جيش الاحتلال يتحدى القرارات الدولية

+ -

على الرغم من إعلان محكمة العدل الدولية في لاهاي، إصدار أمر لكيان الاحتلال الصهيوني، بوقف هجومه على رفح في جنوب قطاع غزة بشكل فوري، واصلت قواته ولليوم الثاني والثلاثين بعد المائتين على التوالي، قصفها العنيف والمكثف، لمناطق متفرقة من القطاع، حيث وسع جيش الاحتلال، عقب صدور أمر المحكمة الدولية، عدوانه البري على رفح بشكل أكبر، وكثف عليها غاراته العنيفة، مرتكبا المزيد من المجازر، ما خلّف عشرات الشهداء والجرحى.

شنت طائرات الاحتلال الصهيوني، فجر أمس، غارات عنيفة استهدفت عدة مواقع في حي الزيتون، جنوب شرقي مدينة غزة، وسط القطاع، بعدما شنت غارات وحشية وغير مسبوقة على رفح جنوبي قطاع غزة، بعد لحظات من إصدار العدل الدولية قرارها. كما قصفت مدفعية الاحتلال محيط مستشفى الكويت التخصصي وسط المدينة، وأطلقت قواته النار على كل من يقترب من وسط رفح، ومنعت أطقم الإسعاف من إغاثة المصابين، بينما كانت الغارات تتوالى على رفح.

وبالموازاة مع ذلك، كثفت قوات الاحتلال الصهيوني قصفها المدفعي على عدة مناطق شمالي القطاع، التي تتعرض هي الأخرى لهجوم بري وحصار محكم على بعض البلدات هناك. وقد استشهد، أمس، عدد من الفلسطينيين، وأصيب آخرون بجروح مختلفة، جراء قصف الاحتلال المتواصل على قطاع غزة جوا وبرا وبحرا، في تحد صارخ لقرارات محكمة العدل الدولية التي تطالبه بوقف عدوانه، وضرورة إدخال المساعدات.

واستشهد 4 مواطنين جراء قصف الاحتلال شقة سكنية لعائلة جودة في برج النوري شمال مخيم النصيرات، وسط القطاع، بالتزامن مع قصف مدفعي عنيف في محيط محطة توليد الكهرباء. وفي وقت لاحق، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، استشهد 3 مواطنين جراء قصف الاحتلال منطقة وادي غزة، فيما أطلق طيران الاحتلال الحربي نيرانه شرق مدينة دير البلح.

وأصيب عدد من المواطنين بجروح جراء تعرض أحياء الشيخ عجلين، وتل الهوا، والزيتون في مدينة غزة لقصف مدفعي عنيف، وإطلاق نار من آليات الاحتلال العسكرية، وسمع دوي انفجارات في منطقة مفرق الشهداء محور منطقة "نتساريم"، جنوب مدينة غزة، وتصاعد ألسنة الدخان من المكان. فيما تطلق دبابات الاحتلال، النار في محيط الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية، وشارع 8 في حي تل الهوا جنوب غرب مدينة غزة، وشارع النفق شمالًا؛ ما أدى إلى إصابة العشرات، مع صعوبة وصول سيارات الإسعاف إلى المنطقة، بسبب كثافة النيران.

وفي جباليا، شمال القطاع، شن الاحتلال سلسلة غارات في العديد من المناطق، كما طال القصف المدفعي المناطق الحدودية الشرقية ما بين مدينتي دير البلح وخان يونس ورفح جنوب قطاع غزة. وفي حصيلة غير نهائية، ارتفع عدد الشهداء في قطاع غزة منذ بدء العدوان في السابع من أكتوبر الماضي، إلى 35 ألفا و857 شهيدا، و80 ألفا و293 مصابا.

ويأتي التصعيد الإسرائيلي، في قطاع غزة، في أعقاب إعلان محكمة العدل الدولية، وهي أعلى هيئة قضائية تابعة للأمم المتحدة وتعد قراراتها ملزمة قانونا، لكنها تفتقر إلى آليات لتنفيذها، إصدارها أمرا  لكيان الاحتلال الإسرائيلي بتعليق عملياته العسكرية في رفح والإبقاء على معبر رفح بين مصر وغزة مفتوحا، بعدما أغلق منذ إطلاق عمليتها البرية في هذه المحافظة في أوائل ماي الجاري.

وكانت السلطة الفلسطينية قد رحبت بقرار المحكمة، قائلة إنه يمثل "إجماعا دوليا على مطلب وقف الحرب الشاملة على غزة"، رغم أن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، قال إن القرار لم يصل إلى حد إيقاف القتال في أجزاء أخرى من القطاع، بينما رحبت حماس بقرار المحكمة، لكنها قالت إنها كانت تنتظر أن يشمل "كامل قطاع غزة وليس محافظة رفح فقط".

 

مخاوف من كارثة صحية وسط استمرار غلق المعابر

 

وعلى اعتبار أن رفح الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة، كانت الطريق الرئيسي لدخول المساعدات، تقول منظمات دولية إن العملية الإسرائيلية عزلت القطاع وزادت من خطر المجاعة، حيث حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، من اقتراب توقف مولدات الأوكسجين في مستشفى شهداء الأقصى وسط قطاع غزة عن العمل، وأوضحت أن "أكثر من 20 مولودا حياتهم مهددة بسبب نقص إمدادات الوقود" في قطاع غزة.

وفي هذا السياق، صرح المدير الطبي لمستشفى شهداء الأقصى، وسط القطاع، أن "كارثة صحية ستحل إذا توقف المستشفى عن الخدمة بسبب عدم توريد الوقود"، وأوضح في مؤتمر صحافي من داخل حرم المستشفى، أن كميات الوقود التي يتم توريدها لا تتجاوز خمس احتياجات المستشفى، فيما "نحتاج إلى 50 ألف لتر من الوقود خلال الساعات القادمة لتجنب وقوع كارثة صحية".

وفي آخر الأرقام التي بينها المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أول أمس، أخرج القصف الإسرائيلي منذ بداية الحرب 33 مستشفى عن الخدمة، و55 مركزا صحيا، واستهدف الاحتلال 160 مؤسسة صحية و130 سيارة إسعاف. وسبق أن نددت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، كاثرين راسل، بالمشاهد التي وصفتها بـ "المفجعة" خلال زيارة نادرة لمسؤول رفيع المستوى إلى قطاع غزة، مطالبةً بـ "إيقاف هذا الرعب".

وقالت راسل إن ما رأته وسمعته "كان مفجعا"، مضيفة: "لقد تحملوا القصف والخسارة والنزوح المتكرر داخل القطاع.. لا يوجد مكان آمن ليلجأ إليه أطفال غزة المليون"، وأضافت: "هناك انتهاكات جسيمة بحق الأطفال تشمل القتل والتشويه والاختطاف والهجمات على المدارس والمستشفيات ومنع وصول المساعدات الإنسانية، وهي أمور تدينها اليونيسيف جميعها"، مشيرةً إلى أنّ أكثر من 10 آلاف طفل قتلوا في غزة، وأصيب نحو 9000 بجروح.

وأشارت المتحدثة إلى أن العديد من الأطفال "مفقودون، ويعتقد أنهم مدفونون تحت أنقاض المباني والمنازل المنهارة، وهي النتيجة المأساوية لاستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة"، ولفتت إلى أن "هناك 17 ألف طفل في غزة منفصلون تماما عن عائلاتهم والوصول إلى أسرهم أمر صعب للغاية"، و"بعض الأطفال المنفصلين عن أسرهم يعيشون صدمة خطيرة بحيث لا يستطيعون قول أسمائهم".

 

كلمات دلالية: