38serv
يروج قادة الاحتلال الصهيوني لما يصفونه بالمرحلة الثالثة من الحرب أو من العدوان على قطاع غزة الذي دخل شهره الرابع، ورغم كل هذه المدة لم يستطع أن يحقق أي هدف من بنك الأهداف التي وضعها رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، رغم حجم الأسلحة والأفراد الذين تم الدفع بهم إلى ساحة المعركة والدمار التي خلفته العمليات والفاتورة البشرية العالية في صفوف المدنيين الفلسطينيين.
وحسب تصريحات قادة الحرب الصهاينة والخبراء العسكريين فإن المرحلة الثالثة من الحرب ستنتقل من "القصف الكثيف إلى القصف المحدد وسحب العدد الأكبر من القوات من داخل قطاع غزة إلى الحدود". وقال وزير الحرب الصهيوني، يوآف غالانت، لصحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية، إن القوات الإسرائيلية ستتحوّل مما أسماها "مرحلة المناورة المكثفة في الحرب" إلى "أنواع مختلفة من العمليات الخاصة"، لكنه لم يحدد موعدا لبدء هذه المرحلة.
وكانت هيئة البث الإسرائيلية قد كشفت أن الجيش "انتقل إلى المرحلة الثالثة من الحرب في بعض المناطق بقطاع غزة مع قوات أصغر حجما".
ويأتي الإعلان عن المرحلة الثالثة من الحرب في ظل ضغط دولي متصاعد على الكيان الصهيوني بسبب حجم الجرائم التي ارتكبها في حق المدنيين بقطاع غزة والضفة الغربية، إذ تجاوز عدد الشهداء 23 ألف شهيد أغلبهم أطفال ونساء، فيما يتواجد أكثر 7 آلاف شخص تحت الأنقاض. وينتظر أن تبدأ محكمة الجنايات الدولية يوم غد الخميس أول جلساتها للنظر في الدعوى التي رفعتها جنوب إفريقيا مدعومة من بوليفيا ضد الكيان الصهيوني بسبب هذه الجرائم والإبادة الجماعية التي ترتكبها.
لكن بالرغم من دعوات وقف إطلاق النار وصدور قرار من مجلس الأمن بإدخال المساعدات للنازحين في القطاع المحاصر، إلا أن الكيان يواصل عدوانه مدعوما من الولايات المتحدة وعدة دول غربية مؤثرة في مجلس الأمن، حيث يسعى إلى تحقيق بعض من الأهداف التي أعلن عنها رئيس الحكومة الصهيوني بنيامين نتنياهو، المتمثلة في تدمير الأنفاق واسترجاع الأسرى وتفكيك القوة العسكرية لحركة حماس، لكن بالرغم من انقضاء ثلاثة أشهر من العمليات لم يستطع جيش نتنياهو أن يحقق أي هدف من هذه الأهداف.
ويسعى وزير الخارجية الأمريكي، الذي التقى أمس بالمسؤولين الصهاينة، لإقناعهم بخفض العمليات العسكرية والسماح للمدنيين بالعودة إلى شمال القطاع. وكان بلينكن قد زار كلا من تركيا وقطر والسعودية والإمارات قبل زيارته الكيان، في محاولة لمنع توسع جبهة الحرب إلى مناطق أخرى، في ظل انخراط كل من الحوثيين في اليمن وحزب الله في لبنان في المعركة.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه بالنسبة للمرحلة الثالثة من الحرب التي يروج لها الكيان، التي يقول إن عملياتها ستكون دقيقة ومحددة وستكون مفتوحة زمنيا، هو ما الذي يمكن أن تحققه هذه المرحلة من أهداف وضعتها دولة الاحتلال، وهي نفس الأهداف التي لم تستطع أن تحققها على مدار ثلاثة أشهر؟ وهل ستحقق العمليات "الجراحية" أهدافا عجزت عن تحقيقها العمليات الواسعة؟
المؤكد أن قادة الاحتلال يعيشون إرباكا كبيرا بفعل كشف المقاومة مواطن القصور في جسد الكيان ومحدودية قادته في إدارة المعركة عسكريا وإعلاميا. فعلى سبيل المثال أكد وزير الدفاع أنهم تمكنوا من تفكيك القدرات العسكرية للمقاومة في شمال القطاع، لكن بعد حوالي أسبوع من هذا الإعلام تدك تل أبيب برشقات صواريخ من شمال القطاع وتواصل المقاومة تكبيد قوات الاحتلال خسائر بشرية ومادية غير مسبوقة بالرغم من كل القوات والآليات التي تم الدفع بها إلى ساحة المعركة والحديث المتكرر عن تحقيق إنجازات عسكرية كبيرة في غزة.
وتظهر أهداف الحرب المعلنة والأهداف المحققة وتصريحات المسؤولين الصهاينة أن هؤلاء منفصلون عن الواقع أو لا يريدون أن يتقبلوا الحقيقة بأنهم تورطوا في حرب لن ينتصروا فيها وأنهم يراكمون الهزيمة تلو الأخرى، وكلما طالت الحرب سيزداد حجم خسائرهم وعلى كل المستويات.
واعتبرت جريدة "يديعوت أحرونوت" العبرية في مقال أنه "في 7 أكتوبر سقطت "إسرائيل" في حفرة عميقة ولا يمكن تصور الخسارة والضرر والثمن الذي يجبيه وسيجبيه منّا ذلك اليوم في المدى القصير وفي المدى الطويل"، لكن بالنسبة للصحيفة فإنّ السؤال الأهم: "كيف نخرج من الحفرة؟". وأضافت أنه "على مدى الأشهر الثلاثة الماضية كنا نسمع أخبارا عن هزيمة حماس والقضاء على حماس، لكن هذه الأخبار لا تعكس الواقع وهناك مسافة كبيرة بينها وبين تدمير حماس". المعطيات تؤكد أن ما لم يتم تحقيقه في ثلاثة أشهر وفي مرحلتين من العمليات العسكرية لن يتم تحقيقه في المرحلة الثالثة ولن تكون هناك حتما مرحلة رابعة أو مرحلة التسويات السياسية التي يريد أن يفرضها الكيان على غزة، وأن أقصى ما يمكن أن تحققه آلة الحرب الصهيونية هو الإعلان عن إنهاء العدوان وسحب القوات من القطاع ودخول قادة الكيان مرحلة الحرب الحقيقية لتقديم جرد حساب قائمة الهزائم الطويلة والعريضة التي تكبدوها على يد المقاومة الفلسطينية وتحضير أنفسهم للمحاكمة بتهم الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة التي ارتكبوها في غزة.