38serv
يغادر المدرب الوطني جمال بلماضي الجزائر اليوم متجها إلى قطر دون الإمضاء على فسخ العقد بالتراضي بينه وبين الإتحادية الجزائرية لكرة القدم.
ورغم أن بلماضي وافق على فك الارتباط بالتراضي حين التقاه وليد صادي بمدينة بواكي الإيفوارية لحظات قبل عودة المنتخب إلى الجزائر عقب الإقصاء من الدور الأول في نهائيات كأس أمم إفريقيا، إلا أنه تراجع عن قراره عند وصوله إلى الجزائر.
وأصر جمال بلماضي على الاستفادة من كل حقوقه المالية وفق العقد المبرم والذي يتبقى منه 35 شهرا ما قيمته 7 ملايين و 280 ألف أورو، كون ملحق العقد الذي أمضاه بلماضي مع رئيس "الفاف" السابق جهيد عبد الوهاب زفيزف بتاريخ 4 أكتوبر 2022 ، فيما اقترح عليه صادي منحه ثلاثة رواتب شهرية ثم ستة رواتب شهرية مقابل فسخ العقد بالتراضي، غير أن بلماضي الذي أمضى على عقده بجواز سفر فرنسي وليس جزائري، رفض مقترح رئيس الفاف.
ويطرح تغيير بلماضي لموقفه بإصراره على تمكينه من كل مستحقاته المالية، عدة تساؤلات حول خلفية الموقف المتعنت لمن قال إن عقدا معنويا يربطه بالشعب، رغم أنه خرج من الدور الأول في "كان كوت ديفوار"، مسجلا ثالث إخفاق، بعد خروجه من الدور الأول في "كان الكامرون" قبل عامين، وعدم تأهله، شهرين بعد ذلك، إلى مونديال قطر 2022.
وبعدما كان مقررا التقاء صادي وبلماضي أمس الأحد للفصل في القضية، إلا أن المدرب الوطني غاب عن الإجتماع، وقد رفض مقترح فسخ العقد بالتراضي الذي منحه إياه رئيس الفاف يوم الخميس الماضي لدراسته والذي يتضمن منحه تعويضا بثلاثة رواتب شهرية، مثله مثل مساعديه الذين فسخوا عقودهم وغادروا الجزائر، ليرفع صادي، بعد ذلك، المقترح إلى تعويض بستة رواتب شهرية، غير أن المدرب الوطني رفض وأصر على حصوله على كل مستحقاته المالية المنصوص عليها في العقد الذي ينتهي بتاريخ 31 ديسمبر 2026.
وخلال الأيام التي يقضيها بالجزائر منذ عودة المنتخب يجر أذيال الخيبة من كوت ديفوار، التقى بلماضي بانتظام برئيس "الفاف" الأسبق خير الدين زطشي وتناول معه وجبات عشاء في بيته عدة مرات، بما يبرز تجاوز العلاقة بين الرجلين الجانب المهني، على اعتبار أن زطشي هو الذي منحه في بداية عقده بتاريخ 1 أوت 2018 راتبا شهريا قدره 108 ألف أورو ثم رفعه إلى 208 ألف أورو حين توج باللقب القاري بمصر عام 2019، مدونا هدف الوصول إلى كأس العالم قطر 2022 في العقد وأحقية "الفاف" بفسخ العقد دون تعويض في حال الفشل في تحقيق الهدف، فيما ضم العقد الأول الممضي بين الطرفين في 2018 على منح بلماضي تعويضا للفاف براتبين اثنين في حال فسخه للعقد من جانب واحد، مقابل منح "الفاف" له تعويضا برواتب سنتين في حال إقدامها على فك الارتباط من جانب واحد، ليتم تعديل هذا البند في ملحق العقد سنة 2019 حين توج بلماضي بكأس إفريقيا للأمم ورفع راتبه إلى 208 الف أورو شهريا، بجعل اية رغبة من الجانب في فك الإرتباط يرتكز على التراضي.
وعند خسارة تأشيرة المشاركة في مونديال 2022 بعد الخسارة أمام الكامرون في 29 مارس 2022، كان عمارة شرف الدين هو رئيس الإتحادية، وبدلا من تفعيل بند التخلي عن بلماضي بسبب عدم التأهل إلى نهائيات كأس العالم بفسخ العقد، وجد رئيس الفاف نفسه مضطرا للرحيل تحت ضغط الجماهير التي تضامنت مع بلماضي رغم فشله الثاني، ليأتي جهيد عبد الوهاب زفيزف لرئاسة الاتحادية ويحتفظ بالمدرب الوطني إلى غاية نهاية 2022، ويمدد عقد بلماضي بتاريخ 4 أكتوبر 2022 إلى غاية31 ديسمبر 2026، رغم أن مونديال الولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك ينتهي في جويلية 2026 وليس في ديسمبر.
ورغم تمديد العقد بأربع سنوات كاملة للمدرب الوطني بعد إخفاقين كبيرين، إلا أن زفيزف، الرئيس السابق للاتحادية، احتفظ بنفس راتب بلماضي ولأربع سنوات أخرى دون تحديد أي هدف في العقد، بل إن زفيزف اختار عدم تحديد شروط فسخ العقد من جانب واحد وقيمة التعويض، واحتفظ ببند مبهم دونه قبله زطشي في ملحق العقد سنة 2019، والذي ينص على تفاوض بين الطرفين حول إجراءات الطلاق بالتراضي.
مغادرة بلماضي للجزائر يندرج في مخطط الضغط على الفاف لدفعها لإقالته، وهو ما نصحه به "أصدقائه" المنتفعين من بقائه والذين يخشون تلاشي "الحصانة" عنهم برحيله، حتى أن الحملة التي تشنها بعض الصفحات بهدف استمالة الجماهير لدعم بقاء بلماضي لم تعد بريئة وتترك الانطباع بأنها ممنهجة، ما يبرز بوضوح بأن الإصرار على بقاء بلماضي يتعدى الجانب الرياضي والمهني، حتى أن فرض حالة الانسداد بينه وبين "الفاف" يندرج في سياق دفع رئيس الفاف وليد صادي إلى إقالته ليلبس المدرب الوطني الذي تعتبره الفيفا مدربا فرنسيا في خلاف مع الاتحادية الجزائرية لكرة القدم، ثوب الضحية من جهة، ولإثقال كاهل الفاف بقيمة مالية خرافية تبلغ 7 ملايين و 280 ألف أورو، كافية لأن يدوس "الوطني" على "العقد المعنوي مع الشعب"، وأن يتحول، بين عشية وضحاها، من مدرب جزائري إلى مدرب فرنسي.
وتعتزم الاتحادية الجزائرية لكرة القدم اتباع الإجراءات القانونية للتوصل إلى حل واقعي ومنطقي بعيدا عن المساومات، وهو ما يرفضه بلماضي بدعم من المنتفعين، حتى وإن استدعى الأمر تعريض مصلحة ومستقبل المنتخب للخطر، بل وحتى وإن استدعى الأمر إيداع بلماضي شكوى ضد الجزائر على مستوى الفيفا بهويته الفرنسية.
وستواصل الفاف إجراءات التفاوض مع المدرب الفرنسي للمنتخب الجزائري جمال بلماضي (على اعتبار أن العقد الذي يتمسك ببنوده يثبت بأنه أمضى بجواز سفر فرنسي وليس جزائري)، وذلك على مراحل بموجب أحكام العقد ذاته الذي وافق خلال بلماضي على تفاوض مفتوح إلى غاية التوصل إلى فك الارتباط بالتراضي.