هل بمقدور قضاة العدل الدولية العيش أسبوعا في غزة؟

+ -

لو فرضنا أن قضاة محكمة العدل الدولية الذين ما زالوا يترددون في تثبيت حكم "الإبادة" على الكيان المحتل، طلب منهم المكوث في غزة لمدة أسبوع، وليس 5 أشهر تحت القصف الجوي والبري والبحري والجوع والحصار، هل بمقدور هؤلاء القضاة البقاء أحياء طول هذه الفترة ولا توجد هناك منطقة آمنة لمليوني نازح؟.

تكفي مجزرة "الطحين" وحدها كدليل متكامل عن حرب "الإبادة" التي ينفذها جيش الاحتلال منذ 5 أشهر بكل أنواع القصف والقنابل، و17 سنة من الحصار والتجويع ضد الفلسطينيين في غزة، حيث تجاوز فيها عدد القتلى الـ112 شهيد وأكثر من 700 مصاب وجريح، وهو رقم ضخم بكل المقاييس العسكرية. ولذلك لا يأخذ عدد الضحايا الفلسطينيين الذي تجاوز الـ30 ألف شهيد منذ 7 أكتوبر الماضي، كل أبعاده الخطيرة لهذه الإبادة التي تمارسها الكيان الإسرائيلي المحتل أمام أنظار قضاة محكمة العدل الدولية وأيضا المدعي العام للجنائية الدولية.

بعملية مقارنة بسيطة، لو قورن عدد سكان غزة بعدد مواطني فرنسا مثلا، لكانت الحصيلة ليس 30 ألف، عدد الضحايا في غزة وإنما 900 ألف ضحية فقط في 5 أشهر، ما يجعل حرب الكيان المحتل ضد غزة، الأكثر دموية والأكثر خسائر والأكثر همجية والأكثر إبادة في تاريخ كل الحروب السابقة التي عرفها العالم. فهل توجد حرب غيب فيها القانون الدولي الإنساني مثل حرب غزة؟ وهل هناك في التاريخ حرب لم يترك فيها للنازحين حق الخروج إلى مناطق آمنة، مثلما هي منعدمة في غزة، حيث يمارس حصار غير مسبوق في تاريخ البشرية إلى درجة موت المدنيين بالجوع، خصوصا وسط الأطفال والنساء الذين كانوا الهدف الأول في بنك الأهداف العسكرية لجيش الاحتلال.

في أي حرب سابقة تم إطلاق ما يفوق ضعفين حجم القنبلة النووية من القنابل بما فيها المحرمة دوليا على منطقة لا يتعدى حجمها بضع كيلومترات وبها أعلى كثافة سكانية في العالم وهي غزة، ولم يترك فيها للمصابين والمتضررين وعددهم بالآلاف، حتى الحق في الدواء والعلاج بعد استهداف الكيان المحتل لكل المستشفيات والمدارس والبنى التحتية، وهو ما يجرنا إلى السؤال: هل تم احترام أي بند من بنود القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني في كل ما يجري في غزة؟.

الرئيس البرازيلي، لولا داسيلفا، من وراء البحر الأطلسي، قال بأن ما يجري في غزة إبادة وليست حربا، والرئيس السلفادوري ذكر بأن ألمانيا والغرب شريكة في هذه الإبادة، والرئيس البوليفي أكد نفس الشهادة وجنوب إفريقيا وثقت بالدليل القطاع كل ذلك، ومع ذلك العالم يتفرج ومعهم قضاة أعلى محكمة في العالم الذين أضحت تطرح بشأنهم، مع كل مجزرة جديدة في غزة، ومع كل ضحية بالجوع، ألف علامة استفهام هل العاصمة لاهاي، حيث مقر محكمة العدل الدولية وأيضا الجنائية الدولية نوافذها أقرب فقط إلى روسيا منها إلى غزة، حيث كانت السرعة الفائقة مع الأولى وخطوة السلحفاة مع الثانية. لقد أضحى السكوت ليس تواطئا فحسب بل شريكا في الإبادة، وسيلاحق التاريخ كل هؤلاء المتنكرين بأقنعة الحرية والديمقراطية.

 

كلمات دلالية: