تبث شبكة “كنال بلوس” هذه الأيام فيلما لا أتذكر عنوانه رغم أنه مكون من كلمة واحدة، تدور أطواره حول قصة جوسسة بين الروس والأمريكيين. ومن مشاهد الفيلم، أن رئيس المخابرات الروسية استدعى في مكتبه بطل القصة ليشرح له مهمته الجديدة. واختتم رئيس المخابرات شرحه بإبلاغ عونه وبطل الفيلم بأنه سيتم اعتقاله في النهاية ويقدم للرأي العام على أنه خائن...الخيانة، إذن، جزء من الواجب الوطني أحيانا. ولو لم يأخذ الواجب الوطني في الحسبان، حق استخدام الخيانة لما استطاع جنود الواجب الوطني كشف الخونة الحقيقيين. الحرب خدعة، وهذه قاعدة يعرفها العام والخاص ولا عذر لأجهزة “الواجب الوطني” في أي بلد، إن انخدعت بخونة مزيفين أو اكتشف خنوتهم المزيفون... ولذلك كل أجهزة “الواجب الوطني”، أو المخابرات بالعبارة الأصح والأكثر شيوعا، تعرف قواعد اللعبة ويصعب عليها مخادعة بعضها البعض بالحيل المزيفة.وقصة الفيلم الذي برمجت فيه تهمة الخيانة في حق بطل الجوسسة تكون مستمدة من الواقع، خاصة وأن الأمريكيين اكتشفوا حقيقة البطل قبل تنفيذه مهمته الأخيرة. وقد تكون قصة الفيلم رواية من جانب واحد تخفي حقائق أخرى لدى الجانب الآخر. وهذا أيضا جزء من الواجب الوطني وجزء من الحرب بين المخابرات، كل واحدة منها تحاول تمجيد انتصاراتها على الأخرى، أو تحاول تعويض خساراتها بانتصارات سينمائية أو صحفية أو عبر مؤلفات تاريخية أو أدبية...لكن، هناك شعب بأكمله، حياته قائمة على قصة مخابراتية وصراع أجهزة تزلزل الأرض وترفع الأنقاض وتنتشل الجثث... ولا نشاهد شيئا من هذا كله ولا نشعر بالأرض حين تحرك من تحت أرجلنا ولا نسمع دوي المباني وهي تنهار على رؤوسنا... إلا عندما نطالع الصحافة في الصباح. وتزداد أطوار القصة وتيرة كلما اقتربت من موعد انتخابي، ثم تنخفض الوتيرة بل يسدل ستار أسود لوقت طويل ينفر المشاهدين عن شاشاتهم، وربما يغرقون في البحث عن العطل الذي أصاب جهازهم التلفزيوني...وقد يكون هذا الشعب مثل بطل الفيلم أعلاه، الذي وضع حدا لتقمص شخصيات غير شخصيته الحقيقية وراح يبحث عن غريمته في المستشفى ليبادلها مشاعر حقيقية، غير تلك التي كان يصطنعها...
مقال مؤرشف
هذا المقال مؤرشف, يتوجب عليك الإشتراك بخطة الممتاز+ لتتمكن من الإطلاع على المقالات المؤرشفة.
تسجيل الدخول باقة الاشتراكات