"للثورة الجزائرية طعم ولون مختلف بالنسبة للأمة الإيرانية"

+ -

قال الرقم واحد في جريدة "اطلاعات"، المؤسسة الإعلامية الرائدة في إيران، السيد عباس صالحي، بأن الثورة الجزائرية المباركة، كانت مصدر إلهام للثورة الإسلامية في إيران، ولا يزال الشعب الايراني يحتفظ في ذاكرته، بعديد الأسماء والشخصيات التي تمثل الثورة والفكر والأدب، في صورة مالك بن نبي، الفيلسوف أركون، جميلة بوباشا،مردفا أنه "في الخمسينيات والسبعينيات، حدثت عدة ثورات في العالم؛ بما في ذلك الثورات الصينية والكوبية والفيتنامية، لكن الثورة الجزائرية كان لها طعم ولون مختلف بالنسبة للأمة الإيرانية".

وواصل عباس صالحي، الوزير السابق، في لقائه مع الوفد الاعلامي الجزائري الذي زار ايران، الاسبوع الماضي: "تعتبر الأعمال العديدة لمؤلفي النضال الجزائري بمثابة نصوص دراسية ونضالية للشعب الإيراني"، وكانت كتب مثل كتاب "أفضل الجهاد" لعمار أوزغان، من بين الكتب التي قرأها الإيرانيون وتعلموا منها قبل الثورة، وأضاف "وفي نفس السنوات أيضًا، تم كتابة ونشر أعمال المقالات والكتب باللغة الفارسية فيما يتعلق بالثورة الجزائرية.. لقد كانت ثورة الشعب الجزائري التي تمكنت من تحقيق الاستقلال بعد 132 عامًا ملهمة جدًا للشعب الإيراني الذي كان هو أيضا يعاني آنذاك".

وتفرع الحديث مع المسؤول الأول على جريدة "اطلاعات" الرائدة، ومع مساعديه من مسؤولي كل المصالح والمديريات والأقسام، إلى عديد النقاط والمحاور، حيث قدم صالحي بالمناسبة تعريف مفصل لهذا الصرح الإعلامي أقدم وسيلة إعلام مكتوبة في إيران، صدر العدد الأول منها عام 1926 ونحن على أعتاب مئوية هذه الجريدة.

وتحدث مضيفنا في قاعة الاجتماعات عن الرهانات والتحديات التي تواجهها الجريدة، ومعها كل وسائل الإعلام في إيران، ولعل أهمها وفي صدارة أولوياتها مواجهة "الحرب السيبريانية والقصف الاعلامي"، الذي تواجهه الجمهورية الايرانية من دول غربية واعلامها، وأيضا كيف تجاوزت الصحافة المكتوبة أزمة الورق العالمية، وهي من المحاور التي كانت "الخبر" طرحتها على الرئيس المدير العام لجريدة "اطلاعات"، وهنا قال علي رضا خاني، الرئيس التنفيذي لمؤسسة"اطلاعات": "نحاول دائمًا أن يكون لدينا احتياطي معقول من الورق، حيث واجهنا الأزمة العالمية من خلال توفير المادة الأولية من الانتاج الوطني"، وأردف علي رضا خاني: "في السنوات الأخيرة أوجدت الصحيفة مكانا لها في الفضاء الافتراضي وأصبح العديد من القراء يتابعون الجريدة الكترونيا، وهي تكبر يوما بعد آخر، وهو التحدي الآخر الذي نعمل على ربحه وتحقيقه". وأضاف الرئيس التنفيذي لمؤسسة "اطلاعات": "الحرب الإعلامية حقيقية والتيار الغربي لديه إعلام قوي يصل صوته إلى كل أنحاء العالم، وفي هذه الحالة، يقول، يجب على وسائل الإعلام في العالم الإسلامي أن تحاول التعبير عن صوتها قدر الإمكان. لقد مكنت التكنولوجيا الجديدة وسائل الإعلام في العالم الإسلامي من التعبير عن صوتها للعالم.. أحد أسباب تنظيم مسيرات مناهضة لإسرائيل في الدول الغربية هو إعلام وسائل الإعلام في العالم الإسلامي".

من جهته وقال محسن حدادي مسؤول تحرير الموقع الإلكتروني لصحيفة "اطلاعات": "منذ بداية العام الحالي بدأ نشاطنا في الشبكات الافتراضية المحلية والأجنبية بالإضافة إلى الموقع الإلكتروني. كان هدفنا الأساسي هو العثور على مكان في الفضاء الافتراضي. اليوم، لدينا ما بين 300 إلى 500 ألف زائر يوميًا على الويب، ومن 100 إلى 150 ألف متابع على شبكات التواصل الاجتماعي"، مضيفا أن العمل جار على تقديم محتوى الجريدة بمختلف اللغات الحية، وفي مقدمتها العربية والانجليزية والفرنسية.

الوزير عباس صالحي: "يجب القضاء على الفجوة التاريخية بين الغرب وشرق العالم الإسلامي"

عادالأستاذ عباس صالحي في معرض كلمته أما الوفد الاعلامي الجزائري، بالحديث عن المسافة بين الشرق الإسلامي والغرب التي اعتبرها بعيدة جغرافيا، وهذا البعد يبدو أن الاختلافات السياسية بين شرق العالم الإسلامي وغربه جعلت غرب العالم الإسلامي أقل شهرة من شرقه، اذ لم يكتب المؤرخون المسلمون الكبار مثل اليعقوبي والطبري إلا القليل عن المغرب الإسلامي، ولعل ابن الأثير وحده هو الاستثناء في هذا الصدد. أما الآن فإن تطور وسائل التكنولوجيا وثورة الاتصالات يمكن أن يقلص هذه الفجوة التاريخية والجغرافية.

قال المتحدث ذاته: محمد أركون، مفكر جزائري معاصر، اشتغل بالإنسانية الإسلامية والعربية مع التركيز على ابن مسكويه. ويتناول في كتاباته أيضًا أبوحيان التوحيدي وأبو الحسن العامري. الشخصيات التي يذكرها أركون هي من الشرق الإسلامي وتحديداً من إيران الجغرافية اليوم. ويشير أركون إلى أن تدفق النزعة الإنسانية والعقلانية اكتسب معنى مع هؤلاء المفكرين، وأردف صالحي "ما يمكن أن يكون مهما من تفاعل إعلامي هو كيفية نقل الحياة الفكرية في الشرق الأوسط وإيران إلى غرب العالم الإسلامي؟ ومن ناحية أخرى، كيف يمكن نقل الأحداث المهمة التي حدثت في المغرب الإسلامي إلى المشرق الإسلامي؟ أما الآن فقد أزيلت المسافات وخلقت فرص جديدة، فيمكن استغلال هذه الفرص للتفاعل الفكري".

وقال عباس صالحي أيضاً: "في مجال التفاعل بين الشرق والغرب يجب أن تكون الجامعات بجوار وسائل الإعلام، وفي هذا التفاعل الثقافي والإعلامي بين الغرب والشرق الإسلامي يجب أن تؤخذ تغييرات الجيل الجديد داخل الحساب. ونظراً لكل هذه الاعتبارات، أكرر طلبي أن يكون حضوركم فرصة للتفاعل الثقافي بين مركز الشرق الإسلامي، أي إيران، ومركز المغرب الإسلامي المؤثر، الجزائر".