نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريراً عن علاقة وزير الدفاع الأمريكي السابق جيمس ماتيس مع الإمارات العربية المتحدة، وكيف قدّم جنرال المارينز المتقاعد الخدمات للإمارات ورئيسها الحالي الشيخ محمد بن زايد، وكيف بذل جهده لإخفاء العلاقة عن الرأي العام، إلا أن الصحيفة، التي قدمت ضدها دعوى قانونية بسبب وثائق العلاقة، ربحت الدعوى.
وبدأت العلاقة بعد فترة قصيرة من دخول الإمارات إلى جانب السعودية لقتال الحوثيين في اليمن، عام 2015، حيث اتصل محمد بن زايد، ولي عهد أبو ظبي في حينه، والحاكم الفعلي، ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بصديق قديم له، ماتيس الذي تقاعد من العسكرية، بعد سنوات من الحروب في الشرق الأوسط وأفغانستان. وكان محمد بن زايد يريد النصيحة، بعدما لم تؤدّ الحملة الجوية ضد الحوثيين، وقتلت العديد من المدنيين، إلا القليل من النتائج، وهدّدت بالتحوّل إلى مستنقع.
وبناء على القانون الفدرالي، قدّمَ ماتيس، في جوان 2015، طلباً إلى وزارة الخارجية للسماح له بتقديم النصح لمحمد بن زايد في "المجال التكتيكي والمعلوماتي والأخلاقي" للحرب في اليمن، حسب وثائق لم يكشف عنها في السابق، وحصلت عليها الصحيفة من خلال دعوى قضائية بناءً على قانون حرية المعلومات.
وقد كشفت الوثيقة، التي حصلت عليها "واشنطن بوست"، أن ماتيس سيقوم بمهمة مدفوعة الثمن، ويقدّم النصح بشأن الحرب في اليمن. وحصلت الصحيفة على الوثيقة بعد دعوى ضد قوات المارينز ووزارة الخارجية. وزاد من الأمر تعقيداً مشاركة الولايات المتحدة في الحرب، فقد وافقت إدارة باراك أوباما على دعم جهود التحالف بقيادة السعودية والإمارات وتوفير الوقود للمقاتلات جواً، في وقت زادت فيه مظاهر القلق الأمريكية بشأن تزايد أعداد القتلى بين المدنيين.
ومع ذلك، فقد وافق المسؤولون على مهمة ماتيس الاستشارية سريعاً. وحاولوا إخفاء الدور الاستشاري له في حرب اليمن، وبعدما قدمت الصحيفة دعوى قضائية عام 2021 للحصول على سجلات ماتيس الشخصية، حيث وافقوا بعد عامين ونصف على الكشف عن وثيقة واحدة.
ولم يخفِ ماتيس عمله مع الإمارات عندما عاد في 2017 للعمل كوزير دفاع في إدارة دونالد ترامب، حيث ذكر هذا في استمارات الكشوفات المالية وتاريخ العمل التي قدمت إلى مكتب أخلاقيات الحكومة، ولكنه قدم المعلومات بطريقة سرية للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ، حيث قال عددٌ من نوابه إنهم لم يخبروا بهذا التاريخ، كما لم يذكر الحادثة في مذكراته التي أصدرها في عام 2019.
وعلى مدى مسيرته العسكرية مَدَحَ ماتيس الإمارات لقوتها العسكرية التي تزيد عن حجمها، وهو الذي أطلق عليها "إسبرطة الصغيرة"، عندما كان قائدا لكل الجيوش الأمريكية في الشرق الأوسط.
وهناك تقارير متناقضة حول عمله مع الإمارات، وإن كان مدفوعاً، فالوثائق التي حصلت عليها الصحيفة تشير إلى أن الإمارات ستعوّض ماتيس على خدماته في حرب اليمن، ومبلغ 100,000 دولار كتكريم، لقاء خطاب ألقاه بعد مغادرته إدارة ترامب، إلا أن المتحدث باسمه أكد أن الخدمات المقدمة للإمارات كانت مجانية.
وفي تحقيق أجرته الصحيفة عام 2022، وجد أن الإمارات استعانت بخدمات جنرالات أمريكيين متقاعدين ومنحتهم رواتب تزيد عن تلك التي حصلوا عليها أثناء ارتدائهم الزي العسكري. وذكر ماتيس في ذلك التحقيق والدعوى، بناءً على قانون حرية المعلومات التي أجبرت السلطات الأمريكية على الكشف عن أسماء من قدّموا خدماتهم للإمارات، التي تعتبر الأكبر في العالم استعانةً بخبرات الجنرال المتقاعدين.
وتعود علاقة ماتيس بالإمارات عندما كان ضابطاً صغيراً في الإمارات، وزارها في عام 1979، وتحدث في شريط فيديو بمناسبة 50 عاماً على إنشائها، وتوطدت علاقته مع محمد بن زايد (62 عاماً)، والذي كان ضابطاً في الجيش، ثم تمتّنت العلاقة مع اندلاع الربيع العربي، عام 2011، عندما كان ماتيس قائداً للقيادة المركزية في الشرق الأوسط.
وتشير الصحيفة إلى أن الثورات في العالم العربي دفعت بن زايد إلى بناء عسكري ضخم، وشراء أسلحة من الولايات المتحدة. وتَشاركَ مع ماتيس بالرؤية حول إيران، وأنها الخطر الأكبر على المنطقة.