضبطية، أمرت هذه الأخيرة بتفتيش الباخرة التجارية مع وضع القضية تحت تصرف مقاطعة الشرطة القضائية الأولى لاستكمال الإجراءات القانونية، حيث أسفرت عملية التفتيش بحضور فرقة حراس السواحل عن العثور على كمية أخرى من الكوكايين كانت مخبأة بإحكام داخل إحدى الغرف بالباخرة.
وبعد مواصلة التحريات من قبل فرقة الاتجار غير المشروع بالمخدرات لمقاطعة الشرطة الأولى، أفضت العملية إلى توقيف أفراد الشبكة المتكونة من ستة أشخاص، تتراوح أعمارهم مابين 25 و40، كما تم ضبط 2 كلغ و312 غرام من المخدرات الصلبة من نوع "الكوكايين"، ومركبة سياحية، و6 هواتف نقالة.
وقد أحيل المشتبه فيهم أمام النيابة المختصة إقليميا، عن قضية جناية استيراد المخدرات من نوع الكوكايين، جناية تكوين جمعية أشرار تحت غطاء جماعة إجرامية منظمة تنشط خارج وداخل التراب الوطني، نقل عن طريق العبور، الشحن، التخزين، التوزيع، التسليم، التموين والمشاركة.
مصالح الأمن الوطني أوقعت أيضا بشبكة إجرامية تتكون من 5 أشخاص مع ضبط 12 كلغ من الكوكايين شهر فيفري2024 يمتد مجال نشاطها من ولايات الجنوب نحو شمال الوطن.
وحسب بيان للمديرية العامة للأمن الوطني، فإن التحريات التي باشرها محققو ذات المصلحة المركزية، تحت إشراف وكيل الجمهورية المختص إقليميا، "كشفت عن الأسلوب التضليلي الذي لجأ إليه أفراد هذه الشبكة الإجرامية، باستحداث مخبأ سري بأحد الأجزاء المغلقة لمركبة من المركبات الـ3 المسترجعة، بغرض التمويه وتمرير المخدرات الصلبة".
امرأة ضمن عصابة كوكايين
كما وضعت الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالمنظر الجميل لعين البنيان بالجزائر العاصمة حدا لعصابة تمتهن ترويج الكوكايين والمؤثرات العقلية على مستوى إقليم بلدية عين البنيان.
تفكيك هذه الشبكة حسب قائد الفرقة الإقليمية للدرك الوطني بالمنظر الجميل خيشة مهنة تم بعد ورود معلومات إلى أفراد الفرقة مفادها قيام شخص بنقل كمية من الكوكايين والمهلوسات قصد ترويجها
واستغلالا لهذه المعلومات تم وضع خطة أمنية للقبض على أفراد العصابة وعند وصول أحد أفراده عند نقطة المراقبة حاول الفرار وبعد محاصرته ألقي القبض عليه على متن سيارة سياحية وضبطت بحوزته كمية من الكيف المعالج والكوكايين بالاستعانة بالثنائي سينو تقني، كانت مهيأة للترويج على مستوى العاصمة والولايات المجاورة.
وكان الموقوف بمثابة الخيط الذي تمسك به المحققون الذين وبعد استغلال المعلومات التي أدلى بها تم تحديد هوية باقي أفراد العصابة، حيث أوقف 5 أشخاص بينهم امرأة، مع حجز أكثر من 1 كلغ من الكيف المعالج، و60 غرام من الكوكايين وأقراص مهلوسة و1700 قارورة من المشروبات الكحولية، وخزنة حديدية.
بالإضافة إلى مبلغ مالي يقدر بـ 540 مليون سنتيم من عادات النشاط الإجرامي، وطاقم ذهبي وسيارتين سياحيتين وثلاثة دراجات نارية وسلاح صيد بحري، و11 سلاح أبيض، قارورة غاز مسيل للدموع وثمانية هواتف نقالة وآلة عد النقود.
وكان وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية، ابراهيم مراد قد أعلن في جلسة علنية بالمجلس الشعبي الوطني خصصت لطرح أسئلة شفوية على عدد من أعضاء الحكومة في أفريل 2023، أن الجزائر تواجه حربا باستخدام المخدرات تستوجب على الجميع مواجهتها بشتى الوسائل.
وقال مراد أن "الجزائر مستهدفة من خلال المخدرات إذ تواجه حربا من الجارة الغربية تستوجب علينا مواجهتها بشتى الوسائل، من خلال إشراك جميع القطاعات والهيئات المختصة والمجتمع المدني"، منوها في ذات الوقت بالعمل الجبار الذي يقوم به الجيش الوطني الشعبي ومختلف الأجهزة الأمنية في مكافحة هذه الظاهرة وحماية حدودنا من جميع أشكال الجريمة".
وبالنسبة للإجراءات المتخذة في إطار مكافحة المخدرات، أوضح الوزير أن مصالحه وبالتنسيق مع مختلف القطاعات المعنية "أعدت إستراتيجية وطنية شاملة ومتوازنة اعتمدت أساسا على الحد من عرض المخدرات والعمل على تخفيض الطلب عليها مع ضمان تكفل ناجع بالمدمنين من حيث العلاج والتأهيل الاجتماعي وذلك تحت إشراف فوج عمل خاص بالوقاية من هذه الظاهرة والذي تمت مناقشة نتائجه على مستوى المجلس الشعبي الوطني".
وتجسيدا لهذه الاستراتيجية، يضيف مراد، تعمل مختلف المصالح الأمنية على"إعداد وتنفيذ مخططات عمل بإقحام جميع وحداتها العملياتية في مكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وكذا تبني سياسة وقائية مبنية على التحسيس والتوعية من مخاطر هذه الآفة".