38serv
شهدت جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، مؤخرا، انعقاد الملتقى الوطني حول “النقد في التفسير عند مفسري الغرب الإسلامي”. وقد جاء هذا الملتقى ليؤكد على أهمية النقد كأداة لفهم القرآن الكريم فهما عميقا، خاصة في ظل تعدد التفسيرات وتباينها.
وافتتح الملتقى بكلمة ترحيبية ألقاها مدير الجامعة الدكتور سعيد دراجي، أكد فيها على أهمية الملتقى في إثراء الساحة العلمية وتعزيز البحث العلمي في مجال التفسير، كما أشار إلى دور مفسري الغرب الإسلامي في إرساء قواعد النقد التفسيري وتطويره.
وتناولت جلسات الملتقى مختلف محاور النقد في التفسير، من النقد اللغوي إلى النقد التاريخي والنقد العقلي. وقد شارك في هذه الجلسات نخبة من العلماء والباحثين من مختلف أنحاء الجزائر، والذين قدموا أوراقا علمية قيمة أثرت النقاش والحوار حول مسألة النقد في التفسير. ومن بين الموضوعات المهمة التي ناقشها الملتقى دور علماء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في النقد التفسيري، فقد قدم الدكتور عبد العزيز شلي، أستاذ التفسير وعلوم القرآن، مداخلة تناول فيها ملامح النقد التفسيري عند علماء الجمعية. وأشار الدكتور شلي إلى أن علماء الجمعية اهتموا بتفسير القرآن الكريم بهدف إصلاح المجتمع الجزائري ورفع الجهل عنه، كما واجهوا مشروع التجهيل الذي انتهجته فرنسا في ذلك الوقت.
وخلص الملتقى إلى جملة من التوصيات، أهمها توجيه طلاب الدراسات العليا والباحثين إلى الكتابة في مسألة “النقد في التفسير”، التركيز على الجانب التأصيلي المتعلق بمقدمات هذه المسألة المهمة والحساسة، ضبط مدلول “النقد في التفسير” وأسسه وضوابطه ومجالاته، والعمل على إصدار موسوعة نقدية تفسيرية تجمع مختلف آراء المفسّرين حول الآيات القرآنية.
وقد أثبت الملتقى، حسب المشاركين فيه، أهمية النقد في فهم القرآن الكريم وتفسيره بشكل صحيح. كما ساهم في تسليط الضوء على جهود مفسري الغرب الإسلامي في هذا المجال، وإبراز مناهجهم وإبداعاتهم.
ودعا المشاركون إلى ضرورة استقراء ودراسة مدونات التفسير المختلفة، بهدف استخراج المصطلحات العلمية التي استخدمها العلماء في عملية النقد التفسيري، وفهم أسس النقد وقواعده، مؤكدين على ضرورة تصنيف المفسرين حسب مراتبهم في النقد التفسيري، وتحديد مناهجهم ومدارسهم في هذا المجال.
وقد تم خلال فعاليات الملتقى تقسيم النقد التفسيري إلى قسمين “نقد مقبول ونقد مردود”، فالنقد المقبول هو المبني على أسس علمية رصينة، بينما النقد المردود هو ما يعتمد على خلفيات وآراء شخصية لا أساس لها من الصحة.
وخلال ذات الفعالية، ركز المشاركون على دراسة مناهج مفسري الغرب الإسلامي في النقد التفسيري، وتحديد مصطلحاتهم التي وظفوها في ذلك، إذ تم تحديد مجالات النقد التفسيري المختلفة، مثل نقد الروايات التفسيرية، ونقد المعاني اللغوية، ونقد القواعد الأصولية. كما تم بحث أثر النقد التفسيري على التفاسير المشرقية، وكيف ساهم مفسرو الغرب الإسلامي في إثراء التراث التفسيري الإسلامي.
وخلص المشاركون لاقتراح تنظيم ملتقى آخر يعنى بظاهرة النقد في الاتجاهات المنحرفة في التفسير، مثل الاتجاه الاستشراقي والحداثي والإلحادي.