من عانى حقا من "الهولوكوست" لا يتفنن في ممارسته

38serv

+ -

أظهر استطلاع أجراه "المعهد الإسرائيلي للديمقراطية" أن 68 بالمائة من اليهود الإسرائيليين يعارضون مرور المساعدات الإنسانية إلى غزة. ولم يكتف هؤلاء بذلك، بل يقومون باعتراض، جسديا، الشاحنات التي تنقل هذه المساعدات ومنعها من الدخول إلى الشعب الفلسطيني. فهل بمقدور من عانى من "الهولوكوست" واستعطف العالم وتغذى على مظلوميته أن يتفنن في ممارسة مثل هذه السياسة اللاإنسانية البشعة؟

تراجع عدد شاحنات المساعدات إلى غزة في شهر فيفري الفارط من 150 إلى 99 شاحنة يوميا، وهو عدد ليس رمزيا فحسب بل أقل بكثير مما كان محددا (500 شاحنة يوميا). وسبب ذلك ليس نقص المساعدات الخارجية وإنما مخطط الكيان المحتل الذي سعى من وراء ممارسة سياسة "التجويع" لتحقيق هدف "التهجير القسري" وإفراغ غزة من سكانها، مثلما كشفها صراحة الوزير اليميني المتطرف، بن غفير، وهو التحريض الذي نفذه غلاة المستوطنين بدعم من جيش الاحتلال، باعتراض شاحنات المساعدات ومنعها من الوصول إلى غزة.

عرقلة المساعدات الإنسانية يعتبر "جريمة حرب"، بموجب القانون الدولي، لكن عوض التصدي لهذه السياسة الممارسة من قبل الكيان المحتل وفرض الالتزامات القانونية وفي ظل الافتقار إلى الشجاعة السياسية، يراد تصوير إغاثة سكان غزة، عن طريق الجو الذي يتم الترويج له من طرف الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا، بأنه الحل الأمثل والبديل الوحيد، وهو ليس في الحقيقة سوى مواصلة الدعم "اللامشروط" حتى بعدما حذر قرار محكمة العدل الدولية من حدوث "الإبادة" في غزة. يحدث هذا في وقت شهد البروفيسور روني سترير، رئيس مجلس الأمن الغذائي في إسرائيل، حول الأزمة الإنسانية في قطاع غزة: "سنعتبر لاحقا مسؤولين عن واحدة من أكبر الكوارث الإنسانية في الشرق الأوسط".

الأرقام المعلنة عن الوفيات في صفوف الأطفال في غزة بسبب الجوع والتي قالت الأمم المتحدة إنها وصلت حدودا سيئة جدا، رغم أنه لم يكشف سوى عن النزر القليل منها جراء استمرار الحصار والقصف الذي يمارسه طيران الكيان المحتل حتى ضد شاحنات المساعدات الإغاثية والمجزرة التي وقعت بسبب "الطحين" في منطقة النابلسي، حيث يتهافت الغرب سياسيا وإعلاميا لطمس معالمها وصورها، لأنها فضيحة إنسانية غير مسبوقة في التاريخ لم تمارسها حتى النازية، لم تحرك مواقف دول "الدعم اللامشروط" للكيان المحتل.

أمام هذه الازدواجية حتى في القضايا الإنسانية تساءل النائب الفرنسي توماس بارتي: "في أقل من شهرين، تم فرض 11 ألف عقوبة على روسيا. أين العقوبات على الحكومة الإسرائيلية؟ أين العقوبات على الفرنسيين الإسرائيليين المتواجدين إلى جانب الجيش الإسرائيلي؟ لن نقبل أبدا أن نكون متواطئين في الإبادة الجماعية في غزة"، وفي ذلك أكثر من دعوة إلى أنه لم يعد أمام محكمة العدل الدولية في قراراتها تثبيت جريمة أكبر إبادة في القرن الـ21 في غزة وإنما إدانة الدولة المشاركة والمتواطئة في حدوثها ولا شيء غير ذلك.

 

كلمات دلالية: