+ -

لا بديل للجزائر والاتحاد الأوروبي سوى التفاوض لاحتواء الموقف المتصاعد بين الجانبين وتسوية الخلافات المتراكمة منذ سنوات. ويشكل مجلس الشراكة إطارا قانونيا متفقا عليه لمناقشة كل القضايا وتقييم مدى تنفيذ الاتفاق، قبل بلوغ إجراءات التحكيم المنصوص عليها في المادة 100 من اتفاق الشراكة.

وتتيح هذه المادة تسوية المنازعات بين طرفي الاتفاق وآليات التسوية، حيث تنص على أنه يمكن لكل طرف في مرحلة أولى إخطار مجلس الشراكة بكل خلاف متعلق بتنفيذ هذه الاتفاقية وتفسيره. ويحوز المجلس، وفق البند الثاني من المادة 100 على سلطة تسوية الخلاف باتخاذ القرار بهذا الشأن، وتعدّ التدابير المتفق عليها في إطار مجلس الشراكة ملزمة لكليهما ووفق المطة الثالثة الموالية.

لكن هذه المؤسسة توجد في حالة عطل منذ 4 أعوام بسبب الفيتو الذي رفعته دول في الاتحاد للاحتجاج على القيود التي فرضتها الجزائر على الواردات من دول كإسبانيا وفرنسا.

وقد دفع هذا التعطيل الجانب الجزائري لتوجيه اتهامات مباشرة لإسبانيا، حيث تم تحميلها المسؤولية في ذلك. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية في فيفري 2023 تصريحات لمسؤول جزائري رفض الكشف عن هويته، قال فيها إن إسبانيا "تستغل بطريقة تعسفية قاعدة الإجماع لعرقلة انعقاد مجلس الشراكة مع الجزائر"، مشيرا إلى أن المجلس "يعتبر الهيئة القانونية المكلفة بالخوض في كافة الشؤون السياسية والاقتصادية والتجارية بين الجانبين".

ورغم التساؤلات الشرعية حول اللغة المتعالية التي تضمنها البيان الصادر عن المفوضية الأوروبية وخصوصا الخطاب المتطفل عن متطلبات المستهلك الجزائري والتساؤلات بخصوص توقيت ونوايا وأهداف المفوضية، بإصدار البيان الخاص بالخلاف التجاري، فيما الجزائر مقبلة على موعد انتخابي حاسم يتيح هذا البيان فرصة العمل لبعث آليات التسوية وفق مقدمتها آلية مجلس الشراكة الواجب أن تنعقد في غضون الأشهر المقبلة، قبل الانتقال إلى التحكيم، وهو الإجراء الخير لاحتواء النزاع.

إذ ينص البند الثالث من المادة 100 على أنه في حالة تعذّر تسوية الخلاف، يمكن لكل طرف إشعار الطرف الآخر بتعيين حكم، ويلزم عندئذ هذا الأخير بتعيين حكم ثان في غضون شهرين، ولأغراض تطبيق هذا الإجراء يتم اعتبار المجموعة والدول الأعضاء كطرف واحد في النزاع. ويعيّن مجلس الشراكة حكما ثالثا تتخذ قرار الحكام بالأغلبية، يتعين على كل طرف في النزاع اتخاذ التدابير المطلوبة لتطبيق قرار الحكام".

ورغم هذه التطورات، فالاتفاق أبعد ما يكون عن منطقة الخطر رغم تلويح صحف إسبانية بإمكانية تجميده، لكنه يتوجّب مراجعة شاملة له وإعادة النظر في أحكامه.

بالمقابل، من المرتقب أن تعزز هذه التطورات مواقف التيار الداعي للانسحاب منه وخصوصا في فترة الحملة الانتخابية بالنظر إلى تكلفته الباهظة على الاقتصاد الجزائري، فهو لم يعد بالفائدة إلا على المصنّعين الأوروبيين والأيدي العاملة هناك، وبعض المنتفعين في الجزائر من المستوردين وأرباب العمل الذين احتكروا دون غيرهم التجارة الخارجية وتمويلات إعادة تأهيل النسيج الصناعي الوطني، تضاف إلى هذه قلة تدفق الاستثمارات الأوروبية المباشرة والقيود على نقل التكنولوجيا وحرية تنقل الرعايا الجزائريين الذين يعانون صعوبات حادة في الحصول على تأشيرات دخول إلى القارة العجوز.

 

كلمات دلالية: