لم يتمكن عمار سعداني من وأد الفتنة داخل الأفالان مع خصومه بقيادة عبد الكريم عبادة وعبد الرحمن بلعياط، حتى أيقظ فتنة أخرى مع رأس جهاز المخابرات، ما جعله يواجه عدة جبهات ملتهبة ضده تطالب بتنحيته اليوم قبل الغد. هل سيكون سعداني القربان الذي يذبح لنزع الألغام عن طريق موعد 17 أفريل المقبل بعدما وصل لهيب العراك حول الرئاسيات الى هز ركائز الدولة؟هل ستعجل حرب الخنادق التي تولدت عن تصريحات الأمين العام للأفالان عمار سعداني ضد رأس جهاز المخابرات وما تخللها من اتهامات تارة صادرة من معسكر محسوب على الرئاسة، وتارة أخرى من معسكر قريب من المؤسسة الأمنية، بإعادة فتح المفاوضات حول الرئاسيات بين الزمر المتنفذة في منظومة الحكم، خصوصا وأنه لم يعد يفصل سوى قرابة الـ20 يوما لغلق ملف الترشيحات لموعد 17 أفريل؟ ما خلفته تصريحات سعداني ضد الجنرال توفيق من هزات ارتدادية صدرت عنها آلاف البيانات التي وصلت هيئات التحرير في الصحف، بين مندد ورافض ومحتج ومساند، وانتقال العراك خطوة أخرى في استعمال كل أنواع المقذوفات لإضعاف الآخر، على غرار رسالة هشام عبود واتهاماته ضد شقيق الرئيس ومستشاره السعيد بالفساد، ورد هذا الأخير بمقاضاة ضابط المخابرات السابق، هي معطيات تفيد بأن ذلك التصعيد هو في لغة الأحوال الجوية، الريح التي تسبق قدوم العاصفة، وعن احتمال امتداد ألسنة اللهب الى مؤسسات أخرى والى بداية سقوط الرؤوس الكبرى في منظومة الحكم.إذ بعد ردود الفعل الغاضبة الصادرة من أحزاب محسوبة على السلطة على غرار عمارة بن يونس الذي انتقد تصريحات سعداني، وأخرى عن منظمات النساء وقدماء الجيش ومقاومي الإرهاب وحتى من شخصيات وطنية كالثلاثي طالب الإبراهيمي والجنرال بن يلس وعلي يحيى عبد النور الذين أعلنوا رفضهم العهدة الرابعة، كان لابد للحكم من العودة الى مسك قرون ثور الأزمة من رأسه، والتي كانت قد بدأت من تبعثر حزب السلطة الأول الأفالان إلى أجنحة متخاصمة. وبعودة أزمة الأفالان مجددا إلى أروقة مصالح وزارة الداخلية، من خلال مطالبة خصوم سعداني برخصة لعقد دورة للجنة المركزية، تكون الزمر الحاكمة قد قررت العودة الى طاولة المفاوضات ووقف حرب الخنادق المشتعلة منذ عدة أشهر حول ترتيبات رئاسيات 2014 التي تسببت في تغييرات سريعة مست مصالح جهاز المخابرات مرورا بتبديل قيادات أحزاب السلطة (الأفالان والأرندي) ووصولا الى كشف الغسيل الوسخ بإخراج ملفات الفساد للساحة العمومية وفي مقدمتها قضية شكيب خليل وسوناطراك، وقد تبقى كرة الثلج لهذه الفضائح في التدحرج لتتجاوز في حجمها قدرة نظام متهاو فقد قوته وأنصاره، وعجز عن وقف تدحرجها قبل أن تكون قد جرت في طريقها الكثير من الرؤوس الثقيلة في أعلى هرم الدولة. وأمام هذا السيناريو وشيك الوقوع كان لابد من قطع الرأس التي أيقظت “الفتنة”، ولا يوجد أفضل من تقديم سعداني قربانا، لأنه الحلقة الأضعف ومن شأنه كقرار، عدم تجويع الذئب ولا إغضاب الراعي في معادلة الرئاسيات. وما يدفع لذلك أن رحيل سعداني ليس سوى “فيزيبل” انحرق، لكن استمراره في الحزب العتيد بغض النظر عن العهدة الرابعة من عدمها، قد يحرق عدّاد الكهرباء برمته ويدخل “السيستام” في نفق مظلم وسيبقى على حالة الاحتقان السياسي ويزيد من حرب الكر والفر داخل حزب السلطة الأول، في بلد في حاجة الى برودة أعصاب ليفكر في ترتيب أوراق المستقبل. لقد وعد سعداني بالقضاء على خصومه وإنهاء وجودهم كليا قبل 17 أفريل المقبل، بينما يريد بلعياط رفقة عبد الكريم عبادة تنحيته والتغذي به قبل أن يتعشى بهم يومي 13 و14 فيفري الجاري، باستدعاء دورة للجنة المركزية، وبين الموعدين سيحسم فيها في أم المعارك وهي الرئاسيات.
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات