عندما تتحول حكومات الغرب للراعي الرسمي لخرق القانون الدولي

+ -

9 حكومات غربية سارعت للإعلان عن قطع الدعم عن وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين، فقط بسبب شبهة غير مؤكدة، بينما لم تتفوه نفس هذه الحكومات ببنت شفة، حول عقد حكومة الكيان مؤتمر "الاستيطان في غزة"، رغم أن الاستيطان يعتبر جريمة حرب في القانون الدولي.

لم تتكتم في خطوتها لإعادة احتلال منطقة غزة، من خلال توسيع سياسة "الاستيطان"، وأقامت حكومة الكيان لذلك حفلا صاخبا بمناسبة "مؤتمر الاستيطان في غزة" في تحد صارخ للشرعية الدولية. ورغم ذلك التزمت الدول الغربية الصمت الكامل إزاء هذه القضية، رغم خطورتها، لكنها في المقابل سارعت إلى قطع الدعم عن وكالة "الأنروا" فقط بسبب شبهة لم يتم تأكيدها لحد الآن.

أيهما أخطر في نظر القانون الدولي، التهجير والاستيطان اللذان يعتبران ضمن جرائم الحرب، أو قضية "الأنروا" التي رغم عدم وجود أدلة، فقد تم توقيف الموظفين المتهمين؟ فلماذا "تدين" 9 حكومات غربية ما حدث في "الأنروا" وتقرر معاقبتها بوقف التمويل عنها، بينما لم يصدر عنها أي رد فعل بشأن "مؤتمر الاستيطان"، رغم أنه مصنف ضمن جرائم الحرب.

تجدر الإشارة هنا إلى أن ميثاق الأمم المتحدة يضع سلسلة طويلة من المحظورات المفروضة على قوة الاحتلال، ومنها يحظر على المحتل توطين سكانه في الأراضي المحتلة. قد تكون الحكومات الغربية الـ9 على غير اطلاع بهذا الميثاق الأممي، ولذلك لم يصدر عنها أي إدانة لما يسمى "مؤتمر الاستيطان في غزة" الذي نظمته أول أمس حكومة الكيان.

لكن لا أظن أنها لم تسمع بـ"معاهدة جنيف الرابعة" التي نظمت فوق الأراضي الأوروبية والتي تدين الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية، حيث تنص المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة: "لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها".

للإشارة، فقد بلغ عدد المستوطنين في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس، نحو 600 ألف مستوطن.

كما تنص المادة 53 من اتفاقية جنيف الرابعة "يحظر على دولة الاحتلال أن تدمر أي ممتلكات خاصة ثابتة أو منقولة تتعلق بأفراد أو جماعات أو بالدولة أو السلطات العامة، أو المنظمات الاجتماعية أو التعاونية"، لكن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعمل على مصادرة وتجريف أراضي الفلسطينيين لصالح بناء المستوطنات والمعسكرات والطرق الالتفافية وبناء جدار الفصل العنصري. إذا لم تكن الحكومات الغربية قد نسيت اتفاقية جنيف، فحتما قرأت عن اتفاقية لاهاي التي سجلت انتهاك سلطات الاحتلال لهذه الاتفاقية، بواسطة سياسة الاستيطان، إذ جاء في المادة 46 من اتفاقية لاهاي/1907: "ينبغي احترام شرف الأسرة وحقوقها وحياة الأشخاص والملكية الخاصة، وكذلك المعتقدات والشعائر الدينية. لا تجوز مصادرة الملكية الخاصة". كما تؤكد المادة 55 من اتفاقية لاهاي "لا تعتبر دولة الاحتلال نفسها سوى مسؤول إداري ومنتفع من المؤسسات والمباني العمومية والغابات والأراضي الزراعية التي تملكها الدولة المعادية والتي توجد في البلد الواقع تحت الاحتلال. وينبغي عليها صيانة باطن هذه الممتلكات وإدارتها وفقاً لقواعد الانتفاع". وبالعكس من ذلك عملت سلطات الاحتلال على بسط سيطرتها ومصادرة الغابات والأراضي الزراعية لمصلحة مشاريعها الاستيطانية، ونهبت مواردها وجعلتها متاحة للمستوطنين.

لكن مثلما رأت الحكومات الـ9 الغربية قضية "الأنروا" وجعلت منها جريمة كبرى، فيفترض أنها تعترف بقرارات مجلس الأمن الدولي المسؤول عن حفظ السلام والأمن الدوليين، التي تنكر وجود أي صفة قانونية للاستيطان الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة، وتطالب بإلغائه وتفكيك المستوطنات بما في ذلك الاستيطان بالقدس، فلماذا لا تعاقب إسرائيل على هذه الانتهاكات وتوقف عنها الدعم، كما فعلت مع وكالة غوث اللاجئين. هل توجد ازدواجية معايير أكثر من هذه، ومن حكومات تدعي رعاية الديمقراطية وحقوق الإنسان والالتزام بالقانون الدولي؟.

 

كلمات دلالية: