قال رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، في مداخلته "الإسلام في الجزائر، القوة الروحية المحرّرة للوطن والموحدة للأمة"، بمناسبة اليوم الوطني للذاكرة بجامع الجزائر، أمس، أنه "لما نرجع إلى الذاكرة ونقرأ تاريخ الجزائر نرى أن تاريخ جيل نوفمبر يختلف عن تاريخ العالم"، مؤكدا أن "جيل نوفمبر حرر البلاد وحرر الإسلام في الجزائر".
ولفت رئيس مجلس الأمة إلى أن خطبة الجمعة أثناء فترة الاستعمار "الكلمات التي كانت تُلقى في المساجد كانت تُكتب من طرف الحاكم"، وفي هذا السياق، تساءل "ماذا كان ابن باديس يطالب"، ليجيب "كان ابن باديس يطالب بفصل الدين عن الحكومة".
فيما حذّر ممن يشكك في أعداد شهداء ثورات التحرير منذ 1830 وإلى غاية ثورة نوفمبر، وقال "جاءت ثورة نوفمبر بعد إبادة سنة 1870م، بعد أربعين سنة من الاحتلال والمقاومة الجزائرية، قامت فرنسا بإحصاءات حول الشعب، وتشير إلى أنه في سنة 1870م كان عدد الشعب الجزائري 3 ملايين، وبعد أربعين سنة قامت بإحصاء آخر في 1910م، جاء فيه أن عدد الشعب 2 مليون و900 ألف جزائري، وهذا يوضح إبادة الشعب الجزائري. وفي 1950م بعد أربعين سنة أخرى؛ قامت بإحصاء آخر، وكانت نتيجته 6 مليون جزائري، مشيرا إلى أنه في هذه الفترة "خفّت الإبادة الفرنسية للشعب الجزائري"، مرجعا ذلك إلى الحربين العالميتين الأولى والثانية، لأن فرنسا كانت تحتاج إلى تجنيد الشعب الجزائري في هذه الحروب لتحريرها من النازية، داعيا المؤرخين والباحثين إلى ضرورة البحث في هذه التفصيلة التي ربما غفل الباحثون عن التفصيل فيها.
وعرّج الرجل الثاني في الدولة إلى بداية تشكيل التنظيم السياسي الجزائري آنذاك بدءا بتأسيس نجم شمال إفريقيا، مشيدا بالوعي السياسي للنخب في تلك الفترة والتي كانت تنظر إلى إفريقيا بصفة عامة وتحريرها منه ربقة الاستعمار.
وأشار المتحدث إلى أنه في 1942م مع تصريح الرئيس الأمريكي روزفلت الداعي إلى تقرير مصير الشعوب المستعمرة، والذي من خلاله تم إنشاء نظام في الجزائر أطلق عليه "أحباب البيان" وسلّمه فرحات عباس إلى القنصل العام الأمريكي سنة 1944م، طالبا من المؤرخين والباحثين إلى ضرورة البحث عن هذه الوثيقة لتقرير المصير الشعب الجزائري.
وأوضح قوجيل أنه مع مجيء 08 ماي 1945م، قام المستعمر الفرنسي بارتكاب إبادة في حق الشعب الجزائري الذي أراد التعبير عن فرحته لانتهاء الحرب العالمية ونادى بتقرير المصير والاستقلال، فجازاه المستعمر بمجازر سطيف قالمة خراطة، وسقط خلال أيام قليلة 45 ألف شهيد، ملفتا إلى الشبه بين ما يحصل في غزة وما حصل في 1945م، مشيرا إلى أنه "لم تتكلم الجزائر عن فلسطين؟ ولماذا تدافع عن تقرير مصير الشعب الفلسطيني، وعن حرية فلسطين؟ إنما من منطلق تجربة الجزائر".
وشدد رئيس مجلس الأمة الجزائري على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني بهدف تحقيق الاستقلال الوطني، مشيرا إلى أنه "لا يمكننا أن ننسى ما فعلته بنا فرنسا، نحن عشنا الأرض المحروقة، ولا ننتظر منهم أن يقولوا لنا ما يجب علينا أن نفعله أو أن ننسى ما فعلته فرنسا".
ثم عرج السيد صالح قوجيل إلى مسار الحركة الوطنية، وذلك بعد عامين من مجازر 08 ماي 1945م وبالتحديد سنة 1947م، متحدثا عن اجتماع الحركة الوطنية (بي بي آ) والقرار الذي اتُخذ بأنه لم يبقى أمل، وأن فرنسا التي احتلت الجزائر بالسلاح لا تخرج إلا بالسلاح، معرجا على الأسباب الهامة في الانتقال إلى ثورة نوفمبر التحريرية.
ونبّه قوجيل إلى أن الجزائريين كانوا يرفضون التدخل والتوسط بين المجاهدين وبين فرنسا؛ سواء كانوا من الأشقاء أو الأصدقاء، مشيرا إلى أنه لو قبل الثوار التوسط بيننا وبين فرنسا لما استقلّت الجزائر؛ ولكُنا مثل الشعب الفلسطيني الآن، مؤكدا أن ذلك القرار "حافظ على قرارنا السياسي".
وأشاد رئيس مجلس الأمة إلى وعي الشعب الجزائري خلال "الحراك" الوطني، وقال "في هذه المظاهرات في كامل القطر الجزائري لم تسل ولا قطر دم واحدة"، والتي كان تسير تحت شعار "جيش شعب خاوة خاوة"، متطرقا إلى الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس عبد المجيد تبون، باعتراف المتنافسين الخمسة على نزاهتها. رابطا هذا المسعى بما حدث آنذاك مع الإخوة الستة الذين ناضلوا في الحركة الوطنية وتخليهم عن الزعامة في ثورة شعارها "من الشعب إلى الشعب" والعمل الجماعي، حتى حققنا النصر والاستقلال، مشيدا بقرار رئيس الجمهورية بعدم الرجوع إلى المديونية.
ثم تلا رئيس ديوان مجلس الأمة السجل الذهبي لجامع الجزائر، وبعدها تم تكريم رئيس مجلس الأمة صالح قوجيل من قبل عميد جامع الجزائر الشيخ محمد المأمون القاسمي.