أصدر القضاء التونسي فجر الأربعاء أحكامه في قضية اغتيال السياسي التونسي شكري بلعيد، بعد أكثر من 11 عاما من الاغتيال السياسي الذي راح ضحيته، شهدت خلالها قضيته استغلالا سياسيا وجدلا مستمرا منذ أكثر من عقد بين القوى السياسية وموجة اتهامات لحركة النهضة بالوقوف وراء الاغتيال، قبل أن تكشف الأحكام عن عدم صدقية هذه الاتهامات السياسية.
وأصدرت الدائرة المختصة في قضايا الإرهاب بالمحكمة الابتدائية بتونس أحكامها في حق 23 متهما بالتورط في عملية الاغتيال، وأعلن المساعد الأول لوكيل الجمهورية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أيمن شطيبة لائحة الأحكام التي تضمنت الحكم بالإعدام في حق أربعة متهمين، وهم عز الدين عبد اللاوي ومحمد أمين القاسمي ومحمد العكاري ومحمد العوادي،
وحكم بالسجن مدة ثلاثين عاما في حقّ المتهم أحمد المالكي المكنى بالصومالي، والذي كان قد قام بعد ثلاثة أشهر بالفرار من السجن قبل أن يتم إعادة توقيفه، وحكم على باقي المتهمين بالسجن بين عامين إلى السجن لمدة 120 عاما والسجن المؤبد. ورفض ثلاثة من المتهمين المثول أمام هيئة المحكمة، و
اختاروا البقاء في غرفة الإيقاف بالمحكمة، بعد جلبهم من السجن، وكان اغتيال الشهيد شكري بلعيد في السادس فبراير2013، قد تشبب في أزمة سياسية حادة في تونس، أدت إلى زعزعت الائتلاف الحاكم وزرعت الانقسام السياسي في تونس، دخلت البلاد بعدها في أزمة حادة أدت إلى استقالة حكومة حمادي الجبالي بعد اغتيال محمد البراهمي بعد ذلك بأربعة أشهر.
ونقل الإعلان عن الأحكام القضائية للمرة الأولى على التلفزيون الرسمي في تونس، واعقب صدور الأحكام مواقف متباينة، حيث أعلنت هيئة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد، أن ملف القضية لن يغلق برغم اصدار الأحكام على المتهمين بتنفيذ عملية الاغتيال، بسبب وجود قضايا تتعلق بالأطراف التي خططت ومولت العملية،
وقال عبد المجيد بلعيد، شقيق شكري بلعيد إنه يشعر بالارتياح بعد صدور الأحكام، بعد 11 سنة من الاغتيال وعدد كبير من الجلسات القضائية، مشيرا إلى أن الأحكام تعد بداية التعامل الجدي مع القضية، بعد توفر الإرادة السياسية للحسم في ملف قضية الاغتيال.
وقال الأمين العام لحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد زياد الأخضر، وهو الحزب السياسي الذي كان يرأسه شكري بلعيد اإن معركة كشف الحقيقة في قضية اغتيال شكري بلعيد "مازالت متواصلة لاسيما مسار ملف الجهاز السري الذي له علاقة وثيقة بملف الاغتيال، مشيرا الى أن مسار كشف الحقيقة يتضمن عدة ملفات وهذا أحدها، معتبرا أن هذا المسار يتواصل اليوم لمعرفة "من تولى التخطيط والتمويل واتخاذ قرار الاغتيال".
لكن حركة النهضة اعتبرت أن صدور الأحكام في قضية اغتيال شكري بلعيد "ينبغي أن ينهي المتاجرة بدم الشهيد وأن يعيد الاعتبار لمن طالته الاتهامات السياسية الباطلة والقاتلة وخاصة رئيس الحركة راشد الغنوشي".
وأضاف بيان للحركة إن "ما توصلت إليه الأجهزة الأمنية بكل تخصصاتها وما انتهت إليه الدوائر القضائية من تفاصيل تعد بشكل يقيني أدلة براءة لحركة النهضة وأدلة قطعية على الأجندة المشبوهة لما يسمى بهيئة الدفاع المتمثلة في استهداف طرف سياسي ظلما وعدوانا وكذبا وبهتانا"،
وأكدت أن القضاء شرع "في إنهاء مسلسل المتاجرة بقضية الشهيد شكري بلعيد بإصدار أحكامها في محاكمة طالبنا بأن تكون علنية وأن تنقل مباشرة ليطلع الرأي العام على حيثياتها ومجرياتها ويقدر حجم الاستهداف المنظم" ضد الحركة.