أسقطت الاتحادية المغربية لكرة القدم، قسرا، الخريطة المزيفة التي تغتصب فيها الأراضي الصحراوية، واختارت، خلال الاجتماع الفني، أمس، بالمغرب، استظهار قميص منتخبها النسوي تحت 17 عاما خال من أية خريطة أو إقليم.
لم يكن الأمر مفاجئا على الإطلاق لبلد جعل من نفسه أضحوكة وسط العالم، فهو الوحيد الذي يدعي حيازته على خريطتين، فحين تعلق الأمر بمناسبة قارية بحتة، سواء لناديه نهضة بركان أو منتخباته الشبانية في مختلف المنافسات على الصعيد القاري، يحرص المغرب على تسييس الرياضة ووضع خريطة مزيفة يستفز بها إفريقيا التي يسيطر على هيئاتها الرياضية على غرار الكاف، إلا أنه حين يتعلق الأمر برهانات رياضية ذات بعد دولي، فالمغرب يعود مرغما إلى خريطته الحقيقية، بل وحرص على "إسقاطها" من القمصان.
وقبل موعد مباراة المنتخبين المغربي والجزائري لكرة القدم بمدينة بركان المغربية المقررة اليوم لدى الإناث في فئة تحت 17 عاما، استظهر الطرف المغربي قمصان المنتخب خالية من أية خريطة، والسبب براغماتي بحت، يحركه الخوف من تحرك الهيئات الدولية، في حال ما غامر المغرب بتوظيف الرياضة لأغراض سياسية، فمباراة اليوم تدخل في إطار الدور ما قبل الأخير من تصفيات كأس العالم، ما يجعل من محاولة استغلال مسابقة الفيفا للدعاية المغرضة مغامرة قد تضرب المغرب رياضيا وسياسيا، على اعتبار أن الفيفا تتعامل بقوانينها ولا تخضع للسيطرة المغربية.
وهو ما حدث أيضا مع ملف الترشح لمونديال 2030، التي أودع فيها المغرب خريطته الحقيقية دون اغتصاب للأراضي الصحراوية.
ازدواج موقف المغرب بشأن حقيقة حدوده تفضحه الرياضة، فالتواجد على طرفي نقيض بين مسابقة الكاف ومسابقة الفيفا يبرز للعالم نزعة المغرب الاستعمارية، وهي نزعة تروضها القوانين الدولية للرياضة وليس القارية، فيها تتلاشى آثار "التخدير" الذي يفعل بالمغرب فعلته في الحدود الإفريقية دون سواها. بقي الاستدلال بازدواج موقف المغرب بشأن "الموقف"، فقد اجتهد الطرف المغربي لتسييس بطولة إفريقيا للمحليين التي احتضنتها الجزائر، لكونها بطولة "هجينة" خاصة بالقارة السمراء ولا تضمن رهانات رياضية دولية، بدليل مسرحية المطار في المغرب والإصرار على رحلة مباشرة على متن الخطوط الجوية المغربية التي جعل منها المغرب ذريعة للمقاطعة في حال فشل مخطط وضع الجزائر أمام الأمر الواقع رغم قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وبعد ثلاثة أشهر فقط، عادت الجزائر لاحتضان منافسة قارية خاصة بفئة تحت 17 عاما، لكنها منافسة مؤهلة للمونديال لنفس الفئة العمرية، وقد غابت وقتها تلك المسرحية وذلك "الموقف الثابت"، وحضر المغرب في صمت في رحلة غير مباشرة وعلى متن شركة طيران غير الخطوط الجوية المغربية... هذه هي الحقيقة التي عرت المغرب وجعلت مواقفه المتعنتة تزكي حق جمهورية الصحراء الغربية في أرضه وفي سيادته وتفضح ألاعيب المغرب أكثر فأكثر.