مشاورات لتشكيل تحالف انتخابي تحسبا للرئاسيات

+ -

تجري حاليا اتصالات ومساع بين عدة أحزاب لمناقشة أفكار وتصورات حول تشكيل تكتل أو فضاء بين عدة تشكيلات حزبية تنتمي للموالاة، تحسبا للاستحقاقات القادمة، وأبرزها الرئاسيات، غير أن الفكرة لا تزال محل مناقشة وتباحث ولم تتضح معالمها، والمشاركين فيها وقابليته وانفتاحها أمام أطراف أخرى وما إذا ستتخذ شكل التحالف أو التكتل أو أي بنية من البنيات المعروفة في الممارسة السياسية.

وتفيد أصداء معلومات مستقاة من داخل حزب جبهة التحرير، أن ثمّة ترتيبات مبدئية وجادة لتشكيل تكتل أو تحالف بين العديد من أحزاب الموالاة التي دعمت برنامج رئيس الجمهورية في بداية العهدة الحالية والتفّت حول مشاريعه وقراراته، بالتثمين والمصادقة على مشاريع القوانين الآتية من حكومته على مستوى البرلمان.

وتحدّثت مصادر موثوقة مع "الخبر"، حول أن هذه المساعي بعثها حزب جبهة التحرير الوطني بمعية بعض القيادات المعروفة بدعمها للرئيس، وتجاوبت معها قيادات أخرى، في انتظار الاستقرار على الشكل النهائي للتصور وتحديد طبيعته وتسميته. مشيرة إلى أن المشروع لا يزال في شكله المبدئي و"الجنيني" ويجري تنميته وتطويره بتبادل المقترحات والأفكار بين عدة أحزاب.

واتضح من خلال رصد معلومات حول المشروع المحتمل، أن اللقاء الذي أجري بين الأمين العام لحزب جبهة التحرير ورئيس جبهة المستقبل، فاتح بوطبيق وتصريحات الطرفين، بمثابة مؤشر قوي على إرهاصات تشكّل تحالفا حزبيا تحسّبا للانتخابات. وأغلب الظن أنه سيدعم الرئيس تبون في حالة ما إذا أبدى أو أعلن رغبته في الترشح لعهدة ثانية.

ولم تستبعد القيادات التي تحدّثت لـ "الخبر" تناول بن مبارك وبوطبيق، مسألة التحالف أو التكتل، بالنظر إلى عدد أعضاء الوفدين الذين التقوا في مقر الحزب وبلغ عددهم من جهة جبهة المستقبل تسعة قياديين، ومن جانب حزب جبهة التحرير ستة قياديين، إلى جانب إطلاق تصريحات تتضمّن رسائل مبطّنة تفيد ضمنيا بأن اللقاء لم يأت في إطار مجاملة أو بروتوكول، وإنما ينطوي على مشاريع حزبية مشتركة على علاقة مع الاستحقاق الرئاسي.

وبتحليل تصريحات زعيمي الحزبين والمفردات المستعملة، على غرار أن "اللقاء أولي وسيستمر مستقبلا، وسيتعزز في القضايا التي تهم المحطات القادمة، وتقاسم الأفكار والأهداف وتبادل الأفكار والانفتاح على ما هو آت في المستقبل"، يمكن افتراض بأن قيادات الحزبين منخرطين في مشروع مشترك وذاهبين نحو هدف واحد خلال الاستحقاقات القادمة، بالرغم من أن اصطفافهما لا يدع مجالا للشك تطابق تواجّهاتهما.

ولم تفصح المصادر عن كل تفاصيل المساعي والأحزاب المعنية بالمشاورات حاليا، غير أنها أفادت أن الأمر قابل للاتساع ليشمل الأحزاب والحركات التي تتقاسم نفس القناعات والأهداف، خاصة تلك التي تشكّل مع بعضها الأغلبية البرلمانية، وذلك انطلاقا، وفق المصادر نفسها، من الأرضية المشتركة القائمة من قبل بين هذه القوى الحزبية، لتسهيل إنشاء وتجسيد أي تصور أو مشروع سياسي محتمل.

وإلى غاية الآن يتحفّظ ويتريّث الشركاء في هذا المشروع المحتمل أو قيد التشكّل ولم يكشفوا عن معالمه وتفاصيله، بحجة، على ما يبدو، عدم استباق الأحداث وعدم إعلان مرشّحهم المحتمل عن نيته في الترشح في السباق نحو قصر المرادية، وهو تريّث وتحفّظ لابد منه من الناحية الزمنية، وإلا سيجدون أنفسهم في حالة متقدمة ومتسرعة عن وتيرة الزمن السياسي المضبوطة من قبل من يدعموه. وفي حالة ما إذا توافقت الآراء وتجسّدت الأفكار والتصورات وتأسس المشروع، ستختلف الرئاسيات القادمة مع السابقة من حيث الحملة الانتخابية، التي ارتكزت في المرة السابقة أساسا على المجتمع المدني وجزئيا على التيارات والأوعية الحزبية الموالية التي كانت منبوذة ومغضوب عليها من قبل الجماهير الواسعة المتظاهرة في الشارع آنذاك.

ورغم هذه المساعي، تظل الاحتمالات بالتراجع عن الفكرة قائمة وقوية، لارتباطها برغبة المترشح المحتمل ومدى قابليته للفكرة والتجاوب معها وإمكانية امتدادها وتأثيرها واحتضانها جماهيريا وانتخابيا