رحل هارتموت إلسينهنس، المفكر الألماني، صديق الجزائر و مولع بثورة التحرير الجزائرية، فما السر وراء ارتباط الباحث الألماني المولود يوم 13 أكتوبر 1941 بمدينة شتوتغارت بثورة التحرير لحد ترك وصية لعزف نشيدنا الوطني " قسما" في مراسيم جنازته؟ .
للأسف ولولا بعض المنشورات على شبكات التواصل الاجتماعي ومساهمة كتبها الجامعي رشيد اوعيسى على صفحات جريدة " الوطن" لمرت وفاته في 18 جانفي 2024 بمدينة ليبزيغ بألمانيا مرور الكرام.
اقترن المسار الأكاديمي لهارتموت بالجزائر وثورتها العظيمة بإقامته بفرنسا و مشاركته في النقاشات حول الثورة وحرب الجزائر في عاصمة الاستعمار.
بعد دراسات عليا بجامعات ألمانية في التاريخ والعلوم السياسية وعلم الاجتماع، باشر مجموعة من الحوارات مع شخصيات مدنية وعسكرية فرنسية حول حرب الجزائر في إطار أطروحة الدكتوراه الضخمة من 908 صفحة، التي أنجزها على الجزائر بعنوان "حرب الجزائر 1954-1962 محاولة عاصمة ليبرالية للتحرر من الاستعمار - Franckreishs Algerienkrieg" و لم يتم ترجمتها للفرنسية إلا بعد 30 سنة.
منجز علمي انتزع إعجاب المؤرخين وعلى رأسهم جيلبير مينيي ( Gilbert Mynier) والذي شبهه بأطروحة " باكستون" حول فرنسا تحت حكم فيشي.
الحوارات المنجزة مع الشخصيات و الفاعلين الفرنسيين حول حرب الجزائر متواجدة في الأرشيف الوطني الجزائري، لتكون تحت تصرف المؤرخين الشباب.
كما قامت دار النشر " القصبة" بنشر جزء منها بعنوان "حرب الجزائر من منظور فاعلين فرنسيين، كدراسات هارتموث إلسينهنس".
كتب المفكر أول مقال علمي حول حرب الجزائر سنة 1968 قبل أن يكتب سلسلة من 200 مقال علمي حول نفس الموضوع و ملهمته الأولى ثورة الجزائر.
واصل الباحث عمله الأكاديمي المختص في العديد من الجامعات بألمانيا و مونتريال و برلين و فرانكفورت و أخيرا ليبزيغ لغاية 1993.
اشتغل منذ بداية 1970 على بلدان العالم الثالث والعلاقات شمال جنوب في بلدان مثل السنغال و مالي وفيتنام و بنغلاديش و الهند.
وكان من بين أكبر المفكرين حول نظريات ما بعد 1945 و خلف وراءه أكثر من 350بطاقة قراءة و ملحوظات محصلة 50سنة من العطاء العلمي.
داوم هيرتموث على زيارة الجزائر والتعامل مع مراكز البحث والهيئات العلمية على غرار مركز (كراسك و كرياد CREAD) و نشر العديد من المقالات العلمية في مجلات نقد وإنسانيات و كراسات كرياد.