في الوقت الذي تتحضر فيه الولايات المتحدة للانتخابات الرئاسية التي ستشهد منافسة محتدمة والتي لم تظهر ملامحها بعد، تزداد الأزمات وتتأزم الأوضاع يوما بعد يوم، فلم تكد أمريكا تفيق من حرب غزة وأوكرانيا وأزمة الديون إلا وجدت نفسها في أزمة جديدة قد تجرها إلى أتون حرب أهلية طاحنة.
فلقد أدى تصاعد الخلاف بين ولاية تكساس التي لديها 40% من إنتاج الطاقة في أمريكا والحكومة الفدرالية، بسبب المهاجرين وإدارة الحدود، إلى تصاعد التخوفات من اندلاع حرب أهلية طاحنة يتبعها انفصال تكساس والتي تحظى بأهمية كبيرة عن الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي الوقت الذي تشتعل فيه المنافسة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة على سيادة البيت الأبيض، تتصاعد بشكل مقلق المخاوف من اندلاع حرب أهلية أمريكية جديدة عقب إرسال قوات من الحرس الوطني إلى ولاية تكساس، في تحدٍ لإدارة الرئيس جو بايدن والقوات الفيدرالية بشأن ملف المهاجرين وهو ما زاد الأمور تعقيدا.
وهنا تكمن الأزمة إذ أن قوات حرس الحدود التابعة للرئيس بايدن، لديها أوامر من المحكمة الدستورية العليا بإزالة الأسلاك الشائكة وتسهيل عملية مرور اللاجئين والمهاجرين من الحدود المكسيكية، أما قوات الحرس الوطني التابعة لولاية تكساس، تمنع المهاجرين من الوصول بوضع أسلاك شائكة لتصعيب وصول المهاجرين والقوات الفيدرالية، وبالتالي هناك قوتان لديهما أوامر متناقضة ستؤدي حتما إلى اشتعال الحرب.
فيما أعربت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية عن مخاوفها من نشر الفوضى والعنف مؤكدة أن استيلاء تكساس على جزء من الحدود الأمريكية يزيد خطر اصطدامها مع الحكومة الفيدرالية.
وترددت خلال الأيام القليلة الماضية أنباء حول تهديدات مسئولي ولاية تكساس بالانفصال عن الولايات المتحدة، واحتمالية تصاعد التوترات بين الحرس الوطني الخاص بالولاية والجيش الأمريكي وهو ما نفاه مسئولون بالولاية واصفين إياها بالمضللة.
وأعرب الحاكم الجمهوري لوكالة تكساس، غريغ أبوت، عن استيائه من قرار المحكمة العليا الصادر يوم الإثنين الماضي بأغلبية 5 أصوات مقابل 4، والذي ألغى أمرًا قضائيا من محكمة الاستئناف وسمح لوكلاء حرس الحدود الفدراليين بإزالة الأسلاك الشائكة التي ركّبها مسئولو تكساس على الحدود تحت إشراف أبوت.
وما زاد الأزمة تعقيدا تعهد حكام جمهوريون من 25 ولاية (نصف الولايات الخمسين) بتقديم دعمهم الكامل لحاكم تكساس والسلطة الدستورية في الولاية للدفاع عن نفسها بما في ذلك وضع أسوار الأسلاك الشائكة لتأمين الحدود ضد ما وصف أبوت بأنه "غزو" المهاجرين لولايته.
وجاءت هذه الخطوة استجابة لدعوة الرئيس السابق دونالد ترامب للولايات التي يقودها الجمهوريون إلى التعاون لمكافحة مشكلة الهجرة غير النظامية على الحدود الجنوبية، وهي قضية قال الجمهوريون إن بايدن يفشل في التعامل معها بشكل صحيح، وهو ما اعتبره البعض محاولات من ترامب لجذب الأنظار وكسب شعبية قبل الانتخابات.
"انفصال تكساس" .. ليست محاولة جديدة
حركة استقلال تكساس ليست جديدة، ففي تسعينيات القرن الماضي، زعمت مجموعة تدعى "جمهورية تكساس" أن الولاية لم يتم قبولها بشكل قانوني في الولايات المتحدة، وبالتالي فهي تشكل أمة خاصة بها يمكنها الاستقلال.
ودخلت الحركة في عام 1997 في مواجهة مع الشرطة، استمرت أسبوعًا بين قوات الأمن وزعيم الحركة الانفصالي ريتشارد ماكلارين، الذي كان قد أخذ زوجين كرهائن في غرب تكساس. يعتقد الرجل، أن ولاية تكساس قد تم ضمها بشكل غير قانوني من قبل الحكومة الفيدرالية. ولا يزال في السجن.
في عام 2005، أنشأ دانييل ميلر، وهو مستشار تقني مقيم في هولندا، حركة تكساس القومية، بهدف تعزيز القضية الانفصالية من خلال وسائل أكثر سلمية.
ومنذ ذلك الحين، أصبح وجهًا للحركة، وجادل بأن ولاية تكساس يجب أن تتحرر من القبضة الخانقة التي تفرضها عليها الحكومة الفيدرالية و"أنصار العولمة الذين نكرههم"، وفقًا لقوله.
ويقول ميلر، إن تكساس هي "أمة بلا دولة"، لا تختلف عن الأكراد، المجموعة العرقية التي موطنها الأصلي سوريا وتركيا والعراق في العصر الحديث والتي سعت لسنوات إلى إقامة دولة مستقلة.
ووفق وسائل إعلام أمريكية، تستمر الحركة في اكتساب المزيد من الزخم وسط تزايد الاستقطاب السياسي وانعدام الثقة في المؤسسات الأمريكية.
وتضم صفحة حركة تكساس القومية على فايسبوك حاليًا 210 آلاف متابع، كما أن قائمة طويلة من شخصيات الحزب الجمهوري في تكساس يؤيدون الحركة.