38serv
في مقابلة أجرتها معها "الخبر"، تجيب رئيسة المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، السيدة ربيعة خرفي، عن الأسئلة الجوهرية حول مجمل الموضوعات الاقتصادية والاجتماعية المرتبطة بالتحولات العميقة التي تعرفها الجزائر منذ أربع سنوات، سواء في الجوانب المتعلقة بالاستشراف والتحليل أو الاقتراح، في كل المسائل التي تدخل ضمن مجالات اختصاصه، وتماشيا مع المهام المسندة إلى المجلس طبقا لأحكام دستور أول نوفمبر 2020. وفق هذا المنظور، تتحدث السيدة خرفي عن شروع المجلس في إنجاز دراسة تتناول نظرة استشرافية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني 2062، تزامنا مع مئوية الاستقلال، وسيتم ذلك على مراحل زمنية بدءا بـ2027-2030، حيث سيعرف اقتصادنا الوطني منعرجا حاسما تماشيا مع تجسيد المشاريع الكبرى السارية وآثارها على دفع وتنويع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
منذ عام 2020، صار المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لاعبا أساسيا في الحوار والتشاور الاقتصادي والاجتماعي وحاضنا ومؤطرا لفعاليات المجتمع المدني، من خلال هذه المهام، ما هي النتائج المحققة وما المنتظر تجسيده في المستقبل المنظور؟
يعد المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من الهيئات الاستشارية العريقة في الجزائر، إذ يقوم بمهام متعددة، أبرزها تقديم الاستشارة للسلطة التنفيذية وتنشيط الحوار الوطني والتشاور حول المسائل الاقتصادية والاجتماعية وكذا تقييم السياسات العمومية.
منذ نشأته في عام 1963، مر المجلس بمراحل متعددة، حيث تنوعت تشكيلته ومهامه وفقا للخصوصيات الاقتصادية والسياسية لكل مرحلة من تاريخ الجزائر المستقلة. وأدى المجلس دورا هاما في منتصف التسعينات كآلية مرافقة للانفتاح السياسي ومرافقة الإصلاحات الاقتصادية التي تبنتها الجزائر في ظل مخطط الإصلاح الهيكلي بعد اللجوء إلى صندوق النقد الدولي خلال تلك المرحلة التي تميزت بظاهرة الإرهاب الذي ضرب البلاد خلال العشرية السوداء.
ومع بداية الألفية الثالثة، قام المجلس بدور محوري في ملفات عديدة أبرزها تلك المتعلقة بالتنمية المحلية. وتميزت تلك المرحلة أيضا بتعزيز تمثيل وحضور المجلس على المستويين الإقليمي والدولي، مثل الجمعية الدولية للمجالس الاقتصادية والاجتماعية والهيئات المماثلة.
وبعد مرحلة جمود نشاط المجلس لسنوات عديدة، عاد المجلس إلى الواجهة والنشاط بداية عام 2020، حيث تمت دسترته وتوسعت مجالات اختصاصه لتشمل البعد البيئي الذي أضيف إلى تسميته، وذلك تجسيدا للالتزام رقم 27 من التزامات السيد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
ونعمل حاليا على أن يكون المجلس فضاء مناسبا لممارسة الديمقراطية التشاركية التي تقوم على إشراك مختلف الفاعلين الاقتصاديين من القطاعين العام والخاص، بالإضافة إلى الشركاء الاجتماعيين والمجتمع المدني والخبراء بمن فيهم ممثلو جاليتنا في الخارج من مختلف التخصصات، في الحوار الوطني والتشاور لصياغة تصورات توافقية حول مسائل وأهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. كما نعمل أيضا على تجسيد مهمة الاستشراف والتحليل والاقتراح في كل المسائل التي تدخل ضمن مجالات اختصاصه عملا بتوجيهات السيد رئيس الجمهورية، لاسيما تلك التي أسداها خلال تنصيب أعضاء المجلس بتاريخ 28 سبتمبر 2021.
في هذا الإطار أشير إلى الدراسة التي سنشرع في إنجازها والتي تتناول نظرة استشرافية بعيدة المدى للاقتصاد الوطني للجزائر 2062 لما لهذا الأفق من رمزية تزامنا مع مئوية الاستقلال، وسيتم ذلك على مراحل زمنية بدءا بـ2027-2030، حيث سيعرف اقتصادنا الوطني منعرجا حاسما تماشيا مع تجسيد المشاريع الكبرى السارية وآثارها على دفع وتنويع التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة.
كيف يمكن تعزيز التعاون بين المجلس والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؟
المجلس يجمع فئات متعددة بما فيها النقابات والجمعيات وأرباب العمل عموميين وخواص، التي لها أوجه نظر وآراء قد تكون مختلفة. وفي هذا الصدد، من المهم التأكيد على أن وجود هذه المكونات يمثل قوة اقتراح تتجسد في إثراء النقاش وبناء إجماع حول عدد معين من القضايا، لاسيما المتعلقة بالظروف المعيشية للمواطنين. وفيما يتعلق بالقطاع الخاص، فإن المجلس يعتبره شريكا أساسيا للقطاع العام في تحقيق أهداف التنمية الوطنية. لذا، فإن تطور الاقتصاد الوطني يعتمد أيضا على بناء قطاع خاص فعال يسهم بقوة في تعزيز قدرات الإنتاج الوطني في مختلف القطاعات الحيوية، مثل الفلاحة والصناعة، بالإضافة إلى المساهمة في تحسين جودة وكفاءة الخدمات في عدة مجالات كالنقل والصحة والتعليم.
في ما يخص تعزيز دور المجتمع المدني، قمنا خلال شهر مارس من السنة الحالية بإبرام اتفاقية بهذا الخصوص مع المرصد الوطني للمجتمع المدني والمجلس الأعلى للشباب ترمي إلى تأسيس إطار للعمل المشترك، تشمل مجالات التعاون، تنظيم جلسات نقاش حول المسائل المتعلقة بترقية القيم الوطنية والممارسة الديمقراطية والمواطنة ومشاركة المجتمع المدني في التشاور الوطني حول سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية في إطار التنمية المستدامة.
تجدر الإشارة هنا إلى أن كل الأعمال والتقارير المنجزة من طرف المجلس، بما فيها تلك التي تم عرضها والمصادق عليها خلال الجمعية العامة المنعقدة يوم 30 ماي الماضي، تعكس مدى مساهمة هذه الفئات المكونة للمجلس في الديناميكية التشاركية التي تميز منهج عملنا.
أطلق المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي دراسة حول ظاهرة الهجرة غير الشرعية في الجزائر بكافة أبعادها وانعكاساتها الاجتماعية والاقتصادية، إلى أين وصلت الدراسة وما معالمها وأبعادها؟
صحيح، تعتبر ظاهرة الهجرة غير الشرعية إحدى الإشكاليات التي يهتم بها المجلس والتي من بينها الدراسة، موضوع سؤالكم، حيث انطلق المجلس في دراسة تفشي هذه الظاهرة بشكل ملحوظ والقادمة خصوصا من منطقة الساحل والصحراء.
وإذا ما رجعنا إلى محتوى الدراسة فكان هدفها الوصول، اعتمادا على المعطيات الكمية والكيفية المتوفرة والواردة من القطاعات المعنية في سياق زمني مرجعي مدته 20 سنة، إلى معرفة دقيقة حول مدى اتساع هذه الظاهرة وتطورها وآثارها ومخلفاتها على الحياة الاجتماعية والاقتصادية، بما في ذلك بعض المناطق التي عرفت وفودا من المهاجرين بشكل كبير، وكل هذا بغرض تسهيل إطار عملي لمعالجة الظاهرة على المدى القريب، المتوسط والبعيد مع أداء أفضل وأكثر تحكما في الظاهرة. وقد اعتمدنا في هذه الدراسة على منهجية تشاورية وتشاركية مع القطاعات المعنية ودراسة حالات على مستوى ولايتين من الولايات التي تعرف تدفقا كبيرا للهجرة، خاصة الحدودية منها، سواء أكانت برية أم بحرية (تمنراست وتلمسان) والتحاور مع السلطات المحلية وممثلي المجتمع المدني المحلي حتى يتسنى تقصي حقيقة التدفق والإشكاليات والصعوبات التي تواجه المنطقة بما في ذلك التكفل الصحي والنفسي والاجتماعي والغذائي، مع العلم أن الجزائر توفر الخدمات الأساسية مجانا للمهاجرين.
ومن بين التوصيات الأساسية في هذا المجال إنشاء إطار مركزي يتكفل بهذه المسألة على مستويات عدة تلتقي فيها كل البيانات والاهتمامات المتعلقة بالهجرة غير الشرعية، والتي تمكن من إدراج مخطط عملي موحد للتعامل مع الظاهرة وعلاجها.
ولايزال المجلس يتابع عن كثب التطورات التي مازالت تعرفها هذه الظاهرة طبقا لمهامه، ويتابع كذلك مدى انطلاقة فعلية لتحقيق مجمل الإجراءات التمهيدية وهذا تنفيذا لتوصيات القطاعات على المستوى المحلي والمركزي والمجتمع.
كيف يمكن للمجلس تعزيز الابتكار وتشجيع ريادة الأعمال في البلاد؟
بناء على مهامه الأساسية، يقوم المجلس بمساهمات ذات صلة بذلك، وهذا من خلال متابعته وتقييم فعالية السياسة الموجهة لتحسين الابتكار واقتصاد المعرفة وتقديم توصيات وإبداء آراء حول الأطر القانونية والتنظيمية المقترحة. وقد تجسد هذا الاهتمام من خلال استحداث لجنة الكفاءات ورأس المال البشري والتحول الرقمي على مستوى هياكل المجلس، إلى جانب إنشاء قسم رأس المال البشري مكلف بالقضايا ذات الصلة بما في ذلك البحث والابتكار.
من بين ما يقوم به المجلس في هذا الشأن، نذكر على سبيل المثال لا الحصر دراسة نحن على وشك الانتهاء منها تتناول النظام البيئي للمقاولاتية، وهذا في إطار برنامج التعاون مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية. تجدر الإشارة هنا أن من بين ركائز تطوير المؤسسات الناشئة وديمومتها تلك المتعلقة بنوعية المناخ والبيئة التي تنمو فيها، وسيكون لكم الفرصة عن قريب للاطلاع على فحوى ومخرجات هذه الدراسة.
ما هي الجهود التي يبذلها المجلس في مجال التعليم والتكوين لتطوير المهارات اللازمة لسوق العمل المستقبلية؟
نعم، نحن في المجلس نولي اهتماما كبيرا لترقية النظرة الموحدة لنظام التربية والتكوين، نظرا للعلاقة الوطيدة والاستراتيجية بين أجزائه الثلاثة، وهي التربية الوطنية، التكوين والتعليم المهنيان والتعليم العالي والبحث العلمي، باعتبارها حلقة متلاحمة متبادلة التأثير للوصول إلى جودة التعليم والتكوين الضرورية، التي يحتاج إليها سوق الشغل الذي أصبح سوقا تنافسيا وانتقائيا بشكل متزايد، لاسيما أمام التطور التكنولوجي السريع والتحديات المعقدة المرتبطة بنمو الاقتصاد الرقمي والعلوم المعرفية والذكاء الاصطناعي الذي يرتكز على قوة العامل البشري وتكوينه وتعزيز التجانس بين القطاعات المعنية في الأهداف والتوجهات، بما يحقق التكامل والأداء الفعال وتطوير الكفاءات المواكبة القادرة على التمويل الأمثل لهذه السوق بالكفاءات المستجدة والضامنة للانخراط المستدام في الحياة الاقتصادية.
وتُعتبر مسألة إدماج الخريجين في سوق العمل أحد التحديات الرئيسية، ويتطلب هذا الموضوع تعزيز آليات فتح الجامعة والتكوين المهني على عالم الشغل. ومن الضروري مواصلة الجهود الرامية إلى تكييف البرامج الجامعية مع المتطلبات الحقيقية لسوق الشغل والتنبؤ بها، من أجل ضمان التوافق بين الكفاءات المكتسبة، والاحتياجات الجديدة لأصحاب المؤسسات في الوقت نفسه، ويتم ذلك من خلال إعداد تقارير على أساس العمل التشاوري لدراسة مدى توافق البرامج البيداغوجية وتواجد الإطارات المرجعية والتكوين مع مبدأ المقاربة بالكفاءات ابتداء من المنظومة المدرسية إلى المستوى الجامعي. يضاف إلى ذلك، كل أنواع تعزيز الشراكة مع مختلف القطاعات ذات الصلة، لاسيما مع قطاع التكوين المهني ومختلف الفاعلين الاقتصاديين من حيث عصرنة صيغ التكوين بهدف تحقيق التوافق بين التكوين والشغل. وفي هذا الإطار، نحن بصدد إطلاق دراسة استشرافية حول مهن المستقبل على ضوء التطور المتسارع والرهيب للذكاء الاصطناعي الذي سينجر عنه بروز وظائف وخدمات جديدة استخلافا لعدد منها حسب توقعات المختصين والملاحظين لتطور ميدان العمل والتشغيل.
وهل هناك خطط لتطوير البنية التحتية في الجزائر وكيف يمكن للمجلس المساهمة في هذا الجانب؟
في هذا الجانب تحديدا، حققت الجزائر تقدما كبيرا في ميدان الهياكل الأساسية التي تتطور باستمرار، نذكر هنا شبكة الطرقات المحلية والكبرى وعصرنة الموانئ وتوسيعها وشبكة السكك الحديدية وغيرها، بالإضافة إلى هياكل أخرى ذات البعد الاستراتيجي في ميدان نقل الطاقة وهذا بهدف تلبية الحاجيات المتزايدة لدعم التنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا الإطار يعكف المجلس حاليا على دراسة إشكالية تمويل مثل هذه المشاريع لإيجاد بدائل للتمويل التقليدي بهدف مواصلة الجهود لتطوير البنى التحتية لاستمرارية عملية التنمية.
نتكلم كثيرا عن تنويع المداخيل وتنويع الاقتصاد، ما هي السياسات التي ينوي المجلس تبنيها لتعزيز التنمية الاقتصادية عموما، وكيف يمكنه أن يسهم في تعزيز القطاعات غير النفطية والمساهمة في تنويع مصادر الدخل في الاقتصاد الوطني؟
سؤال مهم، من بين المواضع الأساسية التي يهتم بها مجلسنا إشكالية تنوع الاقتصاد، إنه الرهان الأكبر للدولة من أجل تقوية الاقتصاد الوطني وتحقيق استدامته. وتعتبر هذه الإشكالية المحورية صلب جل أعمالنا وتقاريرنا. ووفق هذه الرؤية تم إعداد التقريرين اللذين عرضا على الجمعية العامة الأخيرة للنقاش والمصادقة، ويتعلقان بالوضع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لسنة 2023، وكذا تقرير حول إنجازات التنمية الاجتماعية والبشرية للفترة الممتدة بين 2019 و2023 والرهانات المستقبلية.
يمكن الإشارة هنا إلى أبرز ما سجلناه بخصوص التقريرين من مؤشرات إيجابية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية وحتى البيئية، التي تعبر عن حجم المجهودات التي تبذلها الدولة الجزائرية لتحسين مستوى المعيشة للمواطنين والدفع بعجلة التنمية الرامية إلى خلق مناصب الشغل وتنويع الاقتصاد الوطني، من بينها نسبة النمو الاقتصادي التي قفزت إلى 4.1 بالمائة في سنة 2023 مقارنة بـ3.6 سنة 2022. كما سجل الميزان التجاري مع نهاية سنة 2023 فائضا قدر بحوالي 10 مليارات دولار، وبلغ حجم الصادرات 54.7 مليار دولار بزيادة بنحو 3% مقارنة بعام 2022.
كما سجلت هذه المرحلة تعزيز مكانة الجزائر في سوق الطاقة العالمي سنة 2023، وارتقائها لتصبح ثاني أكبر مصدر للغاز الطبيعي إلى الاتحاد الأوروبي مع زيادة لافتة في صادراتها من الغاز المسال.
باختصار، تعد سنة 2023 سنة التوازن الاقتصادي والرقمنة والعدالة الاجتماعية وتطوير الصادرات خارج المحروقات.
ما هي خططكم للإسهام في تحسين مناخ الاستثمار في الجزائر وجذب المزيد من الاستثمارات الوطنية والأجنبية؟
في ظل ما يشهده العالم من تباطؤ في حجم تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر وانخفاض الطلب العالمي وارتفاع نسبة التضخم إلى مستويات عالية وزيادة القيود التجارية، فقد سجل المجلس مؤشرات إيجابية في مجال الاستثمار في الجزائر، وهو دليل على الجهود التي تبذلها السلطات في تحسين بيئة الاستثمار وجلبها، خصوصا ما تضمنه قانون الاستثمار من تحفيزات وتسهيلات. وفي هذا المجال قام المجلس بإعداد تقريرين حول تحسين مناخ الأعمال والاستثمار، كما أنجز رأيا بخصوص مشروع قانون النشاطات المنجمية.
ما هي الخطوات التي يمكن اتخاذها لتعزيز الشفافية والمساءلة في عمل المجلس؟
المجلس، وبصفته مؤسسة استشارية، يلعب دورا محوريا وأساسيا في تعزيز الشفافية كإحدى آليات الحوكمة السليمة، فقد وضع قانونا داخليا وميثاقا لأخلاقيات وأدبيات المهنة، الذي يحدد وبوضوح أدوار ومسؤوليات كل عضو. كما ينتهج المجلس طريقة عمل مبنية على التشاركية وحرية الرأي داخل هياكله من مكتب ولجان وجمعيته العامة. تتخذ القرارات والآراء داخل المجلس بالأغلبية ويتم نشرها للرأي العام بعد المصادقة عليها من طرف الجمعية العامة.
كيف يمكن للمجلس أن يلعب دورا فعالا في تعزيز التوازن الاجتماعي وتحسين ظروف المعيشة للمواطنين؟
يعد الجانب الاجتماعي وتحسين ظروف المعيشة للمواطنين من المهام الأساسية الثلاثة للمجلس، ألا وهي كما ذكرنا سالفا تعزيز التشاور والتقييم واليقظة والاستشراف في المجال الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. في المجال الاجتماعي، يقوم المجلس بإعداد تقارير دورية حول مسائل اجتماعية متعلقة بالتشغيل، الحماية الاجتماعية، الأجور، التضخم، الفئات ذات الدخل الضعيف وكذا التربية والتعليم والتكوين. آخر تقرير في هذا الجانب قدمه المجلس خلال دورته الأخيرة سالفة الذكر كان تقريرا حول مؤشرات تطور التنمية الاجتماعية والتي تبين من خلالها تأثير ونتائج السياسات الاجتماعية للأربع سنوات الأخيرة، خاصة الزيادات الاستثنائية والمعتبرة في الأجور ومنحة التقاعد والخدمات الموفرة لمناطق الظل واستحداث منحة البطالة، التي ساهمت بشكل مباشر في استقرار المناخ الاجتماعي ببلدنا. وهنا أسمح لنفسي من خلالكم بالإشارة إلى مؤشر التنمية البشرية في الجزائر، الذي خلص إليه التقرير الوطني للتنمية البشرية، الذي نحن بصدد الانتهاء منه، والذي يشير إلى تقدم من 0.757 في 2019 إلى 0.766 في سنة 2022، وهي نسبة تجعل الجزائر في المرتبة الأولى عربيا وإفريقيا وهذا رغم ما عرفه العالم والجزائر من آثار وانعكاسات جائحة كورونا.
ما هي السياسات والبرامج التي ينوي المجلس تبنيها لمواجهة التحديات البيئية وحماية البيئة في الجزائر؟
كما تعلمون أنه تم إدراج البعد البيئي في المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خلال دستور أول نوفمبر 2020، وقد تكيف عمل المجلس مع هذه المهمة الجديد باستحداث لجنة خاصة وقسم على مستوى هياكله ولجانه. ومن بين الأعمال والأنشطة المنجزة في هذا المجال نذكر إعداد تقرير حول الموضوع "العلاقة بين المياه، الزراعة، التغيرات المناخية، الأمن الغذائي" وكذا إعداد تقرير حول موضوع "الاستراتيجية الوطنية للمناخ والتحول الطاقوي (تحقيق الانسجام بين مختلف مخططات وأوراق العمل الوطنية)" وتنظيم مقابلات تشاورية مع مختلف الفاعلين ذوي الصلة قصد البحث والتعمق في المواضيع قيد الدراسة، بالإضافة إلى تنظيم الورشات النموذجية بالتنسيق مع قسم موارد المعلومات والمحاكاة في مسائل المناخ والتحول الطاقوي والموارد المائية والفلاحة والتغيرات المناخية والأمن الغذائي وكذا تنظيم ملتقيات حول التغيرات المناخية والأمن الغذائي والتحول المستدام.
كما نعمل في المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مع وزارة البيئة حاليا على تقييم السياسات البيئية والمناخية وكل ما له صلة بأهداف التنمية المستدامة في بلادنا. كما يشارك المجلس في اللجنة الوطنية للمناخ، التي تتمثل مهمتها في تقييم السياسات المناخية وكذلك الهيئات القطاعية المختصة في التحول الطاقوي والاقتصاد الدائري.