الموقف الأمريكي.. بين مثلجات بايدن وانتحار الطيار الأمريكي حرقا

+ -

ما أحدثه العدوان الصهيوني على غزة وارتكابه أكبر مجزرة في التاريخ الحديث، من تأثيرات وتغييرات على الكثير من الموازين وتغيير الكثير من القناعات والمواقف، كان كبيرا وكبيرا جدا، تعدى أثره المنطقة ليصل إلى مختلف أصقاع العالم وبدول ومنظومات حكم الدول التي عرفت بدعمها الأعمى للاحتلال والتغطية بكل الوسائل على جرائمه.

أظهرت الإدارة الأمريكية جديد الوجه الأسود من صانع القرار الأمريكي والتي لم تكتف فقط بدعم الطرح الصهيوني والتبرير لعدوانه البربري، بل تعداه للمشاركة والانخراط بالسلاح والذخيرة والأفراد.

ولم يظهر المسؤولون الأمريكيون أي مشاعر تجاه الضحايا المدنيين خاصة الرضع والأطفال والنساء والشيوخ الذين يمثلون غالبية عدد الشهداء الذي ناهز عددهم 30 ألف على مدار خمسة أشهر، ولعل مشهد الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي سيدفع ثمن موقفه من الحرب على غزة واصطفافه مع الاحتلال الصهيوني بالولاية الرئاسية الثانية التي يطمح لخوضها، وهو يجيب عن سؤال حول موعد إطلاق النار لدخول الهدنة التي يتم التفاوض حولها، حيز النفاذ، متلذذا بطعم المثلجات، حيث بادر بالإجابة على أسئلة الصحفيين ثم واصل التهام المثلجات دون أن يعطي انطباعا بأنه يتحدث عن حرب يقتل فيه مئات الأبرياء يوميا وتقع على عاتقه مسؤولية مقتل كل هذا العدد المهول من المدنيين، وأكثر من ذلك عارض لثلاث مرات وقفها بعد أن أحبط مشاريع قرارات على مستوى مجلس الأمن الذي بادرت به الجزائر باستخدام حق الفيتو.

عدم اكتراث المسؤولين الأمريكيين الحاليين من أصحاب القرار أو حتى السابقين بموت الآلاف من الفلسطينيين، ليس بالغريب ولا بالجديد، لأنه أمام مصلحة الولايات المتحدة الإستراتيجية ومصلحة حليفها الكيان الصهيوني كل القيم والاعتبارات تسقط، فقد نشرت صورا لوزير الخارجية الأمريكي السابق في إدارة ترامب، مايك بومبيو، وهو يرقص مع جنود صهاينة على الحدود مع غزة، كما صرحت هيلاري كلينتون، وزيرة خارجية الولايات المتحدة في عهد أوباما، قائلة بأنها غير مصدومة من ارتفاع عدد الضحايا الفلسطينيين، ودافعت عما وصفته بحث "إسرائيل" عن الدفاع عن نفسها وأضافت بأنه "علينا أيضًا أن نتوقع من إسرائيل أن تفعل كل شيء...".

لكن الولايات المتحدة ليست فقط بايدن أو بومبيو أو ترامب أو هيلاري كلينتون، لكن هناك بقع ضوء كثيرة في سماء الولايات المتحدة، ومساحتها تزداد توسعا ووهجا، وهو ما تجسد في المظاهرات الواسعة التي شهدتها المدن الأمريكية بما فيها العاصمة واشنطن التي نظم بها عدة مظاهرات مليونية، كما أقدم مسؤولون بارزون في الخارجية الأمريكية على الاستقالة من مناصبهم احتجاجا على الانحياز لإسرائيل.

الإحباط الداخلي من الموقف الرسمي الأمريكي دفع الطيار الأمريكي، آرون بوشنل، البالغ من العمر 25 عاماً، الذي توفي بعد أن أشعل النار في جسده أمام مبنى سفارة الكيان احتجاجا على الحرب على غزة، وكان قد قال في بث مباشر قبل أن يقدم على خطوته "لن أكون متواطئاً في الإبادة الجماعية بعد الآن"، في إشارة لدعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها على غزة.

وأضاف أن ما يعتزم القيام به "هو الحد الأدنى الواجب مقارنة بما يعانيه الفلسطينيون على يد المستعمر"، ثم وضع جهاز التسجيل على الأرض، وغمر نفسه بسائل سريع الاشتعال، لتندلع النار في جسده وهو يصرخ "فلسطين حرة".

 

كلمات دلالية: