صرخة المرأة المسلمة في مدينة عمورية مستنجدة بالخليفة العباسي المعتصم ابن هارون الرشيد، حركت تسعين ألف مقاتل من بغداد إلى مدينة عمورية التي تقع في تركيا لنجدتها ونجدة ألف امرأة تم أسرهن على يد الجيش البيزنطي.
انتصر المعتصم لأعراض المسلمات بينما لم ينتصر قادة العرب والمسلمين لأعراض نساء غزة وفلسطين، حيث إن تقرير صندوق الأمم المتحدة للسكان أعرب بالأمس عن شعوره بالفزع بسبب تقارير عن قيام الجيش الصهيوني باعتقال الفتيات في غزة وتجريدهن من ملابسهن واغتصابهن ثم القيام بقتلهن. لماذا أصبح العرب والمسلمون أهون على الدول الأخرى من الحيوانات والحشرات التي تمتلك حقوقا لا يمتلكها الإنسان العربي؟ لقد فعلنا هذا بأنفسنا وبشعوبنا، حيث إن معظم حكامنا لا يمتلكون شرعية ووصلوا إلى الحكم بالقوة على جثث آلاف الأبرياء.
أنظر إلى الشعب السوري الذي شرد وهجر من أرضه وقتل من طرف من كان يفترض أن يحميه من العدوان الخارجي، وعلى يد الميليشيات المتأسلمة المسماة "داعش" وغيرها، حيث قتل الأبرياء واغتصبت النساء وشرد الأطفال وباتوا يهيمون على وجوههم في العالم العربي والغرب لاجئين ومشردين. ألسنا نحن من يشرد النساء والأطفال ويروعهم حاليا في دارفور على يد الميلشيات المسلحة التي كانت بالأمس تسمى الجنجويد واليوم تسمى قوات الدعم السريع. ألسنا نحن من قام بالحرب الأهلية في لبنان والطائفية في العراق بعد سقوط النظام العراقي في عام 2003 التي حصدت آلاف الأبرياء من المدنيين نساء ورجالا وأطفالا.
ألسنا نحن من أغلق حدود غزة في رفح وأغرق الأنفاق كي لا تدخل كسرة خبز أو شربة ماء إلى محاصري غزة ونتاجر في معاناتهم فنسمح لمن يدفع بالخروج من غزة ومن لا يدفع يترك ليموت تحت القصف. وإذا انطلقنا إلى نطاق أكبر وخارج العالم العربي نرى أننا جلسنا عاجزين عن نصرة شعب البوسنة المسلم عندما تم ذبحه على يد الصرب.
كما أننا لم نتحرك لنصرة الشعب المسلم المسمى الروهينجيا عندما تم ذبحه وتشريده على يد الجيش البوذي في ماينمار أو بورما سابقا. ألسنا نحن من نبني للهندوس معابد في بلادنا في الوقت الذي يهدمون فيه مساجدنا في الهند ويبنون مكانها معابدهم؟ الخلل فينا وفي معظم قادتنا الذين تحالفوا مع أعداء العرب والمسلمين ظنا منهم بأن الغرب والصهاينة والهندوس وغيرهم هم الضامن لبقائهم في سدة الحكم، ضاربين بشعوبهم ومواطنيهم عرض الحائط.
فليكن معلوما أن شرعية الحاكم تأتي من شعبه وأن الشعب عندما يحب حاكمه ويعلم أنه يعمل من أجله ومن أجل رفاهيته فسيلتف حوله وينصره وينتصر لوطنه حبا وليس بسبب الإكراه والإرغام. سند الحاكم شعبه وهو العمود الفقري الذي يستند إليه فإذا أخلص الحاكم للشعب فإن الشعب يخلص للحاكم وهي سنة الله في الوجود. إذا تماسك البيت في الداخل فلن تستطيع أي قوة خارجية أن تفت في عضده وإذا خرب البيت في الداخل فلن تحميه جيوش الأرض جميعها.
* أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت