لقي الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ومرافقوان له بينهم وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان مصرعهم في تحطم مروحية تقلهم شمال غرب البلاد.
وإبراهيم رئيسي رجل دين محافظ، ولد في مدينة مشهد شرقي إيران عام 1960، ودرس في الحوزة العلمية في مشهد، قبل مواصلة دراسته الدينية لاحقاً في مدينة قم، العاصمة الدينية للثورة الإسلامية الإيرانية، والتي تخرّج منها ودرّس فيها كبار قادتها، في مقدمتهم آية الله روح الله الموسوي الخميني الذي قاد الثورة الإسلامية.
كان رئيسي إبان انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979 في التاسعة عشرة من عمره، ولذلك لا يعتبر من الفاعلين فيها، وتشير التقارير الإعلامية إلى مشاركته في الاحتجاجات والمسيرات المناهضة للنظام البهلوي السابق إلى جانب زملائه في الحوزات العلمية الإيرانية.
رئيسي متزوج من بنت رجل الدين الإيراني أحمد علم الهدى، المعروف بمواقفه المتشددة في السياستين الداخلية والخارجية، والذي يمثل الولي الفقيه في محافظة خراسان الرضوية، فضلا عن عضوية علم الهدى بمجلس خبراء القيادة المخوّل تعيين وعزل المرشد.
لم يسبق أن تولى إبراهيم رئيسي منصباً سياسياً أو تنفيذياً في السلطة التنفيذية، وهو يمتلك في الأساس خبرة قانونية وقضائية، وتدرج في السلك القضائي بعد أن انضم إلى الجهاز القضائي الإيراني بعد عام على انتصار الثورة في 1981، ليصبح في العشرين من عمره مدّعياً عامّاً لمدينة كرج القريبة من العاصمة، من ثم تولى المنصب ذاته في مدينة همدان غربي البلاد.
ومن العام 2004 إلى 2014، تولى رئيسي منصب نائب رئيس السلطة القضائية، ثم عُيّن في منصب النائب العام في البلد، واستمر فيه عامين تقريباً، قبل أن يعينه المرشد الإيراني الأعلى سادن (خادم) العتبة الرضوية في مشهد، مرقد علي بن موسى الرضا، الإمام الثامن لدى الشيعة، وهو من أهم المناصب الدينية في البلاد. وبعد ذلك، منذ مارس 2019، عيّنه المرشد الإيراني رئيساً للسلطة القضائية خلفاً لصادق آملي لاريجاني، الرئيس الحالي لمجمع تشخيص مصلحة النظام.
بعد تعيينه رئيساً للسلطة القضائية، أطلق إبراهيم رئيسي مشروعاً لإجراء إصلاحات في السلطة، عرف بمشروع إحداث التحول فيها، ليبدأ في إطاره مكافحة الفساد في السلطة واعتقال قضاة ومسؤولين فيها وإخضاعهم للمحاكمة، كان في مقدمتهم نائب الرئيس السابق للسلطة أكبر طبري الذي حكم عليه بالسجن 31 عاماً خلال مارس الماضي.
كما أنه، في خطوة غير مسبوقة في الجهاز القضائي الإيراني، أدرج أسماء من تصفهم السلطات بـ"السجناء الأمنيين" في قوائم سجناء يطلب رئيس الجهاز من المرشد الإيراني إصدار العفو عنهم في المناسبات الداخلية.
جرّب رئيسي حظوظه في السباق الرئاسي عام 2017، ونازل الرئيس حسن روحاني بوصفه أحد أهم المرشحين المحافظين، لكنه لم يفز وحلّ ثانياً بعد حصوله على 16 مليون صوت، وفاز روحاني لولاية ثانية بعد حصوله على 24 مليون صوت بدعم من الإصلاحيين.
وفاز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية الـ13، التي أجريت في جوان 2021، ليصبح الرئيس الثامن للجمهورية الإسلامية الإيرانية. وكان فوزه متوقعاً بنسبة كبيرة. رئيسي كان مرشح التيار المحافظ على الرغم من تأكيده أنه ليس محسوباً على تيار بعينه، وهذا التبني ضمن له أصوات أبناء التيار في المجتمع، فضلاً عن أصوات شرائح أخرى.
وكان في انتظار رئيسي أزمات وتحديات كبيرة، داخلياً وخارجياً، وعد أن يحلها اعتماداً على القدرات الداخلية للبلاد، لكن مراقبين شككوا في ذلك، ورأوا أن هذه الأزمات متشابكة جداً ويصعب حلها من دون تحقيق انفراجة في العلاقات الخارجية الإيرانية بالذات مع الغرب. أما الأوساط المحافظة حينها فتحدثت عن أنه في مقدور البلاد تجاوز هذه العقبة عبر تنمية العلاقات مع الشرق، خاصة روسيا والصين.
وتصدرت الأزمة الاقتصادية أزمات إيران، والتي أصبحت مرتبطة بالعقوبات الأمريكية المفروضة على طهران منذ أكثر من ثلاث سنوات، فضلاً عن مشكلات بنيوية في الاقتصاد الإيراني، إضافة إلى المفاوضات النووية التي تجريها إيران مع أميركا، ولا سيما أن إبراهيم رئيسي محسوب على التيار المحافظ المتحفظ على هذه المفاوضات.