38serv
رغم أن الأمر يتعلق بأحد نجوم الكرة العالمية، ورغم تعاطف عشاق الكرة مع إصابته في اليورو بكسر على مستوى الأنف، إلا أن صانع الحدث في مرحلة الانتقالات الصيفية، من باريس سان جرمان إلى ريال مدريد، تلقى رفضا واضحا من الاتحاد الأوروبي في جزئية ينص عليها قانون الألبسة للهيئة الكروية الأوروبية، وتتعلق بواقي الوجه الذي يعتزم كيليان مبابي ارتداءه لمواصلة اليورو مع المنتخب الفرنسي.
وحين ظهر مبابي في تدريبات منتخب فرنسا، بعد الإصابة، وهو يرتدي واقي الوجه بألوان راية فرنسا وعليها أول حرفين من اسمه ولقبه، على يمين القناع الواقي، والرقم 10 ونجمتي ترمزان للقبي منتخب فرنسا بكأس أوروبا للأمم على يساره، يتوسطهم صورة الديك رمز المنتخب الفرنسي لكرة القدم، سارع الإتحاد الأوروبي، على الفور، إلى تنبيه النجم مبابي بأن ذلك القناع ممنوع في المباريات الرسمية.
وجاء حرص الهيئة الكروية الأوروبية لوضع النقاط على الحروف في جزئية تتعلق أصلا بتجهيز طبي، وهو قناع واقي الوجه، من منطلق الإصرار على إرغام اللاعب، مهما كان وزنه على الالتزام بقانون اللعبة حتى في أبسط الجزئيات منه، كون الهيئات الرياضية، على غرار اللجنة الأولمبية الدولية في ميثاقها الأولمبي أو الإتحادية الدولية لكرة القدم من خلال قانون الألبسة تقدم، ليس الخطوط العريضة أو المبادئ الأساسية للرياضة عامة أو اللعبة على وجه الخصوص، إنما أيضا كل التفاصيل والجزئيات بكثير من الشرح والوضوح، لغلق الطريق أمام أية محاولة مقصودة أو غير مقصودة، لتسويق المنافسة في صورة فوضوية، أو استغلالها لأغراض تجارية أو اقتصادية أو سياسية أو دينية أو شخصية.
ومن منطلق أحكام المادة 42 لقانون الألبسة للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، المتعلق بالتجهيزات الطبية، مثل القناع الواقي للوجه، جاء قرار "يويفا" بمنع مبابي من ارتداء ذلك القناع المخالف للقانون، كون المادة 42 في بندها الأول وفقرتها التاسعة تنص على أن "التجهيزات الطبية يجب أن تكون من لون موحد ولا يظهر عليها اسم المنتج أو الفريق"، ما يرغم نجم منتخب فرنسا على التخلي عن قناعه "غير القانوني" الذي صنع الحدث.
وحين تستوقفنا "يويفا" عند مدى الحرص على تطبيق قوانينها وإرغام المنتسبين إلى كرة القدم على احترامها مهما علا شأن اللاعب أو المدرب أو النادي أو المنتخب، حتى في أبسط الجزئيات، فإننا نعود بالذاكرة، قسرا، إلى فوضى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم التي جعلت من قوانينها مرجعا أساسيا للفوضى وعنوانا بارزا للخروقات.
ومن العيب اليوم ألا يخجل مسؤولو الهيئة الكروية القارية لتحولهم إلى رعاة وحماة الدوس، ليس على جزئيات قوانين الكاف، إنما على المبادئ الأساسية لقوانينها التي وضعت عليها اللجنة الأولمبية الدولية والفيفا وقانون بورد وحتى الاتحاد الأوروبي وكل الكونفدراليات "خطا أحمرا"، كون منح الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم الغطاء لتمرير رسائل سياسية مغرضة على قمصان نادي نهضة بركان خلال نصف نهائي كأس الكاف الذي كان مقررا أمام اتحاد الجزائر، تعدى الفضيحة المدوية، طالما أن الدرس القانوني الذي قدمه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في الحرص على تطبيق واحترام قانون في أبسط جزئياته، قد عرى "زعماء" إفريقيا في الكاف، وقد تسبب انسياقهم وراء نزعة المغرب الاستعمارية إلى ارتداء "ثوب العار".
الغريب، والقانون بين "يويفا" و "الكاف" متواجد قسرا على طرفي نقيض، تمادي الهيئة الكروية الإفريقية في الدوس على المبادئ الأساسية للقانون، في وقت كانت جزئياته لدى الهيئة الكروية الأوروبية بنفس القدر من الأهمية للمبادئ الأساسية، حيث جاءت الرسالة الأخلاقية والقانونية من مجرد قناع واق حافظت به أوروبا على مصداقيتها، بينما سقط القناع عن إفريقيا، وبدت وكأنها مجرد عصابة تضرب مصداقية القارة.
كان يبدو صعبا على هيئة كروية "محترمة" تعريض قارة برمتها إلى العار، غير أن النزعة المرضية للعضو المغربي نخرت جسد الكاف، حتى باتت تسمح باغتصاب المغرب أراض ليست بأراضيه بتلك الخريطة المزورة التي كانت على قمصان نادي نهضة بركان المغربي، كون الأمر يتعلق بأراضي جمهورية الصحراء الغربية التي تعترف الكاف في المادة 2 من قانونها الأساسي بدعم خطوات ومساعي الإتحاد الإفريقي، وتعتبر جمهورية الصحراء الغربية عضوا مؤسسا فيه.
ثم إن المادة 5 من القانون الأساسي للكاف تنص صراحة على احترام قانون بورد (مشرع قوانين كرة القدم)، وينص قانون بورد في المادة 4 البند 5 على أن قمصان اللاعبين وجب ألا تحمل شعارات سياسية، وهو نفس المبدأ الذي نجده في قانون ألبسة الكاف وتحديدا في المادة 59، غير أن الفرق الجوهري بين الكاف ويويفا أن الهيئة الأولى خارجة عن القانون والهيئة الثانية تقدس القانون.
ولأن إصرار الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم في حمل قميص رقم 10 وشارة القيادة في نادي اللاقانون، واجه منافسا، وهو الجانب الجزائري، يصر على إرساء المبادئ الأساسية للعبة، فقد أحدث الموقف الجزائري زلزالا دوليا وهو يضع حدا لتلك المهزلة، بعدما صارت القضية على طاولة محكمة التحكيم الدولي بلوزان، والفصل في "العبث الإفريقي" لم يعد سوى مسألة وقت فقط.