سقوط مخز لـ"بروباغندا" "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"

+ -

وضع قرار محكمة العدل الدولية على محدوديته، علامة سوداء على "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم"، وهي المقولة الكاذبة التي يرددها قادة الكيان في كل مناسبة، ومن دونها، واضحي بموجب القرار الجديد لمحكمة لاهاي "الجيش الأكثر قذارة في العالم" والمتهم رسميا بـ"الإبادة" وهكذا تهدمت الصورة والأسطورة.

هذا الأمر المتولّد عن المحاكمة التي جرت في لاهاي، يعتبر أهم إنجاز بغض النظر عن محتويات القرار الأخرى، لأنه حطّم العمود الفقري لأكبر "بروباغندا" روّج لها الاحتلال الصهيوني على مر السنين لخداع الرأي العام العالمي لتثبيت أركان كيانه، من خلال تسويق صورة "نظافة" الحروب التي يقوم بها جيش الاحتلال في المنطقة، بترديد إجباري لمقولة "الجيش الأكثر أخلاقية في العالم" وأيضا "الدولة الديمقراطية الوحيدة في المنطقة" لكسب التعاطف العالمي. هذا الزعم الكاذب تهاوى بشكل غير مسبوق وتحطمت صورته على جدران محكمة العدل الدولية التي خلصت إلى أن ما تعرض له الفلسطينيون من إبادة، لا يمكن أن يقوم به جيش له ذرة من "الأخلاقية" أو حكومة لها ذرة من "الديمقراطية".

هذا الصنم الذي بناه الكيان من خلال "بروباغندا" ليركع له العالم، واستطاع للأسف من خلاله أن يفلت دوما من الحساب والعقاب والتمرّد على قرارات الشرعية الدولية، سقطت لأول مرة في أروقة محكمة لاهاي وتناثرت أشلاءها أمام أنظار وأسماع الرأي العام العالمي الذي يكتشف لأول مرة فيلما آخر غير الفيلم الذي كان اللوبي الصهيوني يجبر العالم على مشاهدته. ومثلما أظهرت أحداث طوفان الأقصى سقوط أسطورة الجيش الذي لا يقهر، فقد سجلت مداولات قضاة محكمة العدل الدولية، أن الجيش الذي يرفع يافطة "الأكثر أخلاقية" يمارس الإبادة الجماعية، وهو بالتالي الأكثر قذارة في العالم.

ولعل هذا الأمر وراء ما ذهبت إليه مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا آلبانيز، التي قالت بأن "محاكمة إسرائيل في محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب حرب إبادة في قطاع غزة، تفتح عهدا جديدا في العلاقة بين دول الجنوب العالمي والشمال العالمي، وتسلط الضوء على حروب إبادة لم يُعترف بها بعد".

كما ذكرت آلبانيز، أن "الحجج التي قدّمها الادعاء الجنوب إفريقي في المحكمة كانت قوية في سعيها لإثبات وجود نية إسرائيلية مبيّتة لارتكاب إبادة في غزة، وأن انبراء خبراء قانونيين من جنوب إفريقيا وإيرلندا للدفاع عن شعب ما زال يتعرّض للاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الذي نكّبت به جنوب إفريقيا سابقا، كان مؤثرا للغاية".

ولم تجانب صحيفة "دي فيلت" الألمانية في الشرق الأوسط، الحقيقة عندما وصفت "قرار محكمة العدل الدولية بأنه يشكّل ضربة لإسرائيل"، ويكون ذلك وراء الارتباك في موقف الخارجية الألمانية التي حاولت استباق قرار المحكمة بإصدار بيان قالت فيه "حتى الحق في الدفاع عن النفس يخضع لقواعد، والقانون الإنساني الدولي ينطبق أيضا على الحرب ضد الإرهابيين … يجب على إسرائيل أن تحترم هذا، على غرار كل دول العالم الأخرى … يجب على إسرائيل زيادة المساعدات الإنسانية لغزة في شكل عاجل"، وذلك لإنقاذ نفسها من الفضيحة التي وقعت فيها عندما انضمت للدفاع عن الكيان المحتل واعتبرت بأن "قبول المحكمة للقضية التي لا أساس قانوني لها"، فبماذا ستبرر ألمانيا موقفها أمام شعبها وأمام الرأي العام العالمي بعد القرار الصادر عن محكمة لاهاي. وما يقال عن ألمانيا يصدق أيضا على كل حكومات الدول الغربية التي قدّمت "دعما لامشروط" لجيش الاحتلال لتنفيذ مخطط إبادة الشعب الفلسطيني. فحتى وإن كان قرار المحكمة يخص الكيان المحتل، فإنه يجعل من تلك الدول شريكة معه في تلك الإبادة. الأكيد أن قرار محكمة لاهاي وإن لم يكن في المستوى المنتظر ، غير أنه من دون شك سيغيّر خريطة المواقف الدولية ويحرّك خطوط كانت حمراء، ويعيد رسم معالم جديدة سواء في الشمال أو في دول الجنوب الشامل التي دشنت جنوب إفريقيا طريقه بمعية دول أخرى.

 

كلمات دلالية: