ترافق وزارة الصيد البحري وتربية المائيات، أحد أهم الاستثمارات الخاصة في القطاع لخوض أول تجربة جزائرية لتسمين التونة الحمراء، هذا الاستثمار الضخم الذي يعوّل عليه لرفع حصة الجزائر من الثروة السمكية هذه المحفوظة من قبل اللجنة الدولية لحماية سمك التونة في المحيط الأطلسي، وفي خطّ مواز تمضي الوزارة في تجسيد بنود قانون المالية لسنة 2024، التي جاءت بتسهيلات جبائية وعدة امتيازات لفائدة المستثمرين في مجال تربية المائيات، لاسيما سمك البلطي الأحمر.
أوضح مدير تنمية تربية المائيات بوزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، حمزة حباش، أن مضمون قانون المالية لسنة 2024، جاء كدعم مباشر لشعبة تربية المائيات، الأخيرة التي تراهن عليها الوزارة، من أجل الرفع من طاقة الإنتاج السمكي، بحيث "تم تخفيض الرسم الجمركي بنسبة 5% فيما تم تحديد الرسم على القيمة المضافة بـ 9% بالنسبة لمدخلات تربية المائيات، بحيث خصّ قانون المالية الجديد صغار الأسماك الموجهة للتسمين، وهو الإجراء الذي نعتبره جد مهم بالنسبة لهذه الشعبة".
وأكّد المسؤول ذاته، في استقبال خصّ به "الخبر" بمقر الوزارة، أنّ سمك البلطي الأحمر "التيلابيا"، قد أخذ الحيز الأكبر من الاهتمام في قانون المالية الجديد، بحيث تم إقرار علاوة تحفيزية بقيمة 50 دينارا جزائريا عن كل كيلوغرام منتج من السمك، بالإضافة إلى إلغاء الرسم عن القيمة المضافة في عملية البيع، وهو ما يعني ضمان ربح المستثمر في تربية هذا النوع السمكي، الذي يسوّق اليوم بمبلغ 500 دينار جزائري للكيلوغرام الواحد، وهو الذي حظي بقبول لدى المستهلك الجزائري خلال عمليات البيع المباشر التي أشرفت عليها الوزارة من خلال الغرف الجهوية والولائية للصيد البحري.
ومن أجل ضمان حماية الإنتاج الوطني، تم إقرار إجراء استباقي يقضي بفرض رسم بقيمة 30 دينار جزائري عن كل كيلوغرام واحد من سمك البلطي الأحمر المستورد، في حالة اختيار اللجوء إلى استيراد هذا النوع السمكي من الخارج، خاصة بعد الوصول إلى مرحلة التحكم التام في سلسلة الإنتاج، لاسيما وأن التجارب الميدانية السباقة للمؤسسة العمومية "كوسيدار زراعة" في صحراء النمامشة بخنشلة، أبرزت مردودية قيمّة من حيث الإنتاج ذو القيمة التسويقية العالية، "ثم أثر المياه الإيجابي في مجال السقي الفلاحي الخاص بالقمح والذرة، بحيث ساهم في زيادة إنتاج من 25% إلى 30% من المزروعات المسقية"، يقول المتحدث، مؤكدا أن التجربة الناجحة هذه امتدت إلى قطاع الصيد البحري، الأخير الذي عمد إلى بيع المنتوج خلال شهر رمضان، وهو الذي لقي إقبالا كبيرا من طرف المواطنين، وشجعت التجربة كذلك العديد من الفلاحين والمؤسسات للاستثمار في هذا المجال.
وفي السياق ذاته، كشف مدير تنمية تربية المائيات، حمزة حباش، في معرض حديثه، أنه تم توقيع اتفاقية مع وزارة الفلاحية والتنمة الريفية، من أجل استغلال أكثر من 103 ألاف حوض سقي فلاحي عبر الوطن لتعميم تجربة تربية سمك البلطي الأحمر، مع ضمان مرافقة كاملة للفلاحين بداية من التكوين، وضع الأقفاص وتوفير الأعلاف، بغرض تحسين المنتوج الفلاحي كمّا ونوعا، بالإضافة إلى رفع طاقة الإنتاج السمكي، مذكّرا بوضع كل التدابير من أجل المرافقة الصحية لضمان تربية وتسويق السمك في أحسن الظروف، بحيث "يستفيد الفلاحون على مستوى الغرف الجهوية والولائية للصيد البحري وتربية المائيات بالتنسيق مع الغرف الفلاحية من دورات تكوينية على مدار 3 إلى 4 أيام لمساعدتهم على الإطلاع على كل ما يتعلق بالنوع السمكي وشروط تربيته".
وبخصوص مجال الصناعة التحويلية لسمك البلطي الأحمر، أكد محدّث "الخبر"، أنه وطبقا لقانون المالية لسنة 2024، تم تقليص الرسم عن القيمة المضافة من %19 إلى 9% لفائدة المستثمرين في مجال تحويل سمك التيلابيا، تشجيعا لهم على الإنخراط في المسعى الرامي إلى تطوير هذا النوع من الصناعات الغذائية باستغلال المادة الأولية المتوفرة محليا، وبالتالي خلق فرص شغل جديدة وثروة إضافية، مع إمكانية التوجه نحو التصدير للخارج.
قرض استغلال بقيمة 170 مليون دينار
وبخصوص الاستفادة من القروض في مجال تربية المائيات، أوضح السيد حبّاش، أن هناك نوعين من القروض، الأول يخص الاستغلال، فيما يخص الثاني قرض الاستثمار، "ففيما يخص قرض الاستغلال المتوفر حاليا المدخلات من صغار الأسماك وأعلافها، ويشمل كذلك أجور العمال والتأمين بحيث يمنح بعد وضع الأقفاص العامة ويقدّر بـ 170 مليون دينار جزائري"، يقول مشيرا إلى أن هدف القطاع خلال سنة 2024 يرمي إلى "رفع قيمة قرض الاستغلال الحالي بعد استكمال المناقشات مع وزارة المالية، وكذا فتح قرض الاستثمار في تربية المائيات في المياه البحرية وكذا المياه العذبة"، يضيف السيد حباش، مؤكدا أن هذه الميكانيزمات من شأنها ضمان تحقيق الهدف الرئيسي للقطاع والمتعلق بزيادة الإنتاج السمكي.
وفي هذا الصدد، دعت وزارة الصيد البحري والمنتجات الصيدية، اليوم الأحد، في بيان لها، المهنيين الراغبين في الاستفادة من العلاوة التحفيزية المتعلقة بإنتاج سمك البلطي، إلى التقرب من مديريات وغرف الصيد البحري وتربية المائيات عبر التراب الوطني من أجل الاستفسار وإيداع الملفات.
وبخصوص الملف الواجب إرفاقه من أجل الاستفادة من هذه العلاوة التحفيزية، أوضحت الوزارة أنه بالنسبة لمؤسسات تربية المائيات، فيتمثل في "استمارة معلومات تقدّم من قبل المنتج وفق النموذج المعتمد (متوفر على مستوى مديريات وغرف الصيد البحري وتربية المائيات)، نسخة من السجل التجاري، نسخة من ترخيص تربية المائيات ونسخة من كشف الهوية البنكية أو كشف الهوية البريدية.
أما بالنسبة لتربية المائيات المدمجة مع الفلاحة، فيتمثل في "استمارة معلومات تقدّم من قبل المنتج وفق النموذج المحدد، نسخة من ترخيص تربية المائيات المدمجة ونسخة من كشف الهوية البنكية أو كشف الهوية البريدية".
أول مزرعة لتسمين التونة الحمراء في الجزائر
أوضح مدير تنمية تربية المائيات بوزارة الصيد البحري، السيد حمزة حباش، في حديثه لـ "الخبر"، بأن القطاع وخلال سنة 2024 الجارية، يستعدّ لخوض أحد أكبر وأهم التجارب، وهو ما يتعلق بمزرعة تسمين التونة الحمراء، التي تعود لأحد المستثمرين الخواص بالغزوات غرب البلاد، التجربة التي سيتم الانطلاق فيها بالتزامن مع حلول حملة صيد التونة، منوّها إلى أن هذا الاستثمار الضخم الذي ترافقه الوزارة في كل خطواته، سيسمح برفع حصة الجزائر من التونة بعد تسمينها ومن ثم بيعها للسوق الدولية لهذا النوع السمكي المحفوظ من قبل اللجنة الدولية لحماية التونة في المحيط الأطلسي "ICCAT"، وبالتالي المساهمة في إدخال العملة الصعبة للبلاد.
وذكر محدّث "الخبر" بأن "القطاع يسجل حاليا 72 مشروع تربية المائيات في المياه البحرية، تخص 42، منها سمك القاجوج أو الدوراد في الأقفاص العائمة، فيما تعدّ 18 منها مشاريع منتجة حاليا، فيما يخص 29 مشروع ضمن العدد الإجمالي لمختلف أنواع الصدفيات، 11 من هذه المشاريع منتجة".
أما فيما يخص المياه العذبة، فإن القطاع يسجّل حسب المسؤول ذاته، 51 مشروعا فيما يتم الاستعداد لإطلاق 52 مشروعا آخر، مذكّرا بأن إنتاج القطاع في تربية المائيات قدّر في سنة 2023 بـ 7 ألاف طن، 5 ألاف منها تم تسجيلها في المياه البحرية.