أحدث موقع "ليكيب" اليوم زلزالا على مستوى الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بسبب الخوض، من جديد، في ملف موعد نهائيات كأس أمم إفريقيا 2025 التي قامت "الكاف" بمحاباة المغرب بتمكينها من شرف تنظيم الطبعة بما يتعارض مع قانونها الأساسي.
وبعيدا عن الجوانب غير القانونية التي أحاطت بمسرحية "التصويت" على مستوى المكتب التنفيذي لـ"الكاف" بشأن خيار البلدان المنظمة للطبعات المقبلة لنهائيات كأس أمم إفريقيا، فإن الهيئة الكروية القارية، وهي تتمادى في خياراتها وقراراتها المثيرة للجدل، وجدت نفسها في موقع دفاع حين تعلق الأمر بخبر نشره موقع "ليكيب" الفرنسي يؤكد فيه، على لسان الأمين العام لـ"الكاف" فيرون موسوغو أومبا، أن "كان" المغرب المقرر صيف عام 2025 سيتم تأجيلها، مرة أخرى، قسرا، ليتم تنظيمها مطلع عام 2026.
الخبر أحدث زلزالا إلى درجة أن "الكاف"، ومن وقع الحرج، عجزت عن الثبات في موقف استعداد، وبدا عليها الترنح وهي تجتهد لتكذيب ما نشتره "ليكيب".
ولأن الأمر يتعلق بضرب جديد في الصميم لمصداقية الهيئة الكروية القارية، وهي تقبل أن تداس، مرة أخرى، أكبر مسابقة لها، فإن الفشل في جعل "الكان" مستقرة من حيث الموعد في السنوات الفردية وفي الصائفة، دفع مسؤولي "الكاف" إلى "تأجيل" ترسيم الفضيحة لحين من الزمن، من خلال نفي الخبر بإصدار تغريدة ذكرت فيها أيضا بأن القرار سيتم اتخاذه في اجتماع لمكتبها التنفيذي، بما يعزز الاعتقاد أكثر بأن ما كشفت عنه "ليكيب" فيه رائحة الحقيقة، على الرغم من انتهاء هذا الزلزال بوقف ارتداداته فورا بمسح "الكاف" لتلك التغريدة و"ليكيب" لذلك الخبر.
وحين نتأمل في الأجندة الكروية الدولية ونقف عند تحديد موعد كأس العالم للأندية في الفترة الممتدة ما بين شهري جوان وجويلية عام 2025 بالولايات المتحدة الأمريكية، نقتنع، أمام "أولوية" المسابقة الدولية على القارية التي تبنتها "الكاف" طواعية، بأن تأجيل "كان" 2025 من بداية العام إلى منتصفه من طرف "الكاف" في وقت سابق، لم يكن في النهاية سوى مناورة مدروسة، الهدف منها تجنب الاعتراف بعدم جاهزية المغرب لاحتضان المسابقة التي تم تجريد غينيا من استضافتها لعدم الجاهزية أصلا.
وحين تنساق إفريقيا كرويا وراء مزاج المغرب، فإنها تكون قد اختارت، مع سبق الإصرار والترصد، جعل مصلحة الأفارقة تتلاشى أمام النزعة البراغماتية المتسلطة للمغرب، من خلال استغباء كل أعضائها بجعل الاعتقاد يسود، وهي تؤجل في المرة الأولى "كان" 2025 من جانفي إلى جوان، بأنها بصدد العودة إلى قرارها السابق القاضي بتنظيم "الكاف" في الصائفة، مثلما كان عليه في طبعة مصر عام 2019 (الطبعة الوحيدة التي جرت في الصيف وفي السنوات الفردية)، وليس بصدد التلاعب بموعد "الكان" وفق مزاج المغرب.
الحقيقة التي تصر "الكاف" على إنكارها أنها خشيت تأجيل "الكان" بعام واحد دفعة واحدة، من جانفي 2025 إلى جانفي 2026 لتفادي ردود فعل محتملة، وراحت، كمرحلة أولى، تؤجلها بستة أشهر، مبرزة حجة العودة إلى طبعة في الصيف لإنهاء الخلاف السائد مع الأندية الأوروبية المتضررة من فقدان لاعبيها الأفارقة في منتصف المسابقات المحلية والأوروبية، رغم أن "الكاف" كانت تدرك بأن صيف 2025 يقترح مسابقة كأس العالم للأندية، بما يجعل من المستحيل فرض مسابقة أخرى على الأفارقة تتزامن مع نهاية البطولات المحلية والقارية.
وحين قدرت "الكاف" بأن قرار المرحلة الأولى وخلفياته غير البريئة يكون قد سقط بالتقادم من أذهان الأفارقة، بدأت تحضر لمبرر، على ما يبدو، لقرار محتمل بتأجيل "كان" 2025، كمرحلة ثانية، بستة أشهر أخرى، وترسيم تنظيمها في جانفي وفيفري من عام 2026، على أن يكون المبرر "كثافة البرمجة"، قبل أن تصطدم بالخبر وقد انتشر مثل النار في الهشيم على موقع "ليكيب"، دون أن تكون جاهزة لمواجهة إفريقيا بالحقيقة أو تكون قد أعادت "بروفة" المبررات الواهية عدة مرات بما يضمن لها قوة الإقناع عند يأتي موعد الترويج.
ويجب أن نشير إلى نجاح المغرب في انتزاع لقب "بطل إفريقيا في الدوس على المسابقات القارية"، لأن الذاكرة الكروية تحتفظ بمساومة المغرب لإفريقيا في 2015 بالإصرار على تأجيل "الكان" بستة أشهر بحجة انتشار وباء إيبولا، واصطدم المغرب وقتها برفض الرئيس الأسبق لـ"الكاف"، عيسى حياتو، الذي وجد غينيا الاستوائية لإنقاذه وإنقاذ إفريقيا قبل ثلاثة أشهر فقط عن "الكان"، وجرت الطبعة دون مشاكل صحية على خلاف مزاعم المغرب التي تلقت عقابا من "الكاف".
وتبقى آثار أقدام المغرب على إفريقيا بادية للعيان حتى في المسابقات الأخرى، كون المغرب غاب عن "شان" الجزائر مع سبق الإصرار والترصد، ولعب وقتها على حجة الرحلة المباشرة على متن الخطوط الجوية المغربية، كمساومة واضحة للقدوم إلى الجزائر، ليختار الغياب الطوعي بحماية من "الكاف" التي "استعمرها" واستولى على سيادتها، بدليل أن المغرب رفع الراية البيضاء، ثلاثة أشهر بعد ذلك، وحل بالجزائر في كان تحت 17 عاما دون الخطوط الجوية المغربية، لأن الأمر وقتها كان يتعلق بمسابقة مؤهلة إلى كأس العالم وبفئة عمرية قائمة بذاتها، والغياب كان سيعرضه إلى عقوبات صارمة.
ولا يختلف الوضع الحالي مع ذلك الذي فرضه المغرب على حساب مصداقية إفريقيا، كون المغرب استغل "الكاف" لأغراض سياسية بنفس الطريقة خلال "شان" الجزائر، وأصر على السطو على إقليم بلد إفريقي ذي سيادة، وهو جمهورية الصحراء الغربية من خلال تلك الخريطة المزيفة في مسابقة كأس "الكاف" وقد ترتب على تلك النزعة الاستعمارية المرضية عدم إجراء مقابلتي نصف النهائي، لكن حين قدم المغرب لملف ترشحه لاحتضان مونديال 2030 وحين شارك مختلف منتخباته في المسابقات الكروية الدولية، فإنه عاد إلى جادة الصواب وانصاع للموقف الدولي الذي تتبناه "الفيفا" ويقره الميثاق الأولمبي والذي يفرض عليه قسرا إبراز خريطته الحقيقية التي يعترف من خلالها رسميا بأن الأراضي التي يغتصبها بكرة القدم "قاريا"، هي أراضي دولة ذات سيادة هي جمهورية الصحراء الغربية العضو المؤسس للإتحاد الإفريقي الذي أصبح المغرب عضوا فيه "مرغما" في 2017.