دعت طالبة الدكتوراه، كريمة بوقروة، إلى تشجيع الاستثمار في مجال تربية الطحالب، لاسيما الحمراء، من خلال تحديد الأطر القانونية والتنظيمية لممارسة النشاط عبر الطول الساحل الجزائري الذي يفوق 1400 كم، وهي التي تستغل عالميا في عدة مجالات طبية وغذائية وتجميلية، باعتبارها غنية بالبروتينات والحديد، ناهيك عن المضي في رقمنة كل المعطيات المتوفرة في المجال وتهيئة أرضيات رقمية لتسهيل الولوج إلى المعلومات التي يحتاجها الطلبة وحاملي المشاريع الابتكارية في مسارهم.
لمعايشة التجربة الفريدة من نوعها في الجزائر، زارت "الخبر" مخبر الطالبة الباحثة كريمة بوقروة، بالجزائر العاصمة، الأخيرة التي تروي عبر هذا الحوار، بداياتها مع الطحالب كمشروع بحث جامعي والذي تحوّل اليوم إلى مشروع مبتكر حائز على علامة مؤسسة ناشئة في مجال استغلال طحلب السبيرولين.
من هي كريمة بوقروة ؟
إذن، كريمة بوقروة هي طالبة دكتوراه في تخصص فيزيولوجيا التغذية والصحة، صاحبة الشركة الناشئة K-MARINE في مجال تربية طحلب السبيرولين، بدأت أولى خطواتي في هذا المجال في طور الماستر بجامعة مستغانم، أين اكتشفت ميولي نحو الاقتصاد الأزرق، وبدأت حينها التجربة مع الطحالب الحمراء بهدف استخراج مادة "الأقار" وهو عبارة عن هلام نباتي يستخدم في مخابر الميكروبيولوجيا، وهي مادة غير متوفرة بكثرة نظرا لثمنها الباهض، ومن هنا تساءلنا عن سبب عدم استغلالها في الجزائر، بحيث أن هذا البلد الغني الذي يفوق طول شريطه الساحلي 1400 كيلومتر، في حين لا يستغل منه سوى السمك في وقت توجد فيه عدة أنواع من الطحالب لم يتم تحديد المتوفر منها في بلدنا لحدّ اليوم، فخضنا التجربة آنذاك ووفقنا في المشاركة في عدة برامج وطنية ودولية توّجت بجوائز تم نيلنا في فيفري 2021، علامة مشروع مبتكر في المجال.
كيف انطلق مشروع تربية طحلب السبيرولين؟
تخرجي من الجامعة طور ماستر لم ينه مشواري في التعليم العالي، بحيث تم قبولي في طور الدكتوراه، وانشغلت بها إلى غاية سنة 2022، وهي السنة التي شكّلت منعرجا حاسما بالنسبة لمشروعي المبتكر، بحيث ساهم بروزي إعلاميا في التواصل معي من قبل أحد المهتمين بتطوير المشروع وتجسيده ميدانيا، على منصة لينكدين، على أن يهتم بتمويله وأقوم أنا بتنفيذه.
حاولنا في البداية تجسيد مشروع تربية الطحالب الحمراء، وكان اهتمامنا حينها ينصبّ عليها كلية، فيما اصطدمنا بمشكل غياب الأطر القانونية المنظمة للنشاط، وهو ما يعرقل المضي في المشروع، ثم وقع بعدها الاختيار على طحالب السبيرولين لإمكانية استزراعها في الأحواض، وتم بالفعل إطلاق مؤسستنا k-marine في 13 جوان 2023، وتحصلنا على علامة مؤسسة ناشئة في أكتوبر من ذات السنة.
كيف تقومون باستزراع طحلب السبيرولين؟
لتجسيد المشروع، وبعد الانتهاء من كل الإجراءات الإدارية والتوثيقية والدراسات الخاصة بالمشروع، ولن تفوتني الفرصة هنا للتأكيد على التسهيلات التي قدّمت لنا من قبل المديرية الولائية للصيد البحري، وكذا الوزارة الوصية وبعدها، باشرنا العمل على تهيئة الأحواض التي تشتغل بنظام نصف أوتوماتيكي في وحدة متربعة على مساحة 120 متر مربعّ، وبالنظر إلى ضيق المساحة، فكّرنا في سبل مضاعفة الإنتاج باستخدام أساليب مطوّرة تكون فيها الأحواض فوق بعضها استغلال أكبر جزء ممكن من الوحدة.
تربية طحلب السبيرولين لا يحتاج معدات خاصة، إذ يكفي اقتناء إحدى السلالات الثلاث المتوفرة بالبحيرات الدافئة، توجد واحدة منها في الهند والثانية في البيرو، فيما تتوفر الثالثة بتمنراست الجزائرية، إذ تحيا طحالب السبيرولين في ماء أجاج لا هو مالح، ولا هو عذب، بين ذلك، في درجة حرارة تتراوح بين 35 و37 درجة مئوية.
ما هي مجالات استخدامها؟
تنتج مؤسستنا طحلب السبيرولين كمادة حية، نقوم ببيعها لاستخدامها في المجال الصيدلاني كمكمل غذائي، وفي تربية المائيات كعلف وغذاء طبيعي للأسماك، لاحتوائها على البروتين بنسبة 65 بالمائة، إضافة إلى عنصر الحديد. وللإشارة، فإن 7.5 غ من السبيرولين تعادل 100 غ من اللحم الأحمر. كما تدخل السبيرولين في تركيبة عدة مواد تجميلية وفي الصناعات الغذائية التحويلية، بحيث تتوفر العديد من الأسواق العالمية على معجّنات وحلويات الأطفال التي تحتوي على المادة التي صنّفت من قبل المنظمة العالمية للصحة وكذا المنظمة العالمية للأغذية في القرن الـ 21، كغذاء طبيعي فائق الجودة، كما يمكن استخدامها كسماد طبيعي للنباتات، بالإضافة إلى إمكانية استخدامها كملون أزرق طبيعي "فيكوسيالين"، وهي التي تحمل هذا اللون على عكس ظاهرها الذي يعطينا اللون الأخضر.
مؤسستنا وفّرت منتوجا جديدا يحتوي على المادة الحية منها، ومعه غذاءها وكل ما يلزمها للعيش والتي تهتم بها العديد من مراكز البحث والجامعات، ونحن نوفر سلالتين اثنتين، منها سلالة البيرو "سوشباراكاس" وسلالة تمنراست التي تحتضنها بلادنا.