على بعد أيام قليلة من إتمام العدوان الصهيوني على غزة، الشهر الخامس على التوالي، ما تزال آلة القتل والتدمير الإسرائيلية، تستبيح كل ما يرمز إلى الحياة في القطاع الجريح، ليتجاوز عدد الشهداء عتبة الثلاثين ألفا، بينما تجاوزت حصيلة الجرحى 71 ألف مصاب، لا مكان له لتلقي لعلاج في قطاع صحي بلغ النزع الأخير، بينما يموت الأطفال جوعا، في ظل استمرار عدوان همجي، يرتكب عشرات المجازر يوميا، على مرآى ومسمع العالم.
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 30 ألفا و320 شهيدا و71 ألفا 533 جريحا منذ بداية العدوان الإسرائيلي على القطاع في أكتوبر الماضي. وقالت الوزارة إن الاحتلال ارتكب 10 مجازر في القطاع راح ضحيتها 92 شهيدا و156 مصابا خلال 24 ساعة، علما أن عددا من الضحايا، ما زالوا عالقين تحت الركام وفي الطرقات، حيث يمنع الاحتلال الإسرائيلي طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.
وقالت التقارير الإعلامية، إن عدد وفيات الأطفال في مستشفى كمال عدوان، ارتفع إلى 13 بسبب سوء التغذية ونقص الدواء، وكان مدير المستشفى أعلن عن وفاة 7 أطفال يوم الجمعة، مشيرا إلى أن الأطفال يواجهون جفافا متقدما وسوء تغذية في ظل خروج المستشفى عن الخدمة، في حين تم انتشال جثمان شهيد من دوار النابلسي في مدينة غزة، مما يرفع عدد شهداء مجزرة الطحين التي وقعت أول يوم الخميس، إلى 116 شهيدا.
ومن جراء القصف الصهيوني المتواصل على غزة، استشهد 20 غزاويا، وأصيب 16 آخرين خلال استهداف منزل غرب مخيم جباليا، فيما استشهد 3 أشخاص في بيت حانون شمالي القطاع في قصف إسرائيلي على مجموعة من الفلسطينيين كانوا يبحثون عن الطعام في أراض زراعية، كما شيّع أهالي مدينة دير البلح وسط القطاع، جثامين 15 شهيدا من مستشفى شهداء الأقصى بعدما شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غارات عنيفة، مساء أول أمس وفجر أمس، على منازل مواطنين في دير البلح.
وذكرت مصادر إعلامية، أن عددا من الفلسطينيين أصيبوا في غارة إسرائيلية على سيارة بمخيم الشابورة وسط مدينة رفح جنوب قطاع غزة، فيما ذكرت مصادر طبية فلسطينية، أن طفلا استشهد وأصيب عدد من المواطنين الفلسطينيين في غارة إسرائيلية استهدفت منزلا في مخيم يبنا برفح جنوبي قطاع غزة.
وقد أذهل المحتل الصهيوني العالم بمستوى الوحشية والهمجية التي يمارس بها عدوانه على غزة، حيث قال مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أمس، إن مستوى الدمار المحيط بمستشفى الشفاء في غزة التي تتعرض لحرب إسرائيلية مدمّرة يفوق الوصف. وأوضح في منشور عبر منصة "إكس"، أن منظمة الصحة العالمية وشركائها تمكنوا من الوصول إلى مستشفى الشفاء شمال غزة لإيصال 19 ألف لتر من الوقود بعد أكثر من شهر.
وذكر غيبريسوس أن المنظمة قدّمت العلاج لـ 50 طفلا يعانون سوء التغذية الحاد، والإمدادات الطبية المنقذة للحياة إلى 150 مريضا. وقال إن أكثر من 240 مريضا يتلقون خدمات صحية من قبل عدد كبير من العاملين الصحيين المتطوعين. لافتا إلى أن الخدمات محدودة للغاية بسبب نقص الإمدادات الطبية والوقود والمياه والغذاء. وكانت المنظمة قالت الأسبوع الماضي، إن العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة تسبّب في دمار غير مسبوق يحتاج إصلاحه عقودا من الزمن.
وكانت قوات الاحتلال الإسرائيلي، استهدفت مساء الأربعاء الماضي، عشرات الفلسطينيين أثناء تجمعهم للحصول على مساعدات إنسانية عند دوار النابلسي بشارع الرشيد شمالي قطاع غزة، مما أدى إلى استشهاد 116 فلسطينيا وإصابة نحو 800 آخرين في مجزرة أصبحت تعرف باسم "مجزرة الطحين".
وقد أعلنت منظمة الصحة العالمية، أول أمس، أن السكان في قطاع غزة يخاطرون بحياتهم من أجل الحصول على الغذاء والماء وغيرهما من الضروريات، في ظل ما وصلت إليه الأوضاع من جوع ويأس وسط استمرار الهجوم الإسرائيلي. وقال المتحدث باسم المنظمة، كريستيان ليندماير، للصحافيين في جنيف، إن "النظام في غزة على شفير الانهيار، بل أكثر من ذلك، حيث انقطعت جميع شرايين الحياة في غزة بشكل أو بآخر".
وأضاف المتحدث أن استمرار العدوان الصهيوني على القطاع، خلق "وضعاً مأساويا" كما حدث، أمس يوم الخميس عندما قتل أكثر من 100 شخص بينما كانوا يسعون للحصول على مساعدات إنسانية عند مفترق النابلسي في غرب مدينة غزة بشمال القطاع. مشددا على أن "الناس في حاجة ماسة للغذاء والمياه النظيفة ولأي إمدادات، لدرجة أنهم يخاطرون بحياتهم للحصول على أي طعام أو أي إمدادات لدعم أطفالهم وإعالة أنفسهم". وختم قائلا إن "إمدادات الغذاء متوقفة عمدا، دعونا لا ننسى ذلك".
ويذكر أنه بينما تصل مساعدات إلى المناطق الجنوبية من قطاع غزة، وبشكل بطيئ للغاية لدرجة أنها قد لا تكون كافية لتجنّب أزمة الجوع هناك، فإنها لا تكاد تصل أي مساعدات إلى المناطق الشمالية البعيدة عن المعبر الحدودي الرئيسي ولا يمكن الوصول إليها إلا من خلال جبهات قتال أكثر احتداما.
وكان مسؤول كبير في مجال المساعدات بالأمم المتحدة، قال لمجلس الأمن الدولي، يوم الثلاثاء، إن ربع سكان غزة على بعد خطوة واحدة من المجاعة. وأردف أن حدوث مجاعة واسعة النطاق قد تكون "أمرا شبه حتمي" ما لم يكن هناك تحرك.