38serv
بإمكانيات شبه معدومة، كان منتخب الجزائر لكرة اليد قاب قوسين أو أدنى من خطف التاج الإفريقي ضد المستضيف للدورة منتخب "الفراعنة"، لولا جزئيات بسيطة أرادت غير ذلك. لم يكن أشد المتفائلين في الجزائر، من مختصين ومتابعين، ينتظر هذا المشوار جد مشرف لـ "الخضر" في هذه البطولة الإفريقية، بالنظر إلى المشاكل الكثيرة التي كان يتخبّط فيها، ليس فقط المنتخب، بل بطولة كرة اليد برمتها منذ عدة سنوات.
لقد ذهب المنتخب الوطني لكرة اليد إلى القاهرة للمشاركة في نهائيات كأس إفريقيا وهو في حالة "روداج"، وعليه أكثر من علامة استفهام حول نقص جاهزيته وقلة خبرته وضعف إمكانياته المادية وإعادة تركيبته البشرية وعدم هضم جيد للعلاقات التكتيكية بين لاعبيه وغياب النجومية فيه.. وغيرها من المحدوديات التي سافر بها المنتخب إلى هذه المعركة الإفريقية لكرة اليد، ومع ذلك أبلى البلاء الحسن وكاد أن يحقق المفاجأة الكبرى.
لم يكن ذلك صدفة، مثلما قد يعتقد البعض، ولم يكن "ضربة حظ"، كما يلمّح البعض الآخر، ولكنه ليس سوى إشهاد آخر بأن المنتخبات الإفريقية الكبرى ومنها المنتخب الجزائري التي لها تاريخ وتقاليد في كرة اليد (7 ألقاب قارية)، تمرض ولا تموت، وهي مثل طائر "الفينيق" تخرج من الرماد بعدما اعتقد الجميع أنه مات للأبد. كيف لا وقد كان المنتخب والاتحادية الوطنية لكرة اليد قبل أسابيع فقط، يعيشان أزمة متعددة الأوجه والفصول، واتهامات وتضارب بالملفات بين المدرب السابق المقال ورئيسة الاتحادية كادت أن تعصف بالجمل بما حمل. وقبلها أزمة شرعية انتخابات الاتحادية التي ألغتها الفدرالية الدولية لعدم تطابقها مع القوانين، وهو مناخ معادي آخر للتحضير الجيد للمنتخب الوطني، ومع ذلك كما يقال "المعاونة غلبت السبع".
أن يتمكن المنتخب الوطني لكرة اليد في ظرف قصير جدا، قلب طاولة كل هذه المعطيات السلبية ويتغلب على كل هذا المناخ السيء، ويفتك تأشيرة بلوغ مونديال النرويج والدانمارك وكرواتيا لعام 2025 من خارج الديار ويسيل العرق البارد للمنتخب المصري المتوّج بالكأس الإفريقية في المباراة النهائية، فهو منتخب يستحق أن ترفع له القبعة عاليا، لأنه منتخب يملك شخصية قوية لم تؤثر في لاعبيه، كل المشاكل وما أكثرها التي مرت بها كرة اليد، سواء في المنتخب أو في البطولة الوطنية بمختلف أصنافها، وهو ما يؤكد أن المادة الأولية الخام موجودة ولا تنضب، تحتاج فقط إلى من يستثمر فيها، بتخصيص مزيد من الإمكانيات، وهي العملية التي كانت مفقودة في السنوات الأخيرة، ويتعيّن تداركها بسرعة كبيرة بعدما أعطى هذا المنتخب استعداده الكامل للدفاع عن ألوان البلد، والكرة الآن موجودة في مرمى الوزارة الوصية والاتحادية لتوفير الدعم المطلوب حتى لا يبقى النجاح ظرفيا وضمان ديمونته، وهو المطلوب، يكون بوضع استراتيجية وبرنامج له.