"لا علاقات ودية مع فرنسا دون إطلاق سراح تاريخنا المحتجز"

38serv

+ -

يكشف رئيس اللجنة الجزائرية للتاريخ والذاكرة، الدكتور محمد لحسن زغيدي، في حواره مع "الخبر"، عن افتكاك لجنته موافقة نظيرتها الفرنسية بتسليم جميع الأرشيف الخاص بالدولة الجزائرية لما قبل الاحتلال الفرنسي، وجميع الوثائق التي تطالب بها الجزائر وترمز إلى وجود الأمة الجزائرية وعلاقاتها الدبلوماسية مع دول العالم.

ويشدد منسق اللجنة الرئاسية بأن "الجزائر الجديدة أوضحت منذ ساعاتها الأولى ونشأتها بأنه لن تكون هناك علاقات ودية متعاونة متكافئة مع فرنسا إلا بعد الانتهاء من ملف الذاكرة".كما يبرز "تصلب الموقف الجزائري في مطلب إطلاق سراح تاريخنا المحتجز في الأراضي الفرنسي قبل الحديث عن بناء علاقات ودية وتعاون مستقبلي"، على حد قوله، ويجدد زغيدي دعوته في هذه المناسبة "الجانب الآخر إلى تخطي القوانين ذات الأنانية التي تتغذى من الروح الاستعمارية".كما يتحدث عن تقدم اللجنة في تصحيح المغالطات التاريخية التي وضعتها المدرسة الاستعمارية وتصحيحها في المناهج التربوية والجامعية الوطنية.

 

اجتمعت اللجنة المشتركة في الفترة 20 إلى 24 ماي بالجزائر العاصمة، وخلصت، حسب بيانكم الختامي، إلى ضرورة تدخل القيادة السياسية في فرنسا من أجل استرجاع ممتلكات تحمل قيمة رمزية للجزائريين موجودة في المتاحف الفرنسية، وماعدا أغراض وأشياء خاصة بالأمير عبد القادر، ما الذي تحقق في هذا اللقاء الخامس؟

حقيقة لا يمكن أن نعالج ملفا يتعلق بفترة احتلال دامت أكثر من 132 سنة وما قبلها في جلسات معدودات أو في حيز زمني محدد، لأن ما نتفاوض عليه هو ما نهب من الجزائر ويحمل رموزا دلالية سيادية في مختلف المجالات من التكنولوجيا العسكرية في ذلك الوقت، ما نعمل على استرجاعه كثير جدا، وهو جميع رموز الدولة الجزائرية خلال القرون السادس والسابع والثامن عشر، وبداية القرن التاسع عشر في مختلف المجالات الصناعية، والثقافية، والعمرانية، والتجارية، وكل ما يوثق العلاقات الدولية وعلاقات السلم والتعاون والتبادل، وكل ما يتعلق بكيان الدولة الجزائرية القائمة قبل 1830.

 

وهل لديكم جرد خاص بهذه الممتلكات؟

نعم؛ اشتغلنا كثيرا على هذا الجانب وباحثونا لديهم الكثير..لما دخل جيش الاحتلال أرضنا واقتحم قصر الداي بالعاصمة، سرق كل شيء من هناك.وللتوضيح؛ فإن قصر الداي يمثل قيادة الدولة، ولما ينهب مقر رئاسة الدولة، فإن كل ما نهب منه يكتسي دلالة رمزية سيادية.

 

نفهم من حديثكم بأن هناك الكثير من الأشياء التي تفحم المشككين في "وجود دولة وأمة جزائرية" قبل الاحتلال؟

نحن كمؤرخين واجهناهم بالدليل العلمي، عن منهوبات أخذت من دولة قائمة، وبالنسبة لنا فإن كل ما نقله قادة الغزو الفرنسي، مهما كان حجمه فهو يكتسي دلالة ورمزية لا يمكن التفريط فيها، لأنه سرق من قصر الحاكم وإدارته المركزية، ولهذا كل هذه الأمور طالبنا بها كاملة.

وليس هذا فحسب، بل نطالب بلا أي تنازل، بالأرشيف المتعلق بالجوانب الدبلوماسية والعلاقات الدولية للدولة الجزائرية مع نظرائها في أوروبا، وخاصة مع فرنسا.وللمشككين، أقول إن العلاقات الجزائرية الفرنسية دامت عدة قرون، تجمعنا مع فرنسا اتفاقيات في السلم والأمن والتجارة والدبلوماسية، وكانت لنا علاقات عسكرية وثقافية وغيرها.

إلى جانب ذلك، طالبنا بكل ما يتعلق بهذه الفترة من أرشيف دبلوماسي للجزائر مع دول العالم، سنبقى نطالب بوثائق تاريخية تفصل في علاقتنا مع فرنسا التي بدأت منذ نهاية القرن السادس عشر ومثبتة باتفاقيات ومراسلات، وخاصة اتفاقية السلم واتفاقيات تجارية واتفاقيات الصداقة.

 

وهل لمستم تجاوبا وتفهما من نظرائكم الفرنسيين في هذا الجانب؟

نعم، كانت هناك استجابة لاسترجاعها كاملة غير منقوصة، وهذا شرط شددنا عليه، بل وصلنا إلى اتفاق بأن الأرشيف الجزائري لما قبل 1830 يسترجع كاملا، وهذا التزام موثق انتزعناه من اللجنة الفرنسية.

 

ومتى تبدأ عملية التسليم؟

حاليا نشتغل على استكمال آخر "الروتوشات" لعملية الجرد والإحصاء الخاص بتلك الفترة، تركنا للجانب الفرنسي ترتيب عملية التسليم وتحديد الكيفية والموعد في اجتماع لاحق، الأهم أن اللجنة الجزائرية افتكت موافقة نظيرتها الفرنسية بصفتها هيئة رئاسية.

 

وماذا عن قيمة الدَّين الجزائري المستحق لدى فرنسا قبل الاحتلال والأموال والأشياء الثمينة التي سلبها جيش الاحتلال الفرنسي من قصر الداي، ومن أماكن أخرى خلال الأشهر الأولى من الغزو؟

الآن نتباحث عما يمكن استرجاعه من وثائق بشكل فوري، أما ملف الديون والمنهوبات الثمينة فسيتم استعراضه مع الجانب الآخر خلال اجتماعات لاحقة، إنه مسار مرتبط بتحقيق تقدم فيما يتعلق بالجانب الأرشيفي.

 

بعد سلسلة لقاءات بين أعضاء اللجنة المشتركة هنا بالجزائر وبفرنسا، لماذا ارتكزت المباحثات حول كرونولوجيا القرن التاسع عشر؟

يجب أن يعلم الجميع، بأنها فترة حساسة جدا لابد من التوقف عندها مطولا وبشكل دقيق وبحرص شديد؛ فهي فترة حافلة بالأحداث، ومرحلة بناء نظريات وأسس "للجزائر الفرنسية"، هذا من جهة.. ومن جهة أخرى، هي فترة الإجرام الكبير الذي ارتكبته فرنسا التي اعتدت على أرضنا، وهذا العدوان له تاريخ يبدأ من جوان 1830 إلى غاية جويلية 1962، وعند كتابة التاريخ لا بد لنا من العودة إلى بدايات الإنزال في سيدي فرج ومعالجة الملف كاملا غير منقوص.

 

وما هي الملفات ذات الأولوية فيما يتعلق بهذه الفترة بالضبط؟

كل ما يتعلق بهذه الفترة الزمنية في جوانبها العسكرية والاقتصادية والثقافية والسياسية والاجتماعية، كلها على عاتق اللجنة لدراستها والبت في استرجاعها واستعادتها.

نحن أمام فرصة لدراسة واسترجاع كل ما يهمنا عن بدايات الغزو والجرائم، لأن عملا كهذا يستوجب علينا التوقف كثيرا عند البداية والتقيد بالضوابط العلمية والمنطقية والإجرائية والواقعية تفرض علينا الانطلاق من البداية، ثم نأتي إلى مرحلة القرن 19 كاملا.

 

هي فترة طويلة جدا قد تستنزف الجهد وتطيل من عمل اللجنة وتبعثرها بين أحداث تلك الحقبة، كما قد تصطدم برفض الجانب الفرنسي حجب الحقائق التاريخية؟

منهجيتنا واضحة؛ فنحن نشتغل على كل المجازر التي واكبت فترة الاحتلال العسكري للجزائر التي دامت 104 سنوات، وبالضبط من سيدي فرج جوان 1830 إلى 1934 إلى تندوف مارس 1934، وبالتالي العمل محدد الأهداف. تقدمنا في هذا الجانب على مرحلتين؛ الأولى التزم الطرف الفرنسي منحنا الإحصاء وهي 5 أمتار ضوئية وأكثر من 13 رزمة من الأرشيف الخاص بجزائر ما قبل 1830، ودائما نعتبر هذا غير كاف؛ لأن بالنسبة للقرن التاسع عشر لا زلنا نفاوض ونطالب بالمزيد.

 

بالحديث عن فترة الغزو، هل يقتصر عملكم على مطلب الاسترجاع وماذا عن الجوانب الأخرى الأكاديمية والتاريخية؟

عملنا كباحثين متعدد الأهداف والجوانب، وخاصة عن مرحلة عرفت عدة مقاومات، وهنا يجب التوضيح بأننا نعتمد الفحص والتحقق من أجل تغيير بعض المفاهيم وتصحيح المصطلحات التي ارتبطت بمقاومات شعبية كبيرة خلال القرن التاسع عشر، سميناها "حرب المقاومة"؛ لأنها لم تنته ولا في فترة معينة حرب لمقاومات متعددة.

 

يعني نحن أمام محطة هامة لضبط المصطلحات التاريخية؟

نعم وهو كذلك، فالاستعمار الغاشم حاول أن يجزئ المقاومات التاريخية حتى ينزع منها الروح الوطنية وينزع فكرة الوحدة الوطنية عن الأمة الجزائرية، نحن كباحثين نعتبر أن من يحصر المقاومات في قادتها وضمن نطاق جغرافي ضيق، هو ضرب لوحدة المقاومة وتفتيت لمفهوم الاستمرارية.

 

إذن هي مغالطات متعمدة؟

نعم.. هناك مغالطات ممنهجة عن تاريخ المقاومات الشعبية خلال المائة سنة الأولى من الغزو العسكري، وضعها قادة الاحتلال خلال القرن التاسع عشر ثم روج لها مؤرخو المدرسة التاريخية الاستعمارية الفرنسية التي أرادت أن تجزئ التاريخ وتمزقه وتحصره في أشخاص بعينهم وفي مناطق بمعزل عن بعضها بهدف إخلائها من البعد الوطني.

 

ولكن هذه "المغالطات" مدونة في المناهج الوطنية ولقنت لعدة أجيال؟

فعلا للأسف، ولهذا فإن اللجنة سترفع توصيات من أجل ضبط المصطلحات والمفاهيم وإعادة كتابة بعض الأحداث وتصحيح الأخطاء التاريخية الواردة في المقررات الدراسية لكل الأطوار، وحتى في الجامعات، وذلك بالنسبة لكامل حقبة الاستعمار الفرنسي، حيث اتفقنا كباحثين جزائريين على وصف الفترة الممتدة ما بين 1830-1934 بـ "حرب المقاومة"، ثم تأتي مرحلة الحركة الوطنية، وبعدها ثورة التحرير.

 

بعد الاتفاق على استلام أرشيف ما قبل الاحتلال، أين وصل ملف استرجاع وثائق القرن 19؟

في اللقاء الثاني في باريس تم الاتفاق على تسليم مليون و800 ألف وثيقة مرقمنة، وبعدها في اللقاء الثالث بقسنطينة اتفقنا أيضا على تسليم 2 مليون وثيقة مرقمة.

 

لماذا قبلتم الأرشيف الرقمي دون المادي الأصلي؟

نحن قبلنا الوثيقة المرقمة حتى تكون بوابة للبحث الأكاديمي؛ لأنها تتعلق بفترة شحت فيها المعلومة وعلى أساس أنها مفيدة من الناحية البحثية ولم ولن نتنازل عن الوثيقة الأصلية.

 

ما هو الفرق بين النسختين؟

الرقمية تحمل في محتواها الجانب العلمي التاريخي الذي يحتاج إليها الباحث، أما الأصلية فهي تحمل في شكلها رمز السيادة الوطنية، ولهذا لن نتنازل عن المطالبة بها.

 

هل لمستم تجاوبا وليونة لتسليم الأصلي من تلك الوثائقي؟

لقد لمسنا ليونة في تسليم الجانب المرقم، أما في الجانب الأصلي لا يزال الحوار يدور حول العائق القانوني الذي يتحجج به الفرنسيون، وهذا ما تسبب في تأجيل النقاش في سنة واحدة ثلاث مرات.

 

وماذا عن المنهوبات التي وثقتها اللجنة والمعروضة في متاحف خاصة بعائلات وجنرالات، وحتى بلديات؟

هذا ما يؤكد بأن الغزو العسكري أتى على الأخضر واليابس، وبالنسبة لكل الرموز الوطنية التي سرقها ضباط الاحتلال والمتواجدة في معارض غير عمومية؛ فإننا نعمل مع نظرائنا لإيجاد صيغة لاسترجاعها، وهذا يتوقف على إرادة سياسية فرنسية قوية.

 

بالرغم من التعقيدات التي تلف ملف الذاكرة بين الجزائر وفرنسا وتناقض المواقف بين الباحثين والسياسيين، إلا أن رئيس اللجنة الفرنسية بن جامين ستورا، يرى ضرورة "التطلع نحو المستقبل ضمن نطاق الشراكة.."، ما تعليقكم؟

النقاش حول مصلحة البلدين والشعبين يقودنا إلى ضرورة مراجعة العوائق التي تعرقل أي تقدم في هذا الجانب، وهنا أقول للفرنسيين: إذا كان القانون يعرقل المصلحة الوطنية، لمن نمنح الأولوية: للمصلحة أو القانون؟ كل بلدان العالم تدعي أنها دولة قانون، لكن هناك قانونا يصغى له ويعتبر شبيها ومتطابقا مع القوانين والنصوص العالمية، وما أجمعت عليه الأمم المتحدة ولواحقها ومن الصعب تغييره، وهناك القوانين ذات الأنانية التي لا زالت تتغذى من الروح الاستعمارية وهي تتنافى مع مصالح الدولة والشعوب.

 

لماذا تقدم فرنسا الجانب القانوني على حساب المصلحة الوطنية ومستقبل الأجيال، خاصة وأن الجزائر الجديدة أوضحت منذ ساعاتها الأولى ونشأتها بأنه لن تكون هناك علاقات ودية متعاونة متكافئة مع فرنسا إلا بعد الانتهاء من ملف الذاكرة، إذن بناء علاقات مستقلة يبقى رهن الذاكرة؟

نقول له ولهم، كيف أتعامل معك وأنت سجان تاريخي بكل أبعاده، في الرفات البشري في الماديات التي نهبتها ونقلتها إلى بلادك وفي رموز سيادتي ودولتي وأرشيفي، وكل ما له علاقة بي، في كل تاريخي بكل ما يحويه من تفاصيل؟ كيف أتعامل معك وأنا عندما أحاول أن أكتب تاريخي عن طريق البحوث أجدني مضطرا لأخذ الإذن منك؟ كيف ابني معك مستقبلا وأنت تحكم قبضتك على ماضي أجدادي، وقد تعطيني ما يضرني وتمنعني مما قد يشينك؟ ولهذا لا تنازل لا تفريط لا سكوت عن الأرشيف كاملا.

 

في تقديرك، ما هو الحد الأقصى كمهلة لعمل اللجنة؟

لا يوجد لحد الآن مهلة أو حيز زمني لعملنا؛ بل لدينا الوقت الكافي للتباحث والتفاوض وتحقيق أكبر قدر من المكتسبات.

 

ومتى نقول إنها نجحت أو حدث انسداد لعملها؟

تنجح اللجنة حينما تتمكن من تصفية مخلفات الماضي ولا مستقبل دون تحقيق التقدم المشروط، الماضي هو الذي يضمن دوام واستدامة المستقبل.

 

وهل تتوافقون مع الجانب الفرنسي حول هذه المحددات؟

قلنا لهم بأنه لا يمكن أن نبني معكم مستقبلا وتاريخنا مرهون عندكم، طالبناهم بصريح العبارة "أطلق سراح تاريخنا وسنبني معكم مستقبلا واعدا يتميز بالاحترام المتبادل وبالتكافؤ، وسنبني علاقات تقرها القوانين الدولية".

 

وماذا عن ملفات أخرى، كتطهير أماكن التجارب النووية وغيرها من الجرائم؟

لم نصل بعد إلى تلك الفترة.

 

يتساءل الكثير من المهتمين بالتاريخ، عن سبب تغليب ملف الأمير عبد القادر عن باقي زعماء المقاومة؟

هذا غير صحيح، لقد ركزنا على كل المقاومات؛ بل أعطينا أمثلة عن زعماء المقاومات الشعبية والوطنية دون تنازل أو تمييز، والتركيز على الأمير كونه مؤسس الدولة ورمزها، هو الذي رفعت صورته في أول حكومة جزائرية مؤقتة.. وكما يعلم الجميع، الأمير رمز عالمي وليس جزائريا؛ فالكثير من شوارع ومدن العالم تحمل اسمه.

 

بعد نحو عام ونصف العام من عمل اللجنة المشتركة، هل لمستم تسييسا لبعض الملفات أو ميولات بعض أعضائها نحو قضايا وأحداث ووثائق قد تثير الحساسية عندنا في الجزائر؟

للأمانة، لم نلمس أي تصلب أو تسييس، هذه لجنة رئاسية مختارة متفق عليها من الدولتين وتابعة لرئيسي البلدين، والعمل الجاري متجرد من انتماءات أعضائها. نحن نتصرف كأكاديميين، وهذا ما اتفقنا عليه من البداية، والعمل ضمن هذا الإطار يستوجب على الطرفين خلع كل المعاطف ذات الألوان الإيديولوجية والسياسية والانتماء فقط لمعطف الأكاديمية والبحث التاريخي.

 

لماذا اعتبر البعض بأن الجلسة السادسة القادمة في باريس حاسمة؟

الجلسة القادمة حاسمة؛ لأننا نأمل في أن يكون لقاء جويلية مثمرا يقدم الملموس، ولقاء الشهر القادم سيتزامن مع عيد الاستقلال، ولذلك نأمل أن يكون لقاؤنا هو لقاء الاسترجاع.

 

هل هناك خطوط حمراء تضعها السلطات العليا في البلاد لعملكم؟

اللجنة تعمل وفق منهج وتوجيهات سامية مبنية على عدم التفريط في أي شيء يتعلق بالتاريخ الوطني الجزائري، فاللجنة تعمل في إطار متزن ومتواصل، خاصة وأنها بعد أكثر من سنة ونصف السنة أصبح أعضاؤها العشرة يتبادلون الاحترام والتفاهم واعتماد أسلوب الإقناع والحجة، وتأكد الجانب الفرنسي بأننا متشددون فيما يتعلق بملف الاسترجاع وقد دعونا نظراءنا في اللجنة الفرنسية، إلى عدم التصلب أمام ما يقره الحق والواقع والحقائق.

 

بالإضافة إلى ملف الاسترجاع وضبط المصطلحات، ما هو المنتظر من عمل اللجنة مستقبلا؟

نسعى لتحقيق آمال زملائنا الباحثين في الجامعات الجزائرية وأن نتمكن في القريب العاجل من فتح البوابة الالكترونية فيما يتعلق بالأرشيف، وفيما يتعلق بالتبادل العلمي وافتكاك أكبر قدر من البحوث والأعمال عن الجزائر باللغتين، ونمضي في تفعيل التبادل البحثي ما بين الطرفين الجزائري والفرنسي، كما نسعى أيضا إلى تجسيد اتفاقية إرسال الطلبة والباحثين إلى فرنسا واستقبال فرنسيين باحثين في الجزائر، إلى جانب فتح كل مراكز البحث في فرنسا أمام الباحثين الجزائريين، ونتطلع أيضا إلى تحقيق التعاون ما بين المؤسسات الأرشيفية والمكتبات الوطنية بين البلدين وتسريع التعاون المتحفي بين المؤسسات البحثية للبلدين.

 

ماذا يريد الطرف الفرنسي في المباحثات وخلال الزيارات الميدانية لبعض المواقع؟

لقد أبدى الوفد الفرنسي اهتماما بمعرفة أين يوجد الأرشيف الذي يشتمل على بعض الملفات التي تهمهم، وقد منحناهم الفرصة للوصول إلى بعض الملفات.. لقد اطلعوا على مدى التطور الذي يحصل في بلادنا في جانب الحفظ وتسيير وحفظ مؤسسات الأرشيف، لما زاروا انبهروا ووجدوا أن كل المقاييس العالمية متوفرة على مستوى المديرية العامة للأرشيف الوطني، والمكتبة الوطنية، والمتاحف الوطنية، ومراكز البحث وجدوها متطورة وآمنة.

 

وهل طلبوا وثائق أو ملفات بعينها؟

نعم؛ ركزوا على بعض الملفات التي تخص أشخاصا معينين وبحثوا عن وثائق قضائية في محكمة عبان رمضان ووجدوها في غاية الحفظ والأمان، وهي أول محكمة وجدت في سبتمبر 1830 ثم 1880 ثم أصبحت المحكمة العليا لمنطقة شمال إفريقيا، كما طلبوا الاطلاع على معلومات عن محاكمات وبعض الملفات الخاصة بالحالة المدنية، ووجدوها مصونة.

 

من هم الأشخاص الذين استهدفهم الوفد الفرنسي بالبحث؟

لا يمكن الكشف عن هذا الملف في الوقت الحالي.