يتحدث الوزير الأول السلوفيني، روبرت غولوب، في هذا الحوار الخاص مع "الخبر"، عن واقع العلاقات بين بلاده والجزائر في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية ومستقبلها، على ضوء زيارته الأخيرة للبلاد. ويؤكد المسؤول الأول في سلوفينيا أن بلاده تتقاطع مع الجزائر فيما يخص النظر إلى الأوضاع في فلسطين، من حيث دعم حل الدولتين، بعد أن أعلنت "ليوبليانا" شروعها في مسار الاعتراف بالدولة الفلسطينية. كما يؤكد غولوب اهتمام بلاده بالتعاون مع الجزائر في مسائل جيواستراتيجية، خاصة ما يتعلق بحوض المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء، لما لـ"الجزائر من خبرة لا تقدر بثمن"، على حد وصفه. ويبرز الوزير الأول السلوفيني، في الشق الاقتصادي، الرغبة القوية في التعاون خاصة في مجال تطوير الهيدروجين الأخضر، حيث تعد الجزائر من أكبر المصدرين المحتملين لهذه الطاقة مستقبلا. كما يتناول مواضيع الاستثمار والشراكة، ويكشف بالأرقام مستويات التبادل وما يتطلع له البلدان مستقبلا، خاصة بعد افتتاح سفارة سلوفينية في الجزائر.
أعلنتم في قرار شجاع أنكم ستعترفون بدولة فلسطين، وهذا ما يتقاطع مع الجهود الجزائرية في الجمعية العامة ومجلس الأمن لانتزاع هذا الحق. كيف تنظرون حاليا إلى استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة.. وكيف سيسهم قيام دولة فلسطينية في إيجاد حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية؟ وهل تلقيتم ضغوطا من قوى دولية لثنيكم عن هذا القرار؟
نشارك المجتمع الدولي بأسره ونراقب بفزع وحزن عميق التطورات المذهلة للأحداث في غزة. منذ اندلاع الحرب في غزة، تدعو سلوفينيا إلى وقف دائم لإطلاق النار لمنع كارثة إنسانية والإفراج الفوري عن الرهائن.
اليوم، في 30 مايو 2024، قررت حكومتي إرسال مشروع قرار للاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة إلى الجمعية الوطنية (البرلمان). يأتي هذا الاعتراف كجزء من جهود سلوفينيا، بصفتها عضوا غير دائم مسؤولا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لبذل كل ما في وسعها للمساهمة في تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط.
يعد الاعتراف بفلسطين في حدودها لعام 1967، مع القدس الشرقية عاصمة لها، جزءا لا يتجزأ من الحل. الحل الوحيد للقضية الفلسطينية الإسرائيلية هو حل الدولتين، إسرائيل وفلسطين، تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمان.
هل أنتم راضون على مستوى العلاقات بين البلدين عن المستويات السياسية والاقتصادية ومجالات التبادل العلمي والثقافي وتنقل الأشخاص.. وما الجديد الذي حملته زيارتكم للجزائر؟
العلاقات بين سلوفينيا والجزائر لها جذور عميقة. لقد وثقنا اتصالات بين شعبينا - عمال الغابات والرسامين والسياح - تعود إلى القرن التاسع عشر. خلال الفترة التي امتدت من استقلال الجزائر حتى أواخر الثمانينيات، تميز التعاون في مجال تبادل الطلاب ومشاريع البنية التحتية ونقل التكنولوجيا. نذكر أنه في الثمانينيات، تم بناء خط أنابيب غاز لربط الجزائر وسلوفينيا مباشرة عبر إيطاليا.
سلوفينيا والجزائر كما تعلمون بلدان متوسطيان. وهذا العام، تترأس سلوفينيا اتفاقية برشلونة لحماية البحر المتوسط. وبالتالي، نواجه التحديات العالمية بشكل حاسم معا. نتعاون بشكل وثيق في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، حيث نشغل، مع الجزائر، مقاعد الأعضاء غير الدائمين. وتتمتع الجزائر بخبرة في منطقة الساحل والصحراء، وهي ذات قيمة لا تقدر بثمن بالنسبة لسلوفينيا.
في المجال الاقتصادي، وصلنا في عام 2022 إلى 300 مليون أورو من التبادل التجاري. نعمل الآن على الوصول إلى هذا الرقم مرة أخرى وتجاوزه. لدينا حوالي خمسون شركة صغيرة ومتوسطة سلوفينية تتعاون مع الجزائر. الصادرات يهيمن عليها الخشب والورق والمنتجات الصيدلانية وقطع غيار الآلات والسيارات والكابلات والمواد الكاشطة.
أنا سعيد لأن قطاع السيارات مزدهر في الجزائر. تتمتع الشركات السلوفينية بالقدرة وإمكانية الاستثمار في هذا المجال. نرغب في إعادة ربط ميناء كوبر السلوفيني بالموانئ الجزائرية.
في المجال الأكاديمي، نرغب في تعزيز الروابط في مجالي الذكاء الاصطناعي والفن. وفي مجال الذكاء الاصطناعي، تتواصل المؤسسات بالفعل، وفي الموسيقى نبحث عن طرق للتبادل. هذا العام وللمرة الأولى، ستكون سلوفينيا حاضرة في مهرجان الموسيقى الأوروبي. ستقدم فرقة من بلدنا موسيقى ورقصا حديثا، عرضها في المسرح الوطني الجزائري في الأول من يوليو.
خلال زيارتي، وقعنا اتفاقيات في مجالات الأمن الطاقوي والذكاء الاصطناعي وتسهيل تنقل الدبلوماسيين، سواء في مجال السفر أو الهجرة، نحن عازمون على تعزيز التعاون مع الجزائر.
أشكر سفارة النمسا، التي تصدر منذ سنوات عديدة وحتى إشعار آخر تأشيرات شنغن للمسافرين الجزائريين في سلوفينيا.
تطالب الجزائر بإعادة تحيين اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي على أسس عادلة تضمن توازنا في المبادلات التجارية.. هل يمكنكم المساهمة باعتباركم عضوا في المجلس الأوروبي في تحقيق هذا الهدف؟
أدرك أن هذه مسألة مهمة للغاية بالنسبة للجزائر. تعتبر سلوفينيا الجزائر شريكا هاما في جميع المجالات التي يشملها اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بدءا من الاقتصاد والتجارة إلى الشؤون الاجتماعية والثقافة والعلاقات السياسية. عندما تقرر الجزائر مراجعة الاتفاق سنستمع باهتمام إلى توقعاتكم وحججكم. نحن ملتزمون بإعادة تنشيط العلاقات بين الجزائر والاتحاد الأوروبي وتوسيع فرص التعاون الثنائي بين سلوفينيا والجزائر. الأمران يسيران جنبا إلى جنب.
تمثل الطاقات المتجددة مستقبل قطاع الطاقة في العالم، ومنها الهيدروجين الأخضر الذي ينتظر أن تصبح الجزائر رائدة في تصديره لأوروبا.. هل هناك مشاريع تعاون بين البلدين لإنتاج الطاقة النظيفة في الأفق؟
يعد الهيدروجين الأخضر أحد البدائل المهمة لمصادر الطاقة الأحفورية الحالية، خاصة الغاز الطبيعي. سلوفينيا مهتمة بالتأكيد بالتعاون في مجال توريد الهيدروجين الأخضر.
ستمر عملية إدخال واستخدام الهيدروجين في سلوفينيا بشكل تدريجي، كما هو مخطط في البداية في بعض الصناعات والنقل.
مع تطور استخدام الهيدروجين، ستتطور أيضا بنية تحتية لاستيراد الهيدروجين الأخضر. في هذا المجال، يشارك المشغل السلوفيني لنظام خطوط أنابيب الغاز للنقل في المشروع الأوروبي "Hydrogen Backbone"، والذي سيسمح في المستقبل بتوريد الهيدروجين عبر خطوط أنابيب الغاز. الجزائر هي أهم منتج ومصدر محتمل للهيدروجين الأخضر لمنطقتنا، حيث ممر الاستيراد هو نفسه ممر الغاز الطبيعي.
أعتقد أن التعاون في مجال توريد الهيدروجين الأخضر سيكون بالتأكيد مهما ومثيرا للاهتمام لتطوير إمكانيات الإنتاج والنقل والاستخدام للهيدروجين الأخضر بين البلدين.