38serv

+ -

إنها مسيرة طويلة ومعقدة، هي خلاصة القراءة المتأنية للمشتغلين على ملف إصلاح مجلس الأمن الدولي التابع لمنظمة الأمم المتحدة التي تأسست في العام 1945 من طرف كبار العالم المنتصرين في الحرب العالمية الثانية، وذلك بغية تحقيق الأمن والسلم الدوليين! غاية بقيت حبرا على ورق.. وشعار يكذبه الواقع.

اليوم، الجزائر على موعد مع اجتماع وزاري هام جدا، لأن الفاعلين في هذا الاجتماع هم رؤساء دبلوماسية عشر دول إفريقية، عهد إليه الاتحاد الإفريقي على مستوى القمة مسؤولية إعداد مقترحات القارة السمراء حول الرؤية والمسار المأمول انتهاجه من أجل التوصل لإقناع الشركاء الدوليين بصواب أفكار وأطروحات الاتحاد بشأن الاعتراف أولا بالظلم التاريخي وتصحيح الأوضاع بما يعيد التوازن للعلاقات الدولية التي يغلب عليها بلا أدنى مواربة وصف عالم فيه القوي يأكل الضعيف، أو بعبارة أبسط وأسهل على المهتمين والفضوليين فهمها "عالم يسوده قانون الغاب".

وعلى مدى يوم كامل سيجلس وزراء خارجية المجموعة الإفريقية حول طاولة يتبادلون فيها الرأي للخروج بعصارة ترسي أرضية المقترح الإفريقي للمجتمع الدولي خلال اجتماعات الجمعية العامة الأممية السنوية في سبتمبر المقبل بنيويورك.

وإن كانت المسيرة طويلة ومعقدة إلا أن إرادة الدول الإفريقية التي تأخذ على عاتقها أداء هذه المهمة أو الإسهام في إنجاحها مثلما هو الحال مع الجزائر متينة، في وقت أنظار كل الأعضاء في المنتظم الأممي في نيويورك موجهة إلى الصوت الإفريقي، باعتباره المعبر عن أكبر منطقة جغرافية عانت ولاتزال تعاني من الإجحاف والتنكر لحق شعوبها وحكوماتهم في الدفاع عن مصالحهم من بوابة مجلس الأمن بصفة العضو الدائم، كامل الحقوق، مثلما هو الحال بالنسبة للقارات الأخرى.

وتدور أطروحات الإصلاح حول أربعة محاور رئيسية هي حق النقض "الفيتو" وعدد المقاعد الدائمة وغير الدائمة والتوزيع الجغرافي، بالإضافة إلى العلاقة بين مجلس الأمن والجمعية العامة الأممية.

اجتماع الجزائر، اليوم، سيسعى إلى تكريس الانسجام بين أهداف الاتحاد الإفريقي والواقع المفروض من طرف بعض الأعضاء الأساسيين في المنتظم الأممي ومحاولة التوصل إلى صيغة تتسم بالموضوعية والواقعية، تستقطب الإجماع الإفريقي الذي يظل منقوصا من بعض الفاعلين الذين يتوجب عليهم الالتفات إلى القارة الأم والابتعاد عن الأدوار الثانوية التي تخولها لهم بعض القوى الكبرى بداعي "المصالح المشتركة وخصوصيات"، خاصة أن الجزائر تحظى منذ بداية جانفي الماضي بمقعد العضو غير الدائم إلى غاية 31 ديسمبر 2025، وبمقدورها، بلا أدنى شك، تحريك المياه الراكدة وإعطاء دفع قوي للمقترح الإفريقي الذي سوف يتم إنضاجه خلال الاجتماعات الحالية والقادمة.

ولبلوغ هذا الهدف الإفريقي المشترك، من الواجب العمل على ضمان وحدة الصف وفعالية الحركة تجاه شركاء القارة الإفريقية في المجموعات الجغرافية الأخرى، خاصة الدول الناشئة، في مقدمتها الهند والبرازيل، إلى جانب الصين وروسيا، فضلا عن التركيز على بذل المساعي لتنوير الرأي العام العالمي خلال "قمة المستقبل" (سبتمبر المقبل)، حيث تستحوذ مواضيع إفريقية بنسبة لا تقل عن 70 بالمائة على المواضيع والقضايا التي تناقش منذ سنوات على مستوى الأمم المتحدة وهياكلها ووكالاتها. كما أن جل الصراعات والنزاعات المسلحة الداخلية محلها القارة السمراء، على خلفية معارك الاستقطاب الدائرة بين القوى الكبرى ووكلائها الممثلين بالشركات الأمنية وشبه العسكرية "المرتزقة" وتحالفها مع منظومات حكم وليدة تغييرات غير دستورية، كثيرا ما تورطت فيها قوى تستحوذ على القرار الأممي في مجلس الأمن.