تحيي الجزائر، اليوم العالمي لحرية الصحافة، في ظل إصلاحات يشهدها قطاع الإعلام الذي تدعم بنصوص قانونية جديدة، تواجه الحكومة تحدي تجسيدها على أرض الواقع لتطهير القطاع من الدخلاء وتحسين وضعية العاملين فيه.
كان "تحقيق حرية الصحافة وتعدديتها واستقلالها وضمان احترام قواعد الاحترافية وأخلاقيات المهنة" الالتزام السادس للرئيس عبد المجيد تبون، حيث راهن عليه في إعادة ترتيب قطاع الإعلام وترقية أدائه وأيضا للتكيف مع تطورات وتحولات مرتبطة بالمشهد الإعلامي عموما. وقد تجسد ذلك في القانون العضوي المتعلق بالإعلام وقانوني الصحافة المكتوبة والإلكترونية والنشاط السمعي البصري ومشروع قانون الصحفي الذي أكد وزير الاتصال، محمد لعڤاب، أنه يخضع للروتوشات الأخيرة.
وقد انبثقت عن القوانين الجديدة المنظمة للمهنة هيئات جديدة، يتعلق الأمر بسلطة ضبط الصحافة المكتوبة والإلكترونية، السلطة الوطنية المستقلة لضبط السمعي البصري ومجلس أخلاقيات المهنة، وقبل ذلك أطلقت سنة 2020 ورشات تتعلق بإصلاح "شامل" لقطاع الإعلام، سبقت إعادة تكييف قوانين مع متطلبات المهنة التي تعرف تطورات تكنولوجية سريعة وأفرزت معضلات حقيقية بحاجة إلى تكييف تشريعي ومهني.
في الاحتفالية الأخيرة الخاصة باليوم الوطني للصحافة، أعلن الرئيس جملة من التدابير والامتيازات لفائدة الإعلام الوطني كشكل من أشكال الدعم غير المباشر، منها تخفيض تكلفة شريط وكالة الأنباء الجزائرية لفائدة وسائل الإعلام الوطنية وكذا تخفيض الرسم على القيمة المضافة.
كما تقرر تخفيض سعر تكلفة إيواء المواقع الإلكترونية لدى اتصالات الجزائر بنسبة تتراوح بين 33 و36 بالمائة، مع زيادة طاقتها وتخفيض سعر الإيجار في دار الصحافة وإطلاق تسمية المراكز الصحفية بالملاعب بأسماء صحفيين رياضيين وكذا تخفيض أسعار التذاكر عبر الخطوط الجوية الجزائرية لفائدة الصحفيين الرياضيين المكلفين بتغطية المنافسات الإفريقية.
ومن المكاسب التي طالما كانت بمثابة مطالب من قبل منتسبي المهنة، الإعلان عن إعادة إطلاق صندوق دعم الصحافة وإعداد تصور لتنظيم سوق الإشهار.
وتنتظر الأسرة الإعلامية مشروع القانون الأساسي للصحفي، الذي يعد بمثابة دستور للمهنة، حيث يشمل جميع مهن الصحافة والمنتسبين إليها ويحدد الحقوق والواجبات ويضبط الكثير من المفاهيم والممارسات المتعلقة بصفة مباشرة بمهنة الصحفي.
ويشكل القانون دعامة حقيقية لقوانين الإعلام، حيث سيلم بجميع ضوابط المهنة، كما سيضمن حقوق مهنيي القطاع، من خلال إلزام أرباب المؤسسات الإعلامية بتحسين الحياة الاجتماعية للصحفي مع فتح الباب لتكوين نقابات شرسة في الإعلام تعيد التوازن القطاع. كما سيكون القانون ضربة قاصمة للمؤسسات الإعلامية أو أربابها الذين تهربوا لسنوات من إمضاء الاتفاقيات الجماعية واحتكروا أرباح الإشهار دون الإعلاميين في القطاع الخاص، مع عدم تحسين أوضاع الصحفيين.