انتهت العلاقة التي كانت تربط المدرب جمال بلماضي بالاتحادية الجزائرية لكرة القدم بصفة رسمية بعد خمس سنوات ونصف من الارتباط الذي انطلق في أول أوت من سنة 2018 بعقد يمتد إلى نهاية سنة 2022، شهد بعد ذلك ملحقين، الأول بعد أقل من سنة على انطلاقه والثاني قبل شهرين عن نهايته.
وعلى خلاف "التوافق" بين بلماضي و"الفاف" في عهد الرئيسين خير الدين زطشي وجهيد عبد الوهاب زفيزف، حين تعلق الأمر برفع الراتب منتصف سنة 2019 بعد التتويج باللقب القاري وتعديل بعض البنود التي تخدم أكثر المدرب دون الاتحادية، ثم تمديد العقد نهاية 2022 لأربع سنوات أخرى بنفس الراتب والامتيازات وبحماية كاملة للمدرب على حساب الاتحادية، التي ورث الرئيس السابق عمارة شرف الدين جزءا منها بين 2021 و2022 دون أن يتمكن من "تفعيل" بند فسخ العقد رغم الفشل في بلوغ أهم الأهداف وهي المونديال القطري بعد تحوّل "الكوتش" إلى ضحية، فإن العهد الجديد للاتحادية برئاسة وليد صادي أعاد الأمور إلى نصابها، من خلال التعامل مع بلماضي على أنه مدرب سجل ثالث إخفاق على التوالي يستدعي، هذه المرة، جعله "مسؤولا" وليس "ضحية". وأمام تحاشي "الكوتش" العودة إلى طاولة الحوار والتفاوض مع رئيس الاتحادية لترسيم الاتفاق الشفوي بينهما على فك الارتباط بالتراضي، اضطرت الاتحادية إلى عدم انتظار المدرب الذي اعتاد على "الغياب" في العهد السابق مرتكزا على شعبيته التي منحته "صكا على بياض" لفرض "مزاجه" على الاتحادية رغم توالي إخفاقاته، واختارت إعادة "العلاقة الطبيعية" بينها وبين المدرب، بصفتها مسؤولة وبصفته موظفا.
وعقب البيان المنشور قبل أيام على موقع "الفاف" والذي تم الإعلان فيه، لأول مرة منذ 1 أوت 2018، عن "عيوب" المدرب بلماضي وما أكثرها، كشفت الاتحادية عن نهاية العلاقة بين الطرفين، وهو بيان أعقب نشر الرئيس وليد صادي على حسابه الخاص على إكس (تويتر سابقا) عن فك الارتباط بالتراضي قبل العودة من بواكي وما تبعه من بيان "رسمي" على موقع الاتحادية يؤكد ما كتبه صادي، غير أن فك الارتباط بالوثائق لم يتم في نهاية الأمر بسبب مغادرة المدرب جمال بلماضي أرض الوطن دون حضور الاجتماع الثاني الذي كان مقررا مع رئيس "الفاف"، على خلاف مساعديه الذين أقدموا على فك الارتباط منذ اليوم الأول من الاجتماع مع رئيس "الفاف"، مقابل تلقي تعويض بثلاثة رواتب شهرية. وأمام احتمال لجوء جمال بلماضي إلى "الفيفا" وسنده الأساسي بنود عقده الذي أمضاه مع "الفاف" بجواز سفر فرنسي، من أجل الحصول على تعويض مالي قدره 7 ملايين و280 ألف أورو نظير 35 شهرا متبقية على نهاية عقده (العقد ينتهي يوم 31/ 12/2026)، حرص الرئيس وليد صادي على تذكير بلماضي، في مراسلة "فك الارتباط" التي أرسلتها له أمس رسميا وليس قبل ذلك، على أن الأمر يتعلق، من منظور الاتحادية، بـ"استقالة" قبلتها "الفاف" وليس إقالة، كون أحد ملاحق العقد بينهما ينص (وجوبا) على ضرورة الاجتماع من أجل فك الارتباط بالتراضي في حال أراد أحد الطرفين فسخ العقد، بينما غاب بلماضي عن الموعد الثاني المقرر بينه وبين "الفاف" والذي كان محددا الأحد الماضي، ثم غادر أرض الوطن دون إشعار الاتحادية بذلك، بما يتم اعتباره من جانب "الفاف" بمثابة "إخلال من المدرب ببنود العقد وإقرار من طرفه باستقالته".
وبين بنود العقد، أو ملحق العقد الثاني الذي أمضاه بلماضي مع زفيزف ولا يتضمّن ما يحمي مصلحة الاتحادية في حال تسجيل إخفاق كبير مثل الذي حدث في كوت ديفوار، وبين تحاشي المدرب جمال بلماضي الاحتكام لبنود العقد المتعلقة بضرورة التفاوض من أجل فك الارتباط بالتراضي في حال أراد الطرف الآخر فسخه، فإن "المعركة القانونية" على مستوى "الفيفا" ثم على مستوى المحكمة الرياضية الدولية بلوزان (التاس) هي التي ستحسم الصراع بين طرفي التعاقد، وهي حالة فريدة من نوعها، كون الارتباط بين طرفين مقابل أموال خرافية ومزايا كثيرة ثم إخفاقات بالجملة لطرف ودون حماية لطرف آخر، بسبب مسؤول الجمعية السابق، يمكن أن يراه خبراء القانون على مستوى "تاس لوزان" بغير النظرة المحتملة لـ"الفيفا" التي ستفصل، حتما، لصالح المدرب جمال بلماضي، طالما أن الإرث المرير من زفيزف نحو صادي هو عقد دون أهداف، بما يجعل من الوضعية الحالية للرئيس الجديد للاتحادية بمثابة "الهدية المسمومة".
بالمقابل، فإن الاتحادية طوت رسميا صفحة المدرب جمال بلماضي وهي تنتظر موقفه، إما بالعدول عن موقفه المتعنت والعودة من أجل فك الارتباط بالتراضي أو اللجوء إلى الفيفا"، غير أنها، في نفس الوقت، فتحت صفحة جديدة، من خلال إنشاء لجنة قانونية لدراسة سيرة المدربين الذاتية الذين فاق عددهم العشرين مدربا أبدوا اهتماما لخلافة جمال بلماضي على رأس "الخضر".
وإذا كان وليد صادي قد أمهل اللجنة عشرة أيام لتقديم أفضل سيرة ذاتية، فإنه يراهن على "اسم كبير" لتعيينه على رأس المنتخب، طالما أن راتب بلماضي المقدر بـ208 ألف أورو شهريا سيسيل حتما لعاب كبار المدربين على الإطلاق، بما يجعل من إمكانية الاستقرار على هوية المدرب الجديد خلال عشرة أيام أمرا ممكنا جدا، حيث سيكون المدرب الجديد على موعد مع معاينة أولى للاّعبين خلال الدورة الكروية الدولية التي ستجري بالجزائر تحت إشراف "الفيفا" ما بين 18 و26 مارس 2024، وستضم منتخبات الجزائر وجنوب إفريقيا وبوليفيا وأندورا، في انتظار الموعد الرسمي لـ"الخضر" شهر جوان المقبل برسم الجولتين الثالثة والرابعة من تصفيات كأس العالم 2026.