في حين يدعي كيان الاحتلال الصهيوني المضي قدما في خطط إجلاء المدنيين من مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تمهيدا لاجتياحها "الوشيك"، وأنه سيقضي هناك على آخر كتائب الفصائل الفلسطينية، يعود القصف المكثف إلى المناطق الشمالية التي كان قد صرح سابقا بأنه استكمل فيها عمليات تفكيك قدرات المقاومة، ما يوحي مرة أخرى بأن جيش الاحتلال مازال فاقدا للبوصلة في القطاع الصغير المحاصر منذ قرابة سبعة أشهر.
في اليوم الثاني بعد المائتين من العدوان الصهيوني الوحشي على قطاع غزة، شن الجيش الإسرائيلي، في قصف هو الأكثر كثافة منذ أسابيع، لاسيما على شمال القطاع الذي سبق وقلص وجوده فيه، سلسلة غارات على بيت لاهيا شمال قطاع غزة بعد نداء وجهه للسكان بإخلاء المنطقة، الذين شرعوا في مغادرة منازلهم باتجاه مناطق أخرى. وشنت الطائرات الإسرائيلية غارة على شمال مخيم النصيرات بالمحافظة الوسطى، بالتزامن مع قصف مدفعي متواصل، كما استهدف القصف الإسرائيلي أرضا زراعية في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة.
وأكدت مصادر طبية وقوع عدد من الإصابات جراء غارة إسرائيلية استهدفت مخيم البريج وسط القطاع، فيما أطلقت الآليات الإسرائيلية المتمركزة على مقربة من الحدود الشرقية لمدينة خان يونس عشرات القذائف صوب مناطق عبسان وخزاعة والزنة.
وفي شمال قطاع غزة سجلت إصابات في صفوف المواطنين جراء القصف الإسرائيلي المدفعي على مناطق مختلفة شمال القطاع، كما سمعت أصوات انفجارات ضخمة ومتواصلة مع تصاعد ألسنة الدخان في أحياء الزيتون والشجاعية والتفاح والدرج وتل الهوا وبيت لاهيا والرمال في مدينة غزة، حسب وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية التي أشارت إلى أن حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة وصلت إلى أكثر من 34 ألفا و77 ألف جريح، حسب آخر تحديث لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة.
وأكدت التقارير الإعلامية أن القصف الصهيوني تجدد في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، بعدما رصد إطلاق صواريخ من المنطقة صوب جنوب الأراضي المحتلة، حيث قال الإعلام العبري إنه رصد صباح أول أمس إطلاق أربعة صواريخ من منطقة بيت لاهيا باتجاه مدينة سديروت وإطلاق صواريخ أخرى من منطقة مدينة غزة باتجاه منطقة زيكيم، مشيرا إلى أنه تم اعتراض كافة القذائف الصاروخية.
وتفند صواريخ المقاومة الفلسطينية، التي انطلقت من شمال القطاع بعد 200 يوم من العدوان الوحشي المتواصل على غزة، المزاعم الإسرائيلية التي تدعي تمكن الجيش الصهيوني من تفكيك قدرات حماس وباقي الفصائل الفلسطينية في شمال غزة، حيث تواصل المقاومة مواجهة الاحتلال والتصدي لقواته المتوغلة في قطاع غزة عبر الاشتباك وإطلاق الصواريخ نحو مستوطنات الغلاف.
وكانت سرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد، قد أعلنت قصفها منطقة "سديروت" و"نيرعام" ومستوطنات غلاف غزة برشقات صاروخية، مؤكدة أنه يأتي ردا على جرائم الاحتلال بحق الفلسطينيين، بينما أعلنت كتائب شهداء الأقصى أن مقاتليها يخوضون في هذه الأثناء اشتباكات ضارية مع قوات الاحتلال وآلياتهم العسكرية بالأسلحة الرشاشة وقذائف الـ"آر بي جي" في محور قتال في مدينة بيت حانون شمالي قطاع غزة.
كما أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، تمكن مجاهديها من قنص جندي إسرائيلي في بيت حانون، شمالي القطاع. وفي المنطقة نفسها، استهدفت الكتائب جرافة عسكرية إسرائيلية من نوع "D9، بقذيفة "الياسين 105"، فيما دكت تجمعا لقوات الاحتلال المتوغلة بقذائف "الهاون". من جهتها قصفت كتائب شهداء الأقصى تجمعات لجنود الاحتلال وآلياته العسكرية بقذائف "الهاون" شرقي بيت حانون، أما في وسط القطاع، وتحديدا في شرقي مخيم البريج، تمكنت "شهداء الأقصى" من قصف تحشدات آليات جيش الاحتلال بقذائف "الهاون" أيضا.
وخلال كلمته بعد مرور 200 يوم من العدوان الصهيوني المتواصل على غزة، تعهد الناطق باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، بمواصلة القتال ضد الجيش الإسرائيلي، بـ"مزيد من الغضب وروح الانتقام والاستعداد للمواجهة في فلسطين وحولها بل وعبر العالم بأسره"، على حد تعبيره.
واتهم أبوعبيدة الجيش الإسرائيلي بأنه "يستغل ورطته على الأرض في المزيد من التدمير الانتقامي العشوائي"، قائلا إن إسرائيل تحاول دون جدوى "لملمة صورتها منذ ذلك اليوم"، في إشارة إلى يوم السابع من أكتوبر تاريخ اندلاع معركة طوفان الأقصى، وقال إن "من أكاذيب حكومة إسرائيل ربط ما يسمى بالانتصار في هذه الحرب باجتياح رفح ومحاولة إيهام العالم بأنها قضت على غالبية الكتائب العسكرية للقسام في قطاع غزة وتبقت كتائب رفح".
إجلاء أكثر من مليون نازح من رفح غير ممكن
وتتزايد التحذيرات من خطورة الهجوم على مدينة رفح التي تؤوي أكثر من 1.5 مليون نازح، بالإضافة إلى مئات آلاف السكان، حيث تشير التقديرات الأممية إلى أن إجلاء أكثر من مليون مدني من رفح "غير ممكن"، علما أن المنطقة تتعرض منذ أسابيع لغارات صهيونية وحشية، خلفت مجازر دامية في حق عشرات الفلسطينيين.
واستشهد عدد من الفلسطينيين وأصيب آخرون، مساء أول أمس، جراء قصف إسرائيلي استهدف منزلا بالمدينة، حيث ازدادت في الآونة الأخيرة وتيرة الغارات الإسرائيلية في رفح، وسط تمسك تل أبيب باجتياح المدينة بزعم مواجهة آخر معاقل حركة حماس.
وتشير الدلائل والمؤشرات إلى اقتراب موعد الاجتياح البري الصهيوني لرفح، حيث أوردت الكثير من التقارير الإعلامية العبرية، نقلا عن مصادر من الجيش الصهيوني، أن الجيش يستعد لاجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة في وقت "قريب جدا"، مشيرة إلى أن العملية البرية هناك تتضمن إخلاء أعداد كبيرة من السكان.
وفي السياق، أعلن جيش الكيان الإسرائيلي، أمس، عن تعبئة لواءي احتياط للقيام بما وصفها بمهام "دفاعية وتكتيكية" في قطاع غزة. وأضاف أن هذين اللواءين، اللذين كانا يعملان على طول الحدود الشمالية، استعدا في الأسابيع الأخيرة للقيام بعمليات في قطاع غزة تحت قيادة الفرقة 99، وأشار إلى أن لواء الاحتياط الثاني التابع للفرقة 146 ولواء الاحتياط 679 التابع للفرقة 210 قاما برفع جاهزيتهما، من خلال إجراء سلسلة من التدريبات على الجبهتين الشمالية والجنوبية.