توالت ردود الفعل الدولية، المستنكرة لاستخدام الولايات المتحدة حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، أمام مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر ودعت فيه لوقف إطلاق نار "فوري" في قطاع غزة، ما حال دون تمريره.
وأعقب الاجتماع الجديد لمجلس الأمن حول القضية الفلسطينية، بنيويورك، تصويت الدول الأعضاء على مشروع القرار الذي تقدمت به الجزائر، حيث صوتت 13 دولة لصالحه وامتنعت دولة واحدة، فيما استعلمت واشنطن حق النقض للمرة الثالثة منذ بدء العدوان على غزة.
وفي هذا الصدد، أعرب الممثل الدائم للجزائر لدى منظمة الأمم المتحدة عمار بن جامع، عن أسفه "لفشل المجلس مرة أخرى في أن يرتقي إلى مستوى نداءات الشعوب وتطلعاتها"، مؤكدا أن الجزائر "لن تتوقف حتى يتحمل هذا المجلس كامل مسؤولياته ويدعو لوقف إطلاق النار".
وأوضح بن جامع قائلا: "لقد كان مشروع القرار هذا يحمل رسالة قوية إلى الفلسطينيين، مفادها أن العالم لا يقف صامتا أمام محنتهم، لكن مع الأسف فشل المجلس مرة أخرى في أن يرتقي إلى مستوى نداءات الشعوب وتطلعاتها" وهو "الفشل الذي لا يعفيه من القيام بمسؤولياته ولا يعفي المجموعة الدولية من واجباتها تجاه الشعب الفلسطيني الأعزل ولا يعفي سلطات الاحتلال من واجب تنفيذ التدابير التحفظية لمحكمة العدل الدولية"، مؤكدا في هذا السياق أن "الوقت قد حان لكي يتوقف العدوان ونتمكن من تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء غزة".
وتابع، أن الوضع الحالي يفرض على الجميع، مثلما أكده رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، "العمل على إعلاء مبادئ و مقاصد الأمم المتحدة، وتوفير الحماية اللازمة للشعب الفلسطيني، ووضع حد للظلم التاريخي المسلط عليه".
بدوره، أكد مندوب روسيا لدى الأمم المتحدة، فاسيلي نيبينزيا، أن واشنطن تمضي في منح الكيان الصهيوني "ترخيصا للقتل"، مشددا على أن الجزائر عقدت مناقشات "بحسن نية"، لاعتماد مشروع قرارها، لكن واشنطن تواصل إصرارها على عدم تدخل المجلس في الخطط الأمريكية، كما استخدمت حق النقض ضد مشاريع قرارات مماثلة في الماضي.
ودعا نيبينزيا، أعضاء مجلس الأمن إلى مواجهة الفوضى التي تمارسها واشنطن، لافتا إلى أن "الرأي العام لن يغفر بعد الآن لمجلس الأمن تقاعسه عن التحرك".
من جهتها، أعربت الصين على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة، جانغ جون، عن خيبة أملها وعدم رضاها بشأن نتيجة التصويت، مبرزة أن ما دعا إليه مشروع القرار المقدم من قبل الجزائر نيابة عن مجموعة الدول العربية "قائم على أدنى متطلبات الإنسانية وكان يستحق دعم جميع أعضاء المجلس".
واعتبر جانغ جون، أن "نتيجة التصويت تظهر بشكل جلي أن المشكلة تتمثل في استخدام الولايات المتحدة للفيتو، الذي يحول دون تحقيق إجماع في المجلس"، ومنه، يقول، أن "الفيتو الأمريكي يوجه رسالة خاطئة تدفع الوضع في غزة إلى أوضاع أكثر خطورة".
ومن هذا المنطلق، أكد مندوب الصين أنه "بالنظر إلى الوضع على الأرض، فإن استمرار التجنب السلبي للوقف الفوري لإطلاق النار، لا يختلف عن منح الضوء الأخضر لاستمرار القتل".
من جانبها، عبرت باريس عن أسفها لفشل مجلس الأمن في تمرير مشروع القرار، حيث قال مندوب فرنسا، نيكولاس دي ريفيير، أن بلاده تأسف لعدم اعتماد مشروع قرار الجزائر، لافتا إلى "الحاجة الملحة للغاية للتوصل، دون مزيد من التأخير، إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار يضمن في النهاية حماية جميع المدنيين ودخول المساعدات الطارئة بكميات كبيرة".
وفي ذات السياق، أعربت مندوبة سويسرا لدى الأمم المتحدة، باسكال كريستين بيريسويل، عن أسفها لعدم اعتماد مشروع القرار، مشددة على "مسؤولية مجلس الأمن في حماية مبادئ القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين"، مشيرة في السياق إلى ضرورة حماية المدنيين في غزة وإيصال المساعدات بشكل عاجل دون عوائق للمدنيين حسب اتفاقية جنيف الرابعة.
كما أعربت مندوبة قطر الدائمة لدى مجلس الأمن، عن أسفها لفشل مجلس الأمن في اعتماد مشروع قرار الجزائر والمدعوم من المجموعة من العربية "وتؤيده الأغلبية الساحقة من أعضاء المجلس"، لأنه "مشروع قرار إنساني في مضمونه ويتسق مع القانوني الدولي الإنساني".
ومن الجانب الفلسطيني، وصف مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة، رياض منصور، استخدام واشنطن لحق النقض (الفيتو) بأنه "غير مسؤول".
وأكد منصور، أن الرسالة الموجهة اليوم من واشنطن إلى الاحتلال الصهيوني باستخدام حق النقض، هي "أنه يستطيع الاستمرار في الإفلات من العقاب".
بدورها، أدانت الرئاسة الفلسطينية، استخدام الولايات المتحدة الأميركية مجددا حق النقض "الفيتو" في مجلس الأمن الدولي، معربة عن استغرابها من استمرار الرفض الأميركي لوقف حرب الإبادة التي يشنها الاحتلال على الشعب الفلسطيني واعتبرته تحد لإرادة المجتمع الدولي.
ونددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من جهتها ب "الفيتو" الأمريكي لافتة إلى أنه يمثل تعطيلا للإرادة الدولية خدمة لأجندة الاحتلال الصهيوني وحملت الولايات المتحدة، المسؤولية عن عرقلة مشروع القرار.
يشار إلى أنها المرة الثالثة التي تستعمل فيها واشنطن حق "الفيتو" منذ بدء عدوان الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة، في 7 أكتوبر الماضي، حيث سبق لها أن استعملت حق النقض مرتين قبل الآن، فبينما يسعى العالم إلى إيقاف العدوان الوحشي على قطاع غزة والعمل على التوصل إلى السلام هناك، أحبطت الولايات المتحدة الأمريكية كل الجهود الدولية، عن طريق استخدام حق "الفيتو" ضد قرار مجلس الأمن الذي يدعو إلى "هدنة إنسانية" في غزة، شهري أكتوبر وديسمبر الماضيين.
ويأتي فشل مجلس الأمن في تمرير مشروع قرار الجزائر، رغم دق مختلف الدول والمنظمات والهيئات الحقوقية والإنسانية الدولية ناقوس الخطر، حيث بلغت الحصيلة لعدوان الاحتلال الصهيوني المستمر على قطاع غزة، لليوم ال 137 على التوالي، إلى 29 ألفا و195 شهيدا و69170 جريحا.