قام وفد من أهالي ضحايا العدوان الصهيوني على قطاع غزة بزيارة لمقر الأمم المتحدة في نيويورك، اليوم الخميس، لعرض مآسيهم أمام الأمين العام للأمم المتحدة والسفراء والصحافة المعتمدة.
والتقى الوفد، الذي رتبت لقدومه بعثة فلسطين لدى المنظمة، بالأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، والذي استمع إلى معاناتهم وما جرى لأهاليهم في غزة. وقد صرح الأمين العام بعد اللقاء قائلا: "لقد تأثرت كثيرا بما سمعته من قصص مريعة من أعضاء وفد أهالي الضحايا الذين سقطوا بسبب الحرب في غزة. بعضهم فقد أكثر من 100 شخص من الأقارب. هذا الرعب يجب أن يتوقف الآن. وقف النار الإنساني لا يحتمل الانتظار".
وبترتيب من السفير الجزائري، عمار بن جامع، العضو في مجلس الأمن، قام الوفد الفلسطيني بلقاء مع أعضاء المجلس الخمسة عشر، إذ حضروا الاجتماع غير الرسمي على مستوى السفراء في مقر الأمم المتحدة، واستمع الحضور إلى شهادات من أعضاء الوفد حول همجية قوات الاحتلال الصهيوني وجرائمه الفظيعة التي ارتكبها وما يزال يرتكبها ضد المدنيين العزل بقطاع غزة.
وعقب اللقاء مع أفراد عائلات الضحايا، عبر العديد من ممثلي أعضاء مجلس الأمن، وفي تجرد من ثقل وظائفهم الدبلوماسية، عن تعاطفهم مع المآسي والفظائع التي تعرض لها الفلسطينيون. بل وأكد السفير الفلسطيني رياض منصور، أن بعض السفراء شوهدوا والدموع تتدفق من عيونهم. كما أعربوا عن عميق امتنانهم للسفير عمار بن جامع على هذه المبادرة الحسنة التي مكنتهم من سماع قصص ما كانوا ليطلعوا على تفاصيلها لولا هذا لقاء.
كما جدد كافة المتدخلين عزمهم على مضاعفة الجهود للتوصل إلى حل نهائي يضمن حقوق الفلسطينيين في الأمن والعيش بسلام في ظل دولتهم الحرة المستقلة.
والتقى الوفد بعد لقاء الأمين العام وأعضاء مجلس الأمن سفراء المجموعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ثم التقوا بالصحافة المعتمدة ثم أمام مجلس الأمن للإجابة على أسئلة الصحافيين.
تحدثت سهام بسيسو ابنة التسعة عشر ربيعا والطالبة في السنة الثالثة بكلية طب الأسنان، للصحافة، قائلة إنها انتقلت إلى بيت جدتها في شمال غزة. وفي اليوم 65 من الحرب أصيب بيتها فاستشهد على الفور شقيقها أحمد (16 عاما). وأضافت "أخي حمود أصيب بحروق بالغة استشهد بعد أربعة أيام لأن العائلة لم تستطع أن تقدم له أي علاج أو مرهم ضد الحروق فدفنته العائلة مع أحمد في حديقة البيت". أما أختها سارة والتي كانت على وشك إنهاء دراستها الثانوية، وكانت تأمل أن تدرس الطب وتصبح طبيبة، أصيب 70 في المائة من جسدها بحروق بالغة، "تمكنا قبل شهر فقط أن نخرج بعد أن عانت سارة أكثر من شهرين من الحروق. وهي الآن تعالج في مستشفى بحيّ ستيتن آيلاند بمدينة نيويورك". إلا أن فريق الأطباء لم يستطع معالجة الطفلة سارة حيث اضطروا إلى بتر أربعة من أصابعها لأن خروجها من جحيم غزة جاء متأخرا جدا.
آدم أبو شريعة مهندس وصيدلاني من غزة، قال إنه في يوم 22 نوفمبر، "أصيب أحد بيوت العائلة وكان يقطنه 22 شخصا. بعضهم نجا من الموت. وبعضهم استشهد فورا. ذهب أخي للبيت لمساعدة الضحايا وانتشال الجثث، فقام الجيش الصهيوني بقصف البيت مرة ثانية فقتل أخي على الفور. واستمروا بقصف الحارة كلها حيث تعيش عائلة أبو شريعة في منطقة متقاربة. عشرة بيوت من بيوت العائلة تم تدميرها، وآخر البيوت كان فيه 90 شخصا تجمعوا فيه بعد تدمير البيوت الأخرى، وتمت إبادة الجميع".
وتابع: "والدي عمره 83 سنة وأمي 75 سنة وأخي 34 سنة، ترك زوجته وأربعة أطفال (11، 10، 7 و1.5 سنة). لقد نجوا بأعجوبة. كل الباقين قتلوا، أمي وأبي و90 شخصا ما زالوا تحت الأنقاض. سمعناهم يستنجدون بنا ولم يتمكن أحد من مساعدتهم إلى أن قضوا جميعا. ثلاثة من إخوتي يعيشون في الخيام في جنوب القطاع. لكن جزءا من العائلة ما زال في الشمال. لا يجدون ماء أو غذاء أو مأوى. كل ما يريدونه قطعة من الخبز. لا فواكه ولا خضروات. لقد دمرت حياتنا وأطلب منكم جميعا أن تعملوا أكثر لوقف الحرب".
فيفي سابا، تم تهجير عائلتها من حي الرمال، هُدم البيت بالكامل. لجأت إلى الكنيسة ثم قصفت الكنيسة يوم 19 أكتوبر وارتقى 22 شخصا داخل الكنيسة. "كنت أراقب الجزيرة عندما رأيت ابنة عمي فرجينيا جريحة والدم يلطخ وجهها. ورأيت سناء ابنة عمي وأطفالها. بعد ساعات تمكنت من الاتصال بأهلي فوجدت أن خمسة منهم جرحوا وخمسة قتلهم القصف. انتقلت عائلتي إلى كنيسة "العائلة المقدسة" وهي كنيسة كاثوليكية في حي الزيتون. تمت مهاجمة الكنيسة في ديسمبر وكان فيها 350 شخصا. في ليلة عيد الميلاد قتل قناص صهيوني سيدتين كانتا في طريقهما لاستخدام الحمام. أختي كانت ترسل لي رسائل تقول إن الوضع خطير. نمنا على الأرض خوفا من القناصين. كل شخص في غزة تأثر بما يجري. أنا شخصيا لم أعد قادرا على العمل أو النشاط إلا الحديث عما يجري لأهلنا من نساء وأطفال في قطاع غزة".
الدكتورة رولا الفرا تعيش في تكساس وعائلتها الممتدة في غزة قد فقدت أكثر من 100 شخص. قصف منزل عائلتها الذي راح ضحيته قريباها عزيز وحاتم، طفلان لم يتجاوزا الخامسة عشرة، إضافة لأحد عشر فردا آخرين من أفراد عائلتها في حين نجا حمزة من القصف، لينقل إلى المستشفى. هناك عاش ألما لا يطاق لمدة أسبوع قبل أن يرتقي هو الآخر شهيدا متأثرا بجروحه في ظل غياب الدواء والمعدات الطبية اللازمة لعلاجه".