+ -

يرى جمال خليل، سكرتير دائرة الساحات العربية بجبهة النضال الشعبي الفلسطيني، أن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى من خلال الميناء العائم إلى البقاء مطولا في المنطقة لاستغلال ثرواتها، مؤكدا في حوار مع "الخبر" أن الجزائر تلعب اليوم دورا محوريا وأساسيا على كافة المستويات في دعم القضية الفلسطينية .

 

بداية كيف تنظرون إلى قرار تشكيل حكومة جديدة في فلسطين دون توافق وطني وكيف سيؤثر على الصف الفلسطيني؟

إن قرار وتكليف السيد محمد مصطفى بتشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة جاء استنادا إلى القانون الأساسي ووثيقة إعلان الاستقلال الذي يعطي الرئيس الحق بتكليف من يراه مناسبا بتشكيل الحكومة، وهو القانون المعمول به في فلسطين. ونشير إلى أن بعض المعترضين على القرار الآن تم تكليفهم بنفس المهام في وقت سابق ضمن هذا القانون .

ولا شك أن استقالة حكومة محمد اشتية تأتي ضمن ظرف استثنائي وضاغط، حيث يريد الجميع الضغط على الجانب الفلسطيني باتجاه محاولات فرض أسماء لتشكيل الحكومة أو فرض أن تكون الأسماء من تركيبة بعيدة عن الفصائل الفلسطينية تحت مسمى شخصيات تكنوقراطية، وهذا الموضوع كان محل نقاش في الساحة الفلسطينية، خاصة في موسكو، حيث عقد لقاء فلسطيني على مستوى رفيع وكان هناك بيان وشبه اتفاق على تعميق الحوار واستمراره، كما كان هناك إجماع على تشكيل حكومة وطنية، وأعربت جميع الإطراف عن دعمها لأي تشكيلة تصدر عن الرئيس.

في هذه المرحلة الحساسة نحن بحاجة إلى توحيد البيت الفلسطيني واستكمال الوحدة الوطنية وإلى تشكيل حكومة كفاءات قادرة على توحيد الإطار الجغرافي والسياسي الفلسطيني، ونعتقد أنه رغم حق الاختلاف في التطبيقات العملية إلا أن الجميع سيراجع مواقفه وسيقدم مقاربات تتوافق مع المسار العام الضاغط لوقف المذبحة وأن لا تتحول هذه المذبحة العسكرية الفاشية إلى مذبحة سياسية.

 

ما موقفكم من قرار الولايات المتحدة الأمريكية إنشاء ميناء بساحل غزة لتقديم المساعدات الإنسانية؟

نحن لن نرفض أي دعم مادي أو مساعدات لأهلنا المحاصرين تحت الجوع في ظروف غير قابلة للعيش، ولكن كان الأجدر على الولايات المتحدة الأمريكية الراعية وممولة الاحتلال عسكريا وماليا أن تعمل مع المجتمع الدولي على إجبار العدو الإسرائيلي على الالتزام بالهدوء لفتح معبر رفح، حيت نرى آلاف الشاحنات مكدسة تنتظر العبور إلى غزة لكن العدو يمنع ذلك، وبالتالي كل التحركات بما فيها الإنزال الجوي أو الرصيف البحري العائم هي ذر للرماد للتغطية على الحرج الأخلاقي والإنساني الذي تعانيه الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل الانتخابات المرتقبة أو أمام شعوب العالم.

ليس حلا أن تقوم واشنطن أو غيرها بإقامة رصيف أو إدخال المساعدات، بل الأجدر أن تتوقف أولا عن استعمال الفيتو في مجلس الأمن الدولي ضد القرارات التي تدين الاحتلال وأن تأمر إسرائيل بعدم عرقلة إدخال الشاحنات من معبر رفح أو المعابر البرية الأخرى.

ونتساءل ماذا تريد واشنطن من هذا الرصيف العائم ومن انتشار ألف جندي في مساحة 60 كلم في منطقة نعتقد أنها تنوي كما في شمال سوريا وضع القدم لإقامة نعتقد أنها طويلة في منطقة غنية بإمكانيات نفطية وغازية من المحتمل أن يكون المشروع الأمريكي هو السيطرة عليها لا الاهتمام بالجانب الإنساني والأخلاقي .

 

مقابل شح دخول المساعدات عبر رفح، هناك دول عربية أنشأت جسرا بريا يمد الاحتلال بالبضائع، كيف تنظرون إلى هذا التصرف؟

للأسف الشديد، الوضع في الإقليم غير سوي وقد شابته العديد من القضايا إن كان في التكتلات أو المشاكل التي أنشئت داخل كل قطر بما سمي بالربيع العربي وما تخلله من عملية تدمير ممنهج للأقطار الوطنية، وصولا إلى ترتيب الإقليم بما يتلاءم مع المشروع الأمريكي الإسرائيلي، الذي بدأ من صفقة القرن واستكمل في اتفاقيات ابراهام، والآن يتواصل بالعمل العسكري الذي تقوم به دولة الاحتلال.

البعض يعتقد أن ما يحدث الآن هو رد فعل على 7 أكتوبر وينسى أن الشعب الفلسطيني يعاني منذ 74 عاما من حرب طويلة الأمد، وتعددت المعارك والحروب ضد الشعب الفلسطيني في مشروع ثوراتي إسرائيلي يهدف، حسب المقولة التي يتشدقون بها زورا، "إلى أرض بلا شعب لشعب بلا أرض".

وفي الإقليم نرى أن هناك دولا ارتبطت مصالحها بالغرب، البعض منها أقام اتفاقية سلام والبعض قام بالتطبيع والبعض يتماهى مع مشروع ابراهام. نحن نحترم القرارات السيادية لكل قطر (الفلسطينيون أخذوا قرارا بعدم التدخل في شؤون الآخرين) ولكن الوضع وصل إلى إبادة الشعب الفلسطيني في وقت يستمر النظام العربي الرسمي في الصمت أو التماهي مع طلبات الاحتلال، فبعض المسائل التي تجرى تحت الستار يتم فيها مد الاحتلال بالبترول وللأسف الكثير من القضايا .

 

وماذا عن مواقف الجزائر، خاصة في مجلس الأمن؟

منذ أن تبوأت الجزائر مقعدها غير الدائم في مجلس الأمن هناك جهود بالتنسيق مع دول أخرى لتقديم مشاريع نحو تعديل طريقة عمل مجلس الأمن واتخاذ القرارات. الجزائر تلعب اليوم دورا محوريا وأساسيا على كافة المستويات، إن كان بمجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، كذلك على صعيد محكمة العدل الدولية والقضايا المرفوعة ضد الكيان الإسرائيلي.

هذا التحرك الذي تقوم به الجزائر اليوم نأمل أن تكون له نجاحات وتراكم إنجازات بما يؤدي فعلا لأن يكون السلم والأمن الدولي هو العنوان الأساسي للتحركات. ونراهن كفلسطينيين على دور الجزائر في دعم القضية الفلسطينية وكل القضايا العادلة، ونأمل أن تحقق نجاحات بالشراكة مع الدول المتحررة من السيطرة الأمريكية، خاصة في ظل بروز انحياز في الشارع العالمي نحو القضايا التي تحملها الجزائر في الهيئات الدولية.

 

في ظل التطورات الأخيرة، ما مصير جهود المصالحة الفلسطينية التي رعتها الجزائر؟

ورقة لم الشمل الموقعة في الجزائر مازالت ضرورية، خاصة في ظل هذا الظرف، ولسان حال الجميع هو الالتفاف حولها، فرغم التباينات لا نريد أن نقع في تجربة مريرة كما وقع في 1948.

نحن معنيون في جبهة النضال الشعبي بالجهود المخلصة للتعاون مع الجزائر وغير الجزائر لاستكمال الوحدة الوطنية، لأنه دونها لا نستطيع تحمل ومواجهة تداعيات ما يجري الآن. ورغم العلاقات التي تربط بعض الفصائل مع دول أجنبية، إلا أن العقل الفلسطيني هو الذي يجب أن يسود مع احترامنا لكل الحلفاء والأصدقاء. ونحن في جبهة النضال الشعبي الفلسطيني معنيون دوما بمد الجسور نحو التوحد حول هدف واحد وهو كيان فلسطيني واحد يمكننا من الوقوف معا في وجه التحديات المشتركة.

 

كلمات دلالية: