38serv
في سنن أبي داود وغيره من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم”، معنى الأجذم: المنقطع الأبتر الخالي من البركة، ومعنى (بسم الله): أبدأ أمري متبركا بها، مستعينا بالله سبحانه وتعالى، مستمدا العون منه، ومتبرئا من حولي وقوتي.
اللسان أخطر أعضاء الإنسان، فقد يكون سببا لأن يرتقي بصاحبه في الجنان، وقد يكون سببا لأن يكب صاحبه في النيران: “إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله لا يلقي لها بالا يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في جهنم”. ومن أرقى أنواع ذكر الله (بسم الله)، فبها تطيب الحياة، وهي أفضل ما قد قيل، وأفضل ما يقال، (بسم الله) افتتح بها المولى سبحانه كتابه العزيز، وحين نزل الوحي على رسول الله كان أول ما سمع هو لفظ يتضمن الأمر بالبسملة: {اقرأ باسم ربك الذي خلق}، (بسم الله) أول ما نطق به نوح عليه السلام عندما ركب سفينة النجاة: {وقال اركبوا فيها بسم الله مجراها ومرساها}، (بسم الله) استهل بها سليمان عليه السلام كتابه إلى بلقيس ملكة سبأ: {إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم}، وبدأ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم رسائله إلى الملوك لدعوتهم إلى الإسلام.
فإذا رأيت من يشكو قلة البركة في رزقه، فقل له: أين أنت من بسم الله؟ وإذا جاءك من يشتكي كثرة المشاكل في بيته فقل له: أين بيتك من بسم الله؟ وإذا جاءك من يشتكي من فساد الذرية وانحراف الأولاد فقل له: أين أنت من بسم الله؟ وكنوز البسملة وثمراتها وفضائلها كثيرة جدا نص عليها الحي، ومن ذلك:
أن من حافظ عليها صباحا ومساء لم يضره شيء: “من قال: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يصبح، ومن قالها حين يصبح ثلاث مرات لم تصبه فجأة بلاء حتى يمسي”. ومن حافظ عليها في بيته تنحى عنه الشيطان: “إذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه، قال الشيطان: لا مبيت لكم ولا عشاء، وإذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان: أدركتم المبيت، فإذا لم يذكر الله عند طعامه قال: أدركتم المبيت والعشاء”. ومن كنوز (بسم الله) أن الشيطان يتصاغر حتى يصير كالذبابة، فقد قال صلى الله عليه وسلم للرجل الذي عثرت دابته: “لا تقل: تعس الشيطان، فإنك إذا قلت: تعس الشيطان، تعاظم وقال: بقوتي صرعته، وإذا قلت: بسم الله، تصاغر حتى يصير مثل الذباب”.
ومن فضائلها أنها ما ذكرت على شيء إلا حلت فيه البركة فيزيد وينمو، تقول أمنا عائشة رضي الله عنها:كان رسول الله يأكل طعاما في ستة من أصحابه، فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال رسول الله: «أما إنه لو سمى لكفاكم”، ومنها أنها ستر ووقاية ما بين أعين الجن وعورات بني آدم: “ستر ما بين أعين الجن وعورات بني آدم إذا دخل أحدهم الخلاء أن يقول: “بسم الله”.
والبسملة فيها شفاء للأبدان، وعلاج للأمراض والأسقام، فقد شكا عثمان بن أبي العاص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعا يجده في جسده، فقال له: “ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: بسم الله ثلاثا، وقل سبع مرات: أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر”.
ولأهميتها، جاءت في أعظم رقية حصلت على الأرض؛ ففي الصحيح أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، اشتكيت؟ فقال: “نعم”، قال: بسم الله أرقيك، من كل شيء يؤذيك، من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك. وأعظم كنوز البسملة أنها مع العبد قبل ولادته وهو نطفة في صلب أبيه حتى يوضع في قبره: “أما إن أحدكم إذا أتى أهله قال: “بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فرزقهم ولدا لم يضره الشيطان”، وتستمر معه في حياته حتى إدخاله القبر: “إذا وضعتم موتاكم في قبورهم فقولوا: بسم الله، وعلى سنة رسول الله”.. والله ولي التوفيق.
*إمام مسجد عمر بن الخطاب، بن غازي، براقي