عرفت نسبة جرائم القتل ضد المطلقات ارتفاعا مخيفا في السنوات القليلة الماضية، بحيث أصبح حق الطلاق وبناء حياة جديدة جريمة لا تغتفر لدى بعض الرجال الذين يعتبرونها انقاصا لرجولتهم وخيانة عقابها القتل وإزهاق النفس.
وتعيد حادثة الجلفة التي قتل فيها شخص يبلغ من العمر 70 عاماً، طليقته الخمسينية وابنه الثلاثيني إلى الأذهان، ذاكرتنا لعديد الجرائم التي راحت ضحيتها امرأة ذنبها الوحيد أنها أرادت انهاء رابطة الزواج بالحسنى بعد استحالة العيش مع زوجها لأسباب مختلفة غالبا ما تتعلق بالإهمال العائلي والعاطفي و الضرب وعدم الانفاق و غيرها من الأسباب التي تصبر عليها الزوجة لسنوات طويلة حتى ينقطع حبل الصبر ويصبح العيش مع ذات الشخص انتحارا، عندها فقط يستيقظ ذلك المخلوق ويتفرغ لملاحقة طليقته أينما حلت ويجعلها شغله الشاغل ليحرمها من السير قدما ومواصلة حياتها بمنحى آخر.
يقتل طليقته بمطرقة
ومن الفظائع التي بقيت عالقة في الأذهان، ما حدث بحي "لاشالام" بولاية مستغانم شهر جانفي المنصرم عندما، أقدم مواطن يبلغ من العمر 45 عاما على قتل طليقته وصهره البالغ من العمر 60 سنة، وزوجة صهره بعدما انهال ضربا على رؤوسهم بآلة حادة "مطرقة"، وأضرم النار في البيت مما تسبب في اختناق ابنة.
وتمكنت الأجهزة الأمنية من ضبط القاتل وبحوزته أداة الجريمة.
وفي تفاصيل الموضوع التي رواها مصدر مطلع تبين أن المتهم قتل طليقته وابنه ووالداها في مسكنهما العائلي، ثم أقدم الجاني على حرق البيت عقب ارتكاب جريمته البشعة باستعمال آلة حادة، فيما توفي ابنه (4 سنوات) اختناقًا بالغاز المنبعث من الدخان، عقب إضرام النار بمسكنهم العائلي ولم تعرف لحد الآن أسباب الجريمة وإن كانت مصادر تتحدث عن أن الجاني كان يعاني من اضطرابات ذهنية في المدة الأخيرة.
وبنفس السيناريو تقريبا اهتز حي كوسيدار بتسالة المرجة في العاصمة سنة 2015، على وقع جريمة قتل راحت ضحيتها امرأة في الخمسينات، على يد زوجها بعد شجار بينهما. وحسب جيران الضحية فإن المشتبه به مريض عقليا يتعاطى الأدوية، ومسبوق قضائيا، ومكث بمستشفى للأمراض العقلية لمدة شهرين كاملين، وقررت طليقته تمضية هذه الفترة عند بيت أهلها ببئر خادم. ولدى خروجه من المصحة العقلية عادت لتطالبه بحقها في المسكن لكنه رفض، لتزداد حدة النقاش بينهما، قبل أن تثور ثائرة الزوج وأخذ مطرقة ووجه للضحية ضربة على مستوى الرأس أردتها قتيلة، ثم يتوجه بعدها نحو مصالح الأمن للتبليغ عن نفسه.
شرطي يقتل طليقته وثلاثة من عائلتها
سنة 2019 ارتكب شرطي مجزرة ببلدية سيدي لحسن بسيدي بلعباس، عندما قصد المسكن العائلي لطليقته، أين قام بقتلها رميا بالرصاص، قبل أن يواصل تصفية ثلاثة أفراد من عائلتها ويصيب آخر بجروح بليغة، ويفر من المكان. الجريمة التي اهتز على وقعها جميع سكان ولاية سيدي بلعباس، وقعت في حدود الساعة السابعة صباحا، حسب ما صرح به جار الضحايا، مؤكدا أن الجاني المفترض شوهد يقف برفقة صهره (والد طليقته) بالقرب من مسكن هذا الأخير، قبل أن يرافقه إلى داخل المسكن، وبعدها بلحظات قليلة سمع صراخا داخل البيت، ما دفع بعدد من الجيران لمحاولة دخول المسكن لكنهم تراجعوا بعد سماع طلقات نارية، ليتوجهوا إلى الخلفية لرؤية ما يحدث من الجهة الخلفية لمسكن الضحايا، ليخرج شقيق طليقة الجاني وهو مصاب بعيارات نارية، أين قام الجيران بإجلائه على متن سيارة خاصة نحو مصلحة الاستعجالات بمستشفى عبد القادر حساني، ليدخل مباشرة إلى العناية الطبية المركزة، قبل وصول عناصر الأمن والحماية المدنية، الذين دخلوا المسكن ليعثروا على طليقة الجاني البالغة من العمر 43 سنة ووالدها البالغ من العمر 87 سنة جثتين هامدتين، بينما كانت الأم البالغة من العمر 75 سنة برفقة ابنتها ذات 36 عاما، تقاومان إصاباتهما بطلقات نارية، ما استدعى نقلهما على جناح السرعة لمصلحة الاستعجالات الطبية، حيث فارقتا الحياة.
امرأة واحدة على الأقل تقتل كل أسبوع
قُتلت 261 امرأة على الأقل في الجزائر منذ عام 2019، نصفهن أمهات و16 منهن كنّ حوامل وقت الجريمة، وفق تقرير صدر السنة الماضية عن منظمة فيمينسد الجزائر. وقالت عضو ائتلاف "فيمينيسد الجزائر" وئام أوراس أثناء تقديم التقرير إنه منذ مطلع 2023 تعرضت 33 امرأة للقتل، موضحة أن الإحصاء ارتكز أساسا على القضايا التي غطتها الصحافة المحلية، أين قام الائتلاف بتحليل جرائم قتل النساء في الجزائر بين 2019 و2022، وخلص في تقريره إلى أن "امرأة واحدة على الأقل تُقتل" كل أسبوع. كما أكدت أنه وخلال أربع سنوات، صدر 13 حكماً بالإعدام في الجزائر على خلفية قتل نساء، تم تخفيفها كلها إلى السجن المؤبد بموجب وقف تنفيذ عقوبة الإعدام في البلاد المعمول به منذ عام 1993.
النفقة، الايجار والأطفال من أسباب حروب المطلقين
تختلف وتتعدد أسباب النزاعات بين المطلقين منها امتناع الرجل عن تسديد نفقة الأبناء بعد الطلاق واللجوء إلى الاحتيال والطرق الملتوية، للتهرب من الدفع حيث أن المشرع الجزائري يحفظ حق المرأة المطلقة وأطفالها عن طريق استفادتها من نفقة العدة ومبلغ مالي تطلبه الزوجة كتعويض عن الضرر المعنوي الذي لحقها، ناهيك عن نفقة كل طفل، والتي تبلغ في بعض الأحيان 6000دج عن الطفل الواحد، بالإضافة إلى التخلي عن المسكن للزوجة حتى تعيل فيه الأبناء، وفي حالة عدم ملكيته لبيت خاص، يجب عليه كراء شقة لزوجته السابقة وأبنائه، هذا دون الحديث عن مشكل الحضانة وإعادة الزواج التي غالبا ما تعاني النساء المطلقات منه بحيث يمنعهن أزواجهن السابقين من الزواج مرة أخرى حتى لو خاضوا هم التجربة و السبب الأطفال وتحت ذريعة "أولادي ما يترباوش مع البراني" وهنا تدخل القضايا حيزا آخرا ينتهي في الكثير من الأحيان بجريمة أو ضياع الأطفال في أروقة صراعات لا تنتهي.