في حين تتمسك السلطات الفرنسية بإصدار تشريع حول مسألة تسليم أغراض الأمير عبد القادر، للجزائر، يدعو المؤرخ بن جامين ستورا رئيس الوفد الفرنسي في "لجنة الذاكرة"، إلى إعادة سيف وبرنوس الأمير على سبيل "التفاتة رمزية" من جانب الرئيس إيمانويل ماكرون.
وجاءت تصريحات ستورا في إطار مقابلة أجرتها معه الاذاعة الجزائرية، أمس الثلاثاء، بمناسبة الاجتماع الخامس للجنة الثنائية الجزائرية الفرنسية، حول "قضية الذاكرة"، مؤكدا أنه "كان يأمل دائما أن تتم عمليات تسليم تخص سيوف الأمير وألبسته، وبرنسه وأيضا وثائقه الدينية وبخاصة نسخة القرآن التي تعود له". وأوضح بأن مثل هذه الالتفاتة ممكنة، في انتظار اعتماد نص تشريعي من طرف "الجمعية الوطنية" الفرنسية.
وكان وزير الخارجية أحمد عطاف، كشف نهاية العام، أن فرنسا رفضت طلبا جزائريا يخص استعادة سيف وبرنس الأمير المتواجدين، ضمن خصوصياته الأخرى، بقصر أمبواز بوسط فرنسا حيث كان أسيرا بين 1848 و1952.
وخلال الاحتفال بمرور 79 سنة على مجازر 08 ماي، انتقد لحسن زغيدي رئيس الفريق الجزائري في "لجنة الذاكرة"، القوانين الفرنسية "التي تعد كل ما نقل (من الجزائر) إلى فرنسا، من مسروقات ومنهوبات وغيرها، جزءا لا يتجزأ من السيادة الفرنسية".
وفي المقابلة الصحفية، تطرق ستورا الذي قضى فترة من شبابه في قسنطينة، إلى موضوع رقمنة 02 مليون وثيقة أرشيفية، الذي تم الاتفاق عليه في آخر اجتماع لـ "لجنة الذاكرة"، عقد في فرنسا. مشيرا إلى أنه "شهد تطورا ملحوظا، ومع ذلك فإن المسألة الشائكة المتمثلة في إعادة الوثائق الاصلية، تتطلب حلا. لهذا السبب نحتاج في فرنسا إلى قانون توافق عليه الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ". وأعلن ستورا عن الاعداد لمشروع قانون يسمح بتسليم هذا الحجم من الأرشيف الخاص بالاستعمار، ولا يخص ذلك الجزائر، حسبه، وإنما مستعمرات إفريقية سابقة أخرى أيضا.
والمعروف أن الدورة الخامسة لـ "الاشتغال على الذاكرة" الجارية بالجزائر، بدأت في الـ 20 من ماي الحالي وتنتهي في 24 من ذات الشهر. وقال ستورا بأن عمل الفريقين يتعلق قبل كل شيء بالغزو الاستعمار، وتغلغله في ارض الجزائر خلال القرن الـ 19. مبرزا بأنه "عمل دقيق الهدف منه وضع إرساء تسلسل زمني للمجازر التي ارتكبت، وتنقلات السكان وممتلكات الأراضي"، خلال الفترة الاستعمارية الأولى.
ويعتقد ستورا أن الزيارة المرتقبة للرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا خريف هذا العام، "قد تشكَل فرصة جديدة للخوض في مسألة الذاكرة، وأيضا حول مستقبل العلاقات الثنائية". وقال بهذا الخصوص: "تتوفر هذه الفرصة بشأن الاعترافات المتعلقة بالماضي الاستعماري. ولكن الزيارة المنتظرة، هي أيضا مدعاة للنظر إلى المستقبل". لافتا إلى ملفات الشراكة الاقتصادية والهجرة وإلى التحديات الجيوسياسية في منطقة المتوسط.