+ -

لست مع الذين اعتبروا خروج "الخضر" من الدور الأول لـ "كان" كوت ديفوار، بـ "المفاجأة"، على كثرة أصحاب هذه المقولة، فلا هي مفاجأة ولا هم يحزنون، لأن كل الأضواء كانت تدلّ على هذه العودة المبكرة للديار إلا لمن لم يرد النظر إليها أو لديه مشكلة عمى الألوان.

المنتخب كان بلا "روح" ولا "قلب" ولم يكن ينبض في جسمه أي شيء يبقيه على الحياة ولا يدفع به بمثل هذه السرعة لإدخاله إلى قاعة "المشرحة" لتشريحه ومعرفة سبب انطفائه لثاني مرة بنفس الحالة المرضية، بعد الذي حدث في دورة الكاميرون.

لم يكن المنتخب "جاهزا" لهذه "الكان" بأي نوع أو مستوى من الجاهزية، رغم أن المدرب قال "إننا جاهزون"، وهو الذي يفترض أنه استخلص دروس دورة الكاميرون السابقة. لكن سقط المنتخب في "بواكي" بنفس ما وقع له في جابوما، وهذا يطرح سؤالا كبيرا. هل المدرب كان يعي ما يقول بخصوص "الجاهزية"، وهو الذي عرف معناها في دورة "الكان" بالقاهرة؟ أم أنه نسي معناها تماما، وقد أعمته الأسماء التي أنسته في "الجاهزية" بعدما تضمّنت القائمة أكثر من لاعب خارج "الفورمة".

ليس العيب في الخسارة ولا التعادل ولا حتى في الإقصاء على مرارته، وإنما العيب في أن يلدغ المنتخب الوطني من نفس الجحر مرتين متتاليتين وبنفس السيناريو تقريبا، وهي صدمة ثانية ربما ستفتح آفاقا أخرى، شريطة أن لن يتم التعامل معها بنفس طريقة صدمة الكاميرون، حيث تم رمي الغبار تحت السجاد كطريقة لتنظيف تلك الخيبة.

هذه المرة يوجد الجميع أمام "الحيط"، جهات مسؤولة، فيدرالية وأنصار، من أجل خلق من مثل هذه الصدمة الجديدة جلسة مساءلة حقيقية مع كافة المعنيين، ليتبين الخيط الأبيض من الأسود حول ما الذي لا يسير كما يجب في هذا المنتخب.

من الخطأ وضع كل "البيض" في سلة المدرب وتحميله كل الأوزار، لأن المنتخب كله بخطوطه الثلاثة، لم يكن موجودا في "كان" كوت ديفوار، ولست هنا بصدد تبرئة ساحة بلماضي الذي لم يعد يملك ما يقدّمه كجديد للمنتخب واستنفذ كل الرصيد الذي كان لديه منذ الإقصاء من مونديال قطر على الأقل، ومن الخطأ أيضا السعي للبحث عن تبريرات لتغطية حقيقة لا صلة لها بالواقع، لأنه يعتبر قراءة غير صحيحة لما حدث، وبالتالي وصفة العلاج المقترح لها سيكون ضارا وساما، لأنه كان تشريح خاطئ على طول الخط.

رغم أن صدمة الإقصاء من "كان" الكاميرون ومن المونديال لم تحدثا الإصلاح المطلوب داخل المنتخب. فهل تؤدي صدمة الإقصاء "الثالثة" من "كان" كوت ديفوار إلى تحقيق الإصلاح العميق في المنظومة الكروية، ابتداء من البطولة الوطنية إلى مدارس وأكاديميات التكوين، مرورا بالملاعب وكوادر التدريب وغيرها. أنا أؤمن بأن بعض الأزمات لا تحلّ إلا بواسطة حدوث الصدمة، وها هي الصدمة حدثت وتنتظر من يرينا "حنّة يديه".

 

كلمات دلالية: